فضيحة في المجتمع الاسرائيلي

إعداد – عبير اسكندر

2022.01.31 - 03:55
Facebook Share
طباعة

 "لا أحد يملك الحقّ في لمس المناطق الخاصة بجسمك"، لم تردع هذه العبارة التحذيرية بعض الكهنة الصهاينة من ممارسة الاعتداء الجنسي على الأطفال في المجتمع  المتديّن داخل كيان الاحتلال.


تعود العبارة لكتاب نشر لأول مرة عام 2012، لمكافحة ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال في المجتمع الصهيوني المتعصب، من قبل كهنة وشخصيات دينية شهيرة تورطت بهذه القضايا وتم كشفها بعد شكاوى رسمية قدمت بهذا الخصوص.


ومع تزايد الفضائح الجنسية التي أخذت تهز الجالية الأرثوذكسية المتشددة في إسرائيل، ومع استمرار كيل الاتهامات إلى شخصيات دينية بارزة، المعلم والمعالج الديني "حاييم والدر"، الذي يكتب للأطفال الأرثوذكس، ومن مؤلفاته سلسلة "الأطفال يتحدثون (Kids Speak)"، الذي استغل تقرب الفتيات والسيدات منه للمشورة النفسية والجنسية، واعتدى على العشرات منهم على مدار عقود.


وحينما تم كشفه على العلن وبالاثباتات أقدم والدر على الانتحار مطلقاً الرصاص على نفسه في مقبرة وسط الكيان المحتل، بعد أن صارت قصته عبرة في المجتمع الاسرائيلي وخاصة وسط صفوف الكهنة ومن يتقنع بهذه الفئة ليصل إلى غايات أخرى.


ويعيش المجتمع الأرثوذكسي المتطرف في إسرائيل  حياة منغلقة ومعزولة، وقد  اعتاد الكهنة على التعامل مع حالات العنف وسوء السلوك الجنسي داخليا دون تنبيه السلطات الخارجية التي تعتبر أجنبية بالنسبة إليهم. وعلى سبيل المثال، وصل التعتيم على إحدى قضايا الاعتداء الجنسي إلى حدِّ تواطؤ طاقم "تكناه"، وهو هيئة مؤلفة من الكهنة لمعالجة قضايا الاعتداءات الجنسية في المدارس الدينية بالتعاون مع وزارة العدل الإسرائيلية، من أجل عدم إيصال قضية اغتصاب طالبة  إلى المحكمة، ورغم أن تلك الفتاة التي درست في الكلية الدينية "بَايِت فَغَان" في القدس تعرَّضت للاغتصاب من أحد المعلمين في الكلية، فإن تلك الجهات أصرت على اعتبار القضية محض علاقة جنسية بين شخصين بالغين لإغلاق الملف.


وقبل نحو عامين، كانت قد اعتقلت الشرطة الإسرائيلية، كاهنا  بإحدى مستوطنات، شرق مدينة رام الله بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصر ، وجاء اعتقال الحاخام بعد تقديم شكوى للشرطة من قبل احد طلابه قبل 6 شهور، ذكر فيها بأنه تعرض للاعتداء الجنسي من قبل الحاخام العام 2014/ وجرى تمديد اعتقال الحاخام البالغ من العمر 45 عاما من قبل محكمة الصلح في مدينة القدس.


وعندما يتم إبلاغ الشرطة عن حالات الاعتداء الجنسي، فإنه لا يمكن في كثير من الأحيان مقاضاتهم لأن الضحايا يقررون عدم المضي قدمًا في القضية، أو الموافقة على إبرام صفقة (عادةً ما يكون الدفع نقدًا) مع المتهم، خوفًا من الانتقام.


ورغم أن معدل الاعتداء الجنسي داخل مجتمعات المتطرفة هو نفسه تقريباً في أي مكان آخر، غير أن معظم الضحايا، وعلى مدى أجيال، لم يتقدموا باتهامات بسبب الخوف من الوصم من قبل المجتمع، وعندما تقدموا ظلت المسألة مسألة خاصة داخل المجتمع، وذلك بدلاً من إبلاغ الشرطة بها وتشكيل جزء من إحصاءات الجريمة.


 وقد صرح المدعي العام تشارلز هاينس قائلاً: "بمجرد أن نعطي اسم المدعى عليه ... (الكهنة وغيرهم) سيشتركون في هذا المجتمع في بحث لا يرحم الضحايا ... وهم جيدون جدًا في تعريف الضحايا وتهديدهم، وبالتالي ستنهار القضية". وصف هاينز التخويف الذي يحدث في هذه الحالات على أنه أسوأ من أي شيء آخر شاهده في حياته المهنية، بما في ذلك قضايا الغوغاء وحالات فساد الشرطة.


بالتوازي، خرجت مبادرات مكافحة التحرش والاغتصاب العالمية، فظهرت مبادرة "لن تصمت" التي تعد اليوم واحدة من أكثر الدعوات انتشارا بين الاسرائيليين  ليعلنوا صراحة عن الجرائم والجناة دون خوف من قبضة رجال الدين داخل مجتمعهم، ودون تقيُّد بالاعتقاد الديني الصُّلب القائل بأن السلطات العلمانية لا يحق لها مساءلة رجال الدين.


الدعوة هذه يبدو أنها تهز أركان السلطات الدينية المنغلقة، إذ يدور الحديث فيه عن إنشاء منتدى أرثوذكسي خاص لاستقبال الشكاوى، والرقابة على ممارسات رجال الدين، في أول اعتراف بأن الظاهرة تجاوزت حد السكوت، وبات ينبغي التعامل معها قبل انهيار سمعة المجتمع المتدين وتقوض تقاليده بلا رجعة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 6