اعتبرت الكاتبة في مجلة "فورين بوليسي" (foreign policy) الأميركية علياء إبراهيم أنه بعد وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي، فإن المصير النهائي لهذه الجولة الأخيرة من الصراع، سيتحدد بعيدا عن ساحة المعركة أيا كانت نتيجة القتال.
وتابعت – الباحثة السابقة في جامعة أكسفورد وكلية لندن للاقتصاد- "ربما اختار (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو الوقت الخطأ لشن غارات جوية ضد واحدة من أكثر المناطق كثافةً سكانية على وجه الأرض، حيث تقلّ أعمار 50% من السكان عن 15 عاما، وهذا يعني أنه استهدف على الأغلب الفترة الثقافية الخطأ".
وذكرت الكاتبة أن الحرب الأخيرة والهجمات السابقة على غزة تتسم بنوع من الاستمرارية. فعلى سبيل المثال، كانت واحدة من كل 4 وفيات في غزة من المدنيين، بما في ذلك الأطفال (66 من أصل 248)، كما هو الحال مع عملية الجرف الصامد عام 2014.
لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يغير تكتيكاته ولم يضبط استعماله للقوة، بل واصل نشر قواته الجوية العسكرية التي استهدفت الأبراج السكنية التي يقيم فيها سكان بسطاء يعيشون في ظل الحصار، بحسب تعبير الكاتبة.
ويتمثل الفرق الوحيد هذه المرة في أن العنف في غزة اكتسب طابعا عرقيا، وتقاطع مع نقاش عالمي حول العنصرية الممنهجة، وهو ما يمكن أن يغير إطار "الصراع"؛ فالنقاش حول الأعراق في سياق "الصراع" الإسرائيلي الفلسطيني يمكن أن يستقطب جيل الشباب الذي يهتم بالقضايا العالمية، على غرار تغير المناخ وانعدام المساواة الاقتصادية.
وبحسب الكاتبة، يشكل الشباب اليهودي الأميركي قوة حاسمة في هذه المجالات الثقافية المتغيرة، وهم يكافحون من أجل التوفيق بين وجهات نظرهم التقدمية في السياسة وما ترتكبه إسرائيل من فظائع في حق شعب آخر.
وأشارت الكاتبة إلى أن تعبير حركات عالمية مثل "حياة السود مهمّة" عن تضامنها مع الفلسطينيين، يلفت الانتباه إلى النضال الأساسي والعالمي من أجل التحرر العرقي.
وقد ساهم هذا المنظور الجديد لمساءلة الرواية الإسرائيلية الرسمية في تغيير المصطلحات التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وشملت الحرب سلسلة من أعمال العنف العنصرية في القدس وأماكن أخرى، على غرار مداهمات شرطة الاحتلال الإسرائيلية للمسجد الأقصى في أول وآخر أيام رمضان وفي ليلة القدر، وإطلاق القنابل الصوتية والرصاص المطاطي على المصلين، بالإضافة إلى استمرار تهديد التهجير القسري الوشيك للعائلات العربية في حي الشيخ جراح بالقدس من خلال حكم قضائي جائر. كما شهدت عدة مدن محتلة اشتباكات عنيفة بين المواطنين.
وسلّطت هذه الأحداث الضوء على منشأ ما يسمى بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو استيطان على الطراز الاستعماري لطالما سعت حكومة الاحتلال الإسرائيلية الرسمية إلى التعتيم عليه. ولا تزال "إسرائيل" القوة المحتلة للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، إذ لا تزال تفرض حصارا عسكريا رغم نقل المستوطنين منها عام 2005.
وحتى داخل الاراضي المحتلة، يمارس التمييز الممنهج ضد المواطنين العرب على أسس عرقية، وهي ممارسات باتت توصف بشكل متزايد على أنها ترتقي لسياسة الفصل العنصري، ولعل أحدث دليل على ذلك هو العدد غير المتناسب للاعتقالات ولوائح الاتهام الصادرة في حق عرب 48.
وتختم الكاتبة بأنه في هذا الخطاب العالمي الناشئ، تعتبر حياة الفلسطينيين مهمة بقدر أهمية حياة الإسرائيليين، ولن يساعد أي انتصار عسكري "إسرائيل" في التملص من المساءلة.