"إسرائيل" خسرت المعركة مرتين

إعداد - رؤى خضور

2021.05.24 - 07:53
Facebook Share
طباعة

 لطالما تمتعت إسرائيل بدعم من الحكومات الغربية وشعوبها، وحتى في التصعيد الأخير استمرت معظم الحكومات الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، في دعم تل أبيب بشكل صريح، لكن هذا الكلام لا ينطبق على الرأي العام الغربي، لأن آلافاً من الناس في مختلف الولايات الأمريكية والمدن الأوروبية مثل لندن وبروكسل وبرلين ومدريد وباريس ودبلن تظاهروا ضد الهجمات الإسرائيلية على غزة.

ولا شك أن الشعب الفلسطيني، الذي يقاوم بضراوة وحده، تمكن اليوم من رفع وعي العالم تجاه محنته، ويقول سامي العريان، الأستاذ الفلسطيني الأمريكي البارز المنفي من الولايات المتحدة، "ما نراه اليوم هو أن هناك تحولاً كبيراً في عديد من العواصم حول العالم متمثلاً في رفض نظام الفصل العنصري الصهيوني والتطهير العرقي الذي يحدث اليوم في فلسطين".

وبالرغم من استمرار الدعم الغربي للعدوان الإسرائيلي والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين، فإن ظهور المشاعر العالمية المؤيدة للفلسطينيين وازدياد شعبية قضيتهم يشير إلى أن "إسرائيل" تخسر صورتها وحرب الأفكار التي لطالما انتهجتها لترويج مشروعها، والتي "قد تكون خسارتها ضربة مدمرة لإسرائيل"، بحسب خبير القانون الدولي البارز ريتشارد فولك.

ولأول مرة بعد خمسة عقود من احتلال الصهاينة للأراضي الفلسطينية، سمحت المحكمة الجنائية الدولية (ICC) للمدعي العام ببدء تحقيق شامل في جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحتى مع مواصلة واشنطن منع مجلس الأمن الدولي من محاسبة إسرائيل على أفعالها، هناك أغلبية ساحقة في الهيئة الدولية ترى أن الأعمال الإسرائيلية غير أخلاقية وغير قانونية، والاحتجاجات الأخيرة المؤيدة للفلسطينيين، ولا سيما في قلب العالم الغربي، تنذر بأن إسرائيل "في طور فقدان حتى الحجة السياسية" بعد أن فقدت مصداقيتها لأسباب قانونية وأخلاقية، كما أشار فالك.

وتخبرنا الأرقام بتغير الرأي العام الأمريكي تحديداً، وفقاً لاستطلاعات الرأي المختلفة، فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب في آذار/مارس أن الآراء الداعمة للفلسطينيين وصلت إلى "أعلى مستوياتها على الإطلاق" مقارنة بالأعوام السابقة مقابل تراجع التعاطف مع إسرائيل، وأشار الاستطلاع إلى زيادة مطردة في دعم الفلسطينيين، وأظهر استطلاع في العام 2019 أن 60٪ ممن شاركوا في الاستطلاع طالبوا واشنطن بعدم الانحياز لأي طرف في الصراع.

كما أظهر استطلاع آخر في آذار/مارس 2020 تطورات أكثر إثارة للقلق بالنسبة لإسرائيل فيما يتعلق بنفوذها على الشعب الأمريكي، فبالرغم من أن انتقاد إسرائيل كان من المحرمات السياسية سابقاً، أشار الاستطلاع إلى أن "ثلثي الأمريكيين بمن فيهم 81٪ من الديمقراطيين يقولون إنه "مقبول" أو حتى "واجب" على أعضاء الكونجرس الأمريكي التشكيك بالعلاقة الإسرائيلية الأمريكية"، ويعتقد بعض المحللين أن تكثيف الخطاب الليبرالي الأمريكي مدعوماً بانتقاد اليسار للأعمال الإسرائيلية، والذي يقوده قادة ديمقراطيون مثل بيرني ساندرز، وهو سياسي يهودي أمريكي، ساعد في تغيير الديناميكيات السياسية في الولايات المتحدة، إضافة إلى ما كشفته أبحاث أكاديمية ليبرالية أجراها أساتذة بارزون حول مقدار التأثير الإسرائيلي في خلق مخاطر سياسية لواشنطن هي في غنى عنها، وأشار الاستطلاع ذاته إلى احتمال انقسام الديمقراطيين في المستقبل لدعم كل من إسرائيل وفلسطين.

وفي أحدث مشهد لعدم ارتياح الديمقراطيين بشأن السياسة الإسرائيلية، أصدر التقدميون البارزون في الحزب خطاباً الأسبوع الماضي، حثوا فيه الرئيس بايدن، وهو ديمقراطي، على ممارسة "ضغط دبلوماسي" على تل أبيب لوقف اعتداءاتها على الفلسطينيين.

وبمقدور المطّلع على الصحف الإسرائيلية لمس التخبط الواضح لدى الإسرائيليين والشعور باهتزاز بنيانهم الداخلي، فقد نشرت صحيفة معاريف العبرية "بسبب إنهاء نتنياهو هذه الجولة دون تغيير في قواعد اللعبة مع غـــزة، من الواضح أن ح م ا س ستكون في الجولة القادمة قادرة على ضرب تل أبيب بالحدة ذاتها التي سحقت بها عسقلان هذا الأسبوع".

في حين ذكر استطلاع لموقع سيروجيم العبري أن 85% صوّتوا أن ح م اس من سيكون لها الكلمة الأخيرة في حال حصول تصعيد جديد، وهي آخر من سيوقف إطلاق النار، فيما توقع 15% أن الجيش من سيطلق النار أخيراً.

أي أن الداخل الإسرائيلي بات هشاً أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً أن التصعيدات مع أعدائهم في فلسطين وجنوب لبنان تخبرهم دوماً أن حكومتهم لا تمتلك المصداقية التي تحاول تصديرها، لا سيما أن الصهاينة فقدوا الحجج القانونية والأخلاقية وأفلسوا دولياً، لذا لا يسع إلا أن نستحضر مقولة غاندي الشهيرة "يتجاهلونك، ثم يهينونك، ثم يقاتلونك، ثم تفوز".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 3