تفاصيل إضافية عن شبكة الموساد التي أسقطها فرع المعلومات اللبناني

إعداد - ليلى عباس

2022.02.01 - 07:04
Facebook Share
طباعة

 في واحدة من أكبر العمليات الأمنية التي تنفذها قوى الأمن الداخلي اللبناني منذ عام 2009 فكك فرع المعلومات أكثر من 15 شبكة تجسّس إسرائيلية، تنشط على مختلف الأراضي اللبنانية، وصولاً إلى سورية.


منذ أربعة أسابيع، بدأ فرع المعلومات وبسرية تامة بالتنسيق مع قيادة الأمن الداخلي والنيابة العامة التمييزية، بكشف الشبكات التجسسية وكل منها منفصلة عن الأخرى، بما يسجل تهاوِ لشبكات الموساد الإسرائيلي، والعملية الأمنية لم تتوقف عند لبنان فقط، بل شملت كل الساحات التي يعتقد العدو بأن لحزب الله عملاً أو نفوذاً فيها، من لبنان وسورية وفلسطين إلى العراق واليمن، بالإضافة الى إيران نفسها.


وتشير مصادر صحفية، إلى معطيات ذات طابع أمني “حساس للغاية” أظهرت أن أجهزة استخبارات العدو نجحت، خلال العامين الماضيين، في لبنان وسورية وربما في أماكن أخرى، في تنفيذ مجموعة من العمليات الأمنية اللافتة في نوعية الأهداف وطريقة التنفيذ، ولم يتوقف العدو عن إرسال وحدات من النخبة للقيام بالعمل التنفيذي، إلا أنه لجأ في الوقت نفسه الى فرق أُخضعت لتدريب دقيق قادرة على التكيّف مع العمل في ساحات عربية، على طريقة عمل فرق “المستعربين” في فلسطين المحتلة، مع فارق أساسي يتعلق بطبيعة المهمة.”


وأشارت المصادر إلى الجهد الخاص الذي استطاع عبره فرع المعلومات اللبناني الكشف على جبهة مكافحة التجسس الإسرائيلي، وقد حقّق الفرع، في السنوات الماضية، إنجازات كبيرة صبّت في خدمة هذا الهدف، فتمكّن من الإيقاع بعدد من شبكات التجسس للعدو في مصيدته، وخصوصاً بعد التطور الكبير الذي شهده على الصعيد التقني وفي الاستعلام البشري، بالإضافة الى الخبرة في التحليل والرصد والقيام بمقاطعة المعطيات.


وأضافت أنه في مواجهة ما يقوم به العدو، طوّرت المقاومة أساليب الأمن المضاد، ونجحت، في كثير من الأحيان، في توجيه ضربات وقائية، وفي اكتشاف شبكات تجسّس أو عملاء منفردين، ما دفع العدو الى إدخال تعديل جوهري على آلية العمل، مستفيداً إلى حد كبير من التغييرات الكبيرة التي تشهدها ساحات المواجهة، وخصوصاً في لبنان وسورية.


وفي التحقيقات ظهرت مفاجآت كثيرة، منها أن فرع المعلومات اكتشف وجود اختراق للعدو داخل الفرع نفسه، وفي موقع شديد القرب من قيادته، وتبيّن من التحقيق مع المشتبه فيه أن هدف الاختراق جمع معطيات مما يسمعه بحكم موقعه، وتحديد هويات ضباط في الفرع والأدوار التي يقومون بها.


كما تبيّن وجود خرق في حزب الله تمثل في تجنيد أحد عناصر «التعبئة في الحزب (وهو من بلدة جنوبية) شارك في مهام في سورية، وقد أوقف جهاز أمن المقاومة المشتبه فيه، وتبيّن بالتحقيق معه أنه جُنّد بواسطة منظمة ادّعت أنها تعمل لمصلحة الأمم المتحدة، وتقوم بأعمال إحصاء ودراسات واستطلاع رأي.


وتم اكتشاف مشتبه فيه سوري موجود في دمشق، نسّق جهاز أمن المقاومة مع الأجهزة الأمنية السورية لتوقيفه. وقد أقرّ بأنه كان يعمل على رصد مقارّ مدنية وعسكرية وتجارية، ويوفّر خرائط طرقات ومبان في العاصمة السورية، من دون أن يعرف الهدف من وراء جمع هذه المعلومات.


المصادر بيّنت أن العدو تمكّن من اختراق عدد من العاملين في منظمات وجمعيات غير حكومية وتجنيدهم لجمع معطيات عن الوضعين السياسي والاجتماعي، ومعلومات عن عقارات ومنازل في الضاحية الجنوبية وفي الجنوب، إضافة إلى معلومات تقليدية عن مراكز لحزب الله وبعض مراكز الجيش، ومعلومات عن أفراد في حزب الله والاستفسار عن علاقات لأشخاص مع أفراد ومسؤولين في الحزب.


والعملية أدت لاكتشاف وجود عمل مركّز على مجموعات حركة “حماس” في مخيمات لبنان، مع طلب المشغلين رصد قدوم أشخاص فلسطينيين من خارج المخيمات إليها، ورصد بعض الأمكنة التي يمكن أن تكون مخصصة للاستخدام العسكري. ويركّز التحقيق على صلة المشتبه فيهم (تم توقيف أحد المتصلين بـ”حماس”) بانفجار مخيم البرج الشمالي في 11 كانون الأول الماضي.


وبحسب ما أظهرت التحقيقات، كان بين الموقوفين مهندسو اتصالات طُلب من أحدهم التخطيط لتأسيس مراكز اتصالات في بيروت، كما أن هناك شباناً يافعين لا خبرة لهم في أي مجال.


وتقول المصادر إنه “خلال عملية الرصد والتحقيق، نجح فرع المعلومات في كشف آلية التواصل بين المشتبه فيهم ومشغّليهم وطريقة إيصال الأموال للمجنَّدين. وفي التفاصيل، فإن التواصل كان يتم عبر مواقع إلكترونية وغرف دردشة مغلقة، أو عبر اتصالات هاتفية بواسطة خطوط هاتف لبنانية”.

ومن خلال العملية بدا أن أجهزة أمن العدو أرادت تفادي تكرار خطأ “الرقم الأمني” الذي كان يُعتمد سابقاً وتم اكتشافه، إذ كان المشغّلون يلجأون الى منح العميل رقماً أجنبياً لاستخدامه في التواصل معهم.


المحققون كشفوا أسلوب عمل جديداً للعدو الإسرائيلي مختلفاً عن السابق، فقد تبيّن أنّ معظم عمليات التجنيد حصلت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وأنّ دافع عدد من المتورطين كان الحاجة إلى المال بسبب تردي الوضع الاقتصادي، ما مكّن العدو من إغرائهم. وأحياناً، كان المشغّل يطلب معلومات بسيطة على سبيل التجربة لقياس مدى جدية العميل في التعاون.


أما في ما يتعلق بالدفعات المالية، فكانت تسلّم عبر شركات تحويل الأموال (…Western Union,OMT). وكان مصدر الأموال بلدان في أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية وأفريقيا وآسيا. وتبيّن أن الأموال كانت تُحوّل بمبالغ صغيرة حتى لا تلفت الأنظار، بحيث تصنف في خانة المساعدات التي يرسلها المغتربون اللبنانيون الى ذويهم. كما أن بعض الحوالات كانت ترسل بأسماء أبناء المشغّلين أو أقربائهم من صغار السن، وبيّنت التحقيقات أنّ عدداً من الموقوفين قبضوا تحويلات بمبالغ تراوحت بين ١٠٠ دولار و ٢٠٠ دولار فقط، مقابل إعطاء معلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.


وتقول المصادر إن عدد الذين خضعوا للتحقيق معهم على مدى الشهر الماضي تجاوز الـ 35 شخصاً، وقد أُوقف نحو 20 منهم لدى فرع المعلومات، فيما يوجد موقوف لدى جهاز أمن المقاومة، وموقوف آخر في سورية. وأطلق سراح من تبيّن أنهم يقومون بأعمال مشابهة لم يثبت أن لها علاقة بالعدو.


ومن تم توقيفهم منهم من جنسيات لبنانية وفلسطينية وسورية، واللبنانيون منهم من كل الطوائف (سنّة وشيعة ودروز ومسيحيون)، وقد عملوا انطلاقاً من معظم المناطق اللبنانية، من بنت جبيل جنوباً الى طرابلس شمالاً، مروراً بصيدا وبيروت وجبل لبنان وكسروان.


وتشير التحقيقات إلى أن 12 من الموقوفين على الأقل كانوا على علم بأنهم يعملون لمصلحة العدو الإسرائيلي، وأن البقية كانوا يعتقدون بأنهم يعملون لمصلحة مؤسسات دولية أو منظمات غير حكومية. كما تبيّن أن من بين الموقوفين من نجح في نسج علاقات وثيقة مع “بيئة المقاومة”، ما سهّل لهم التحرك في مناطق الجنوب والبقاع والضاحية، كما أن أحدهم عمل حتى توقيفه مع شخصية بيروتية بارزة.


كما تبيّن أن أحد الموقوفين، وهو من طرابلس، برّر تعامله مع العدوّ بأنه يكره حزب الله و”مستعد للقيام بأي شيء ضد الحزب”. وقد اعترف بأنه بادر الى الاتصال بالإسرائيليين الذين نقلوه في إحدى المراحل إلى الأردن، حيث خضع لدورات متخصصة ولفحص كشف الكذب، ثم أُخضع لتدريب على استخدام طائرات من دون طيار. وقد زُوّد بإحداها واستخدمها في بعض مهامه.


ومن بين الموقوفين شخص اسمه الأول سيرجيو، يعمل في واحدة من الجمعيات التي نبتت بعد 17 تشرين 2019، أقرّ بأنه تلقّى تمويلاً لشراء آلاف الكمامات من أجل توزيعها بعد أن يطبع عليها عبارة “كلّن يعني كلّن… نصر الله واحد منن”.


وقد أقرّ أحد الموقوفين بأنه، مقابل 300 دولار، خبّأ شرائح هاتفية (Sim cards) في ثقب أحدثه داخل أحد الكتب، قبل أن يشحنه إلى عنوان خارج لبنان بواسطة DHL، وأقر ثلاثة آخرون بانهم بناءً على أوامر من مشغّليهم، عملوا على الاستحصال على إفادات عقارية لمعرفة أسماء مالكي عقارات في مناطق مختلفة، كما طلب منهم استئجار شقق في عدد من المناطق وترك مفاتيحها في أمكنة معيّنة.


ومن المفترض في الساعات المقبلة أن يلجأ فرع المعلومات إلى تزويد الجهات القضائية المختصة بمحاضر التحقيقات تمهيداً لاتخاذ القرار بإحالة الموقوفين الى المحكمة العسكرية مع المضبوطات التي تشمل كمية من الأموال.


من جهتها، علقت ​شعبة العلاقات العامة​ في ​قوى الأمن الداخلي​، على ما ورد في إحدى الصحف عن توقيف شبكات تعمل لصالح ​اسرائيل​، مشيرة الى أنها تستغرب "عدم الحسّ بالمسؤولية من هذه الوسيلة الإعلامية خاصةً قبل الانتهاء من ​التحقيقات​، مع العلم أننا في كل مرّة يصدر من قبلنا بياناً مفصلاً عن استكمال أي تحقيق، ونؤكد أننا أوقفنا حتى الآن سبعة عشر شبكة تعمل لصالح العدو ​الإسرائيلي​".


وشددت على أنه "لا صحة لوجود أي خرق لدى ​شعبة المعلومات​ في قوى الأمن الداخلي أو أي توقيف لضابط أو عنصر في هذه الشعبة أو في أي جهاز أمني أو عسكري آخر، ويبدو أن كاتب المقال على علمٍ أكثر منّا بأن هناك تورّط لشخص تابع لأحد الأحزاب تمّ توقيفه من قبلهم، والتحقيقات لا تزال مستمرّة بإشراف ​القضاء​ المختص".

وأكدت أن "المديرية تهيب بوسائل الإعلام الالتزام بالدقة والتأكد من المعلومات قبل نشرها".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 9