طموحات جديدة لتحرير الشام تثير مخاوف معارضيها في شمال سورية

عمر قدور

2022.01.31 - 11:55
Facebook Share
طباعة

لم تنقطع حملات الاستياء الشعبية بين سكان ادلب بسبب ممارسات تنظيم هيئة تحرير الشام، لكن اللافت هو الحديث عن نواحٍ جديدة لم تكن تأخذ حيزاً كبيراً من الاحتجاج، وهي مسألة التعليم، وعدم اهتمام التنظيم بالمدارس رغم حصاده للأموال عبر الضرائب والأتاوات، مقابل انتشار كثيف للمدارس الدينية التي تتبع التنظيم، يُضاف إلى ذلك استمرار اختفاء شيوخ ودعاة ومدرسين في معاهد شرعية خاصة، وانتشار ظاهرة بناء القصور والمولات في ادلب وريف حلب.
عفرين تحت مجهر تحرير الشام
مر أسبوع على اعتقال تنظيم تحرير الشام لمشايخ معهد طلائع الإيمان المستقل، بالتوازي مع معلومات خاصة وصلت لآسيا نيوز تفيد باعتقال التنظيم لمهاجرين مغاربة، وذلك ضمن ما وصفتها مصادر الوكالة بأنها حملة ممنهجة للقضاء على كل مهاجر غير سوري وكل مستقل.
و تضيف مصادر آسيا نيوز في ادلب بأن تحرير الشام ومنذ عدة أيام تقوم بعمليات دهم واعتقال لعدد من المهاجرين أي المقاتلين غير السوريين المتواجدين في مناطق سيطرتها، فيما ربطت جهات أخرى هذه الإجراءات بهروب قياديين من داعش يحملون الجنسية التركية وهم مطلوبون لأنقرة.
إلى ذلك تعلو الانتقادات بين سكان ريف ادلب لما يُسمى بالجهاز الأمني التابع لتحرير الشام، وأكبرها أنها لا تستقبل أي شكاوى عن تجاوزات الفرق الإغاثية أو المنظمات الأخرى أو مدراء المخيمات المتهمين بالفساد، حيث قال مصدر خاص فضل عدم ذكر اسمه لوكالة آسيا ينوز : يتم إرسال الشكوى إلى إدارة المهجرين والتي بدروها تتفاوض مع المدعو عليه سواءً أكان منظمة أم مدير مخيم للحصول على حصة من مسروقاته وأرباحه، ليبق المدّعون وأصحاب المظالم دون حقوق، ويشجع الظالم والفاسد على فساده وسرقته وفق تعبيرها.
تتزامن تلك الانتقادات مع مخاوف لدى أوساط مقربة من ميليشيات منتشرة في الشمال السوري، من نوايا تنظيم تحرير الشام بسط سيطرته أكثر على مناطق خارج ادلب، حيث رأت هذه الأوساط أن انخراط الهيئة في الخلاف بين فرقة السلطان سليمان ، و عزم ، يعكس مخاوفها من سيطرة الأخيرة على مناطق ما يُسمى بالجيش الوطني في ريف حلب، خصوصاً بعد أن دعا قياديون في الهيئة بضرورة تسلم جهة محايدة لملف التحقيق بين المتخاصمين، وهو ما اعتُتبر رغبة وعلنية من الهيئة باختراق المشهد هناك.
مصدر محسوب على ما يُسمى بالجيش الوطني قال لآسيا نيوز بأن لدى الهيئة مطامع في مد نفوذها غلى ريف حلب، وتتمثل بالمكاسب الاقتصادية بعد وصول سلطتها لمنطقة عفرين مثلاً، وهو ما تقاطع مع ما قاله مصدر آخر وصف نفسه بالمطلع، حيث أوضح لآسيا نيوز بأن الهيئة تسعى لتكون شرطي المنطقة الوحيد في الشمال لذا من الطبيعي ان نراها تلعب دور الوسيط بين فرقة السلطان سليمان شاه وغرفة عمليات عزم ونراها تدعم الفرقة من منطلق اختراقها للسيطرة على مناطق غصن الزيتون وريف حلب الشمالي والاستفادة الاقتصادية منه وفق تعبيره.
مخاطر أدلجة التطرف في ريف ادلب
رغم وجود منظمات إغاثية وناشطة تركية وغربية وغيرها تدخل وتخرج من وإلى ادلب عبر تركيا، ورغم وجود أموال ومساعدات من أجل إقامة مدارس تستوعب ما أمكن من أطفال ادلب وريفها، إضافةً لأطفال المخيمات، إلا أن الواقع التعليمي غاية في السوء بحسب ما أكد بعض المعلمون لآسيا نيوز.
حيث أشار هؤلاء إلى انتشار متنامي وكثيف للمدارس الدينية على حساب المدارس التقليدية، وسط اتهامات لتحرير الشام بعدم صرف المساعدات على تلك المدارس وتركيزها لدعم وإقامة المدارس الدينية على حساب المدارس الأخرى.
مصدر مهتم بهذا الملف في ريف ادلب، أشار لمراسل آسيا نيوز بأن الفئات المستهدفة من الأطفال في المدارس الدينية في هذه المرحلة هم الأيتام إضافةً لأطفال مقاتلي الهيئة، حيث يتم تعليم المواد الدينية فقط ويتم الاعتماد على كتيبات مختصرة للألباني وابن تيمية وابن القيم الجوزية، إضافةً لكتيبات ومحاضرات مختصرة لشيوخ متقدمين مثل العثيمين وابن باز، إلى جانب كتب التفسير، وكتب الحديث .
وضيف المصدر: تقوم الهيئة بمحاولة استقطاب الطلاب وذويهم عبر منح ميزات ووعود بأن أبنائهم سيكونون الجيل التالي الذين سيقودون المنطقة، وأنه لهم ميزات واهتمام استثنائي، فضلاً عن توفير مستلزمات التعليم على الأهالي كالثياب والقرطاسية والأحذية والمعاطف.
معلومات وكالة آسيا نيوز تشير إلى أن ما تُسمى بدار الوحي الشريف باتت تمتلك عشرات المدارس المنتشرة في ريف ادلب وبلدات أريحا وإدلب ومعرة مصرين وبنش وكللي وحزانو والأتارب وأطمة وكفرلوسين وبابسقا وسرمدا وسلقين وحارم وباريشا وقورقنيا واليعقوبية وأرمناز، وأعداد طلابها تفوق الـ 15000 طالب.
بعض الأوساط المعارضة لسياسة تحرير الشام أعلنت مخاطر عظيمة بسبب انتشار وتغول هذه المدارس وتأثيرها على تربية الأطفال، مشيرةً إلى إمكانية إنشاء أجيال متطرفة، فضلاً عن تحولها إلى خزان رئيسي يمد تحرير الشام بالمقاتلين والانتحاريين، إذ تتم أدلجة الأطفال بسهولة على كل أفكار الهيئة وتحويل أهدافها وطموحاتها إلى أهداف مقدسة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 5