الشرق الأوسط.. تحول تاريخي في التحالفات الأمنية

إعداد - رؤى خضور

2021.05.28 - 09:56
Facebook Share
طباعة

 
تشهد التحالفات الجيوسياسية في منطقة الخليج تحولات سريعة أظهرت أن التغييرات في الاستراتيجية الإقليمية في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن كانت جذرية بطريقة أو بأخرى.
ويمكن النظر إلى "ذوبان الجليد" الملحوظ في العلاقات السعودية التركية مؤخراً، والتقارب بين السعودية وقطر، ثم الاجتماع في بغداد بين مسؤولين أمنيين في السعودية وإيران، والذي قاد بدوره إلى تقارب سعودي سوري، على أنها "نتاجات" للتحول في السياسات الأمريكية.
في حين قدم التحول التاريخي للعلاقات بين الكيان الإسرائيلي والإمارات العربية المتحدة ورقة تثبيت للتجمع الإقليمي الجديد غير المسبوق الذي ظهر في الأفق، والذي يضم أربع دول من شرق البحر الأبيض المتوسط ​​وغرب آسيا والخليج العربي (اليونان، قبرص، الكيان الإسرائيلي، الإمارات).
ومع ذلك، فإن التحول في الاستراتيجية الأمنية الخليجية التقليدية
للولايات المتحدة، المتمثل بتقسيم المنطقة إلى معسكرين متنافسين لتأجيج أي كراهية تجاه إيران والاستفادة منها لتعزيز المصالح الأمريكية، هو التحول الذي سيمتلك تأثيراً مهدئاً على المنطقة.
وفي الوقت الذي توقع معظم النقاد الغربيين أن تكون إيران "الخاسر" في المصالحة السعودية القطرية، جاءت تكتيكات المواربة لدول الخليج العربي لنسف هذه التوقعات، فبعد أن استفادت طهران من الخلاف الخليجي عندما اندلع قبل ثلاثة أعوام ونصف، وأتاحت الأزمة لإيران فرصة لرفع شراكتها مع الدوحة إلى مستويات جديدة، أصبحت الآن العلاقة الدافئة بين إيران وقطر سمة دائمة للدبلوماسية الخليجية.
في غضون ذلك ، تشير الدلائل إلى أن المحادثات في فيينا للعمل على عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ورفع العقوبات الإيرانية تتقدم بشكل جيد، وسيؤدي ذلك إلى إعادة التفكير في الرياض.
بالطبع، قد لا يتحول تخفيف التوترات السعودية الإيرانية إلى صداقة بين عشية وضحاها، التناقضات الحادة تفسد تلك العلاقة، لكن تعليق العداء المتبادل وحده من شأنه تحسين الوضع الأمني ​​في الخليج.
مع كل هذا، تقلص مجال توسيع دائرة اتفاقات أبراهام في منطقة الخليج في اتجاه مناهض لإيران، وهذا يفسر جزئياً سياسة "النظر إلى الغرب" التي يتبعها الكيان الإسرائيلي والإمارات للتعاون مع اليونان وقبرص لتشكيل مجموعة أمنية إقليمية جديدة.
ويمكن رؤية الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية للدول الأربع في بافوس، جزيرة قبرص الواقعة على البحر المتوسط، في ضوء ذلك، فوصف المضيف، وزير الخارجية القبرصي نيكوس كريستودوليدس، الحدث بأنه حقبة جديدة للمنطقة مدفوعاً بالرؤية المشتركة لشرق البحر الأبيض المتوسط ​​الأوسع والشرق الأوسط والخليج.
ويأمل المشاركون الأربعة في تحقيق عمق استراتيجي في السعي وراء عداءهم المشترك تجاه تركيا من خلال تجميع مواردهم وتعزيز التعاون المتبادل الشامل.
على المستوى الأمني والدفاعي أعلن الكيان الإسرائيلي واليونان مؤخراً عن أكبر صفقة شراء دفاعية بينهما تتضمن عقداً بقيمة 1.65 مليار دولار لإنشاء وتشغيل مركز تدريب لسلاح الجو اليوناني من قبل الشركة الإسرائيلية (إلبيت سيستمز) على مدار 22 عاماً.
وفي الوقت ذاته، لدى الإمارات واليونان أيضاً برنامج تعاون دفاعي مهم، وتخطط اليونان للحصول على 40 طائرة مقاتلة بما في ذلك طائرات رافال الفرنسية وطائرات الشبح المقاتلة الأمريكية F-35، وبحسب ما ورد وافقت إدارة بايدن على بيع 50 طائرة من طراز F-35 إلى الإمارات.
من الواضح أن المصالح اليونانية والإسرائيلية والإماراتية تتقارب بشأن احتواء طموحات تركيا المتصاعدة للهيمنة الإقليمية، والتي تتفق معها قبرص أيضاً، والأهم من ذلك، أنها تتمتع أيضاً بدعم الولايات المتحدة، في حين ابتعدت السعودية ومصر بشكل ملحوظ عن مجموعة الدول الأربع، وبدلاً من ذلك أعطتا الأولوية لاستقرار علاقتهما مع تركيا.
فيما يخص الاتفاق النووي، يتوقع الكيان الإسرائيلي أن الزخم نحو الشراكة الأمريكية الإيرانية أصبح لا يمكن إيقافه، وأن أي نموذج أمني خليجي جديد سيتضمن حتماً إدراج إيران، لذلك يحتاج الإسرائيليون إلى التفكير بجدية وبسرعة لأن الشبح الإيراني بات قريباً.
في المحصلة، هناك شبه إجماع على أن المشهد السياسي في منطقة الشرق الأوسط يبقى عصيّاً على التفسير والتعميم، ويبقى تحليل الوضع الراهن مجرد محاولة لفهم مختلف أوجه التجاذب والتفاعل بين أبرز الفاعلين السياسيين في المنطقة.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 9