أسواق حلب القديمة منح مالية للترميم الجزئي وليس لبناء ما دمرته الحرب

وكالة أنباء آسيا – نور ملحم

2021.06.16 - 06:10
Facebook Share
طباعة

 
في سوق السقطية بحلب، لم يفتح سوى عشرة متجراً أبوابه من 53 متجرا، فأصحاب الأعمال إما رحلوا إلى الخارج أو إلى مناطق أخرى بسورية.
وفي سوق خان خير بك في حلب القديمة فهناك متجرين يستقبلون الزائرين والصحفيين الذين يترددون لهذه الأسواق بهدف التصوير من أصل 41 متجراً قاموا بفتح متاجر ضمن مناطق لم تكون ضمن دائرة الحرب في حلب 
وفي الخان العتيق، وهو فناء حجري قبالة سوق حلب القديم، لا تزال معظم متاجر الملبوسات وعددها 41 متجرا مهجورة، فقد انتقل كثير من أصحابها إلى أماكن أخرى أو إلى الخارج هرباً من الاشتباكات في المدينة التاريخية التي كانت مركزا اقتصاديا رئيسيا قبل الحرب.
لا حياة لمن تنادي...
يقول أبو محمد وهو التاجر الوحيد في السوق المهدوم لـ " وكالة أنباء آسيا" الكثير بدأ عملا جديدا خارج سورية في مصر وتركيا ولا رغبة لهم بالعودة بعد الكم الهائل من المصائب الاقتصادية التي تحل في بلدنا ، كما فتح  بعض التجار الحلبية متاجر جديدة في مناطق أخرى من البلاد مثل دمشق واللاذقية وطرطوس لذلك  لا رغبة لهم بالعودة أيضاً بعدما أصبح لهم زبائن في هذه المحافظات .  
يكمل العم ذو 65 عاماً كانت المنسوجات أحد الأعمدة الرئيسية التي يقوم عليها نشاط الأعمال في حلب حتى بداية الحرب عام 2011، وكان الخان الواقع في قطاع سوق الزرب من مدينة حلب القديمة المدمرة مركزا لنشاط المنسوجات، ولكن انقلب حال الاقتصاد السوري بفعل سنوات الحرب الثمانية التي أدت إلى تقسيم البلاد بين قوى متصارعة وشردت الملايين. 
المشهد الذي طل لنا عبر وسائل الإعلام الرسمية بأن الحياة الاقتصادية بدأت تدور من جديد في أسواق حلب داعين التجار إلى المبادرة فوراً بالتعاون مع غرفة التجارة والمؤسسات المعنية في المحافظة لإعادة تأهيل متاجرهم  لما لذلك من انعكاسات إيجابية على الحركة التجارية في المدينة، ولكن هي في الواقع وجه معاكس ، فالأسواق تشبه بالمثال " لا حياة لمن تنادي " فلا زبائن ولا تجار ولا محلات ولا زحمة مثل التي كانت قبل الحرب .
إعادة تأهيل وليس إعمار ...
وتتم إعادة تأهيل السوق بمساعدة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو واحد من العديد من برامج المنظمات الأخرى المهتمة بإعادة تأهيل المناطق في حلب القديمة.
يشير باسل الزاهر، وهو مهندس سوري مشرف على المشروع في تصريح لـ " وكالة أنباء آسيا" أن البرنامج برنامج مهتم بعملية إعادة التأهيل، وليس إعادة الإعمار، حيث إن إعادة التأهيل تشمل الترميم وليس البناء من نقطة الصفر
مضيفاً، نقوم بعملية إعادة التأهيل في هذه الأسواق مثل إعادة الأحجار إلى شكلها الأصلي وإظهار الطابع الأثري له . 
وبحسب الزاهر فإن إصلاح الأسواق القديمة أمر صعب لأنه يتطلب الكثير من الدراسات لإعادة المناطق القديمة إلى شكلها الأصلي مبيناً أن 30% من المتاجر عادت للممارسة عملها من جديد بعد ترميمها. 
وأشار المهندس، إلى أن العديد من الشركات والمؤسسات مهتمة بالاستثمار في إعادة إعمار حلب القديمة، ولكن هناك مشكلة في تمويل مشاريع الترميم نتيجة للعقوبات الغربية في سورية.
منحة جزئية للترميم فقط ...
وصلت مجموع خسائر إلى نحو 102 مليار دولار ووفق البنك الدولي ويحاول أصحاب المحال يحاولون ترميم متاجرهم بشكل فردي أملاً منهم بعودة الحياة من جديد 
يقول أبو رائد تاجر قماش حلبي في تصريحه لـ " وكالة أنباء آسيا" وضع الأسواق القديمة مأساوي فالعديد من المحلات مهدمة وبعض الأسقف تتساقط منها الحجارة بين الحين و الآخر .
مبيناً إن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “UNDP” يقدم منحة مالية قدرها نحو 500 ألف ليرة سورية لترميم بعض المحلات التجارية، وذلك بعد تقديم التجار أوراق تثبت ملكيتهم لتلك العقارات، لافتاً إلى أن هذه المنحة لا تقدم لأصحاب المحلات المهدمة، ولكنها تعطى فقط لترميم المحال المتضررة جزئياً حيث يتم تركيب الأبواب والرفوف والقيام بأعمال الديكور، ويشترط على أصحاب المحال الذين يستفيدون من هذه المنحة فتح محلاتهم وبدء نشاطهم التجاري بعد الانتهاء من عمليات الترميم.
ويؤكد التاجر أن عمليات الترميم الجزئية ليست كافية لإعادة السوق لنشاطه، مشيراً إلى أن البنية التحتية باتت مدمرة بشكل شبه كامل وكذلك بعض الأسواق كسوق الذهب.
وحول إمكانية عودة أصحاب المحلات لمزاولة تجارتهم في السوق، قال التاجر إن هناك الكثير من التجار يرفضون العودة في ظل الوضع الراهن، نظراً لنقل نشاطهم منذ فترة طويلة إلى مناطق أخرى فضلاً عن عدم ثقتهم بالجدوى الاقتصادية في حال عودتهم للعمل في الأسواق القديمة دون إجراء ترميم كامل.
محاولة حكومية لتدوير العجلة ...
وفي سياق متصل يستعد مجلس مدينة حلب بالتعاون مع غرفة التجارة لإطلاق دراساته وخططه الجديدة إلى حيز التنفيذ بهدف إعادة تنشيط وتفعيل عمل شركة (أسواق حلب) وذلك في إطار التخفيف من الأضرار الكبيرة التي لحقت بأسواق حلب خلال فترة الحرب الإرهابية
حيث تؤكد غرفة تجارة حلب  ضمن اجتماعاتها الدائمة أن إعادة تأهيل السوق يأتي في إطار خطط الغرفة لإعادة إحياء أسواق حلب القديمة ومن منطلق الحرص على التواصل مع التجار وأصحاب المحلات للعودة إلى محلاتهم وإعادة دوران عجلة الاقتصاد في هذه الأسواق وانعاشها من جديد
وأن العمل جارٍ على إعداد دراسة خاصة بأسواق حلب القديمة بالتعاون مع منظمات وهيئات دولية بهدف القيام بعمليات ترميم وتأهيل نوعية للأسقف الحجرية للأسواق والتي تضم 3300 محل حجري قديم و36 خاناً.
حيث تم تشكيل لجان من تجار حلب لإعادة تأهيل أسواق ضهرة عواد ومساكن هنانو وإعادة توظيف سوق الخالدية كمول للتسوق إضافة للعمل على تأهيل سوق الزرب بحلب القديمة الذي يربط قلعة حلب بباب أنطاكية.
وفي الوقت الذي تم  إعادة فتح جميع الطرق في المدينة القديمة إضافة لتنظيفها بجهود أهلية وحكومية ورغم إنه لا يزال عدد من واجهات المتاجر مغلقا، إذ أنه لم يُرمّم بعد، فإن أماني التجار الصامدون في حلب أن تعود الحياة الاقتصادية للأسواق  إلى سابق عهدها والتي تتميز بقدمها فهي تعود  إلى نحو 4 آلاف عام، وتضم أكثر من 4 آلاف محل و40 خاناً تأثرت من الحرب، وفي العام 2013، أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) على قائمة المواقع العالمية المعرضة للخطر.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 10