الولايات المتحدة تصطدم بجدار روسي تركي في سورية

إعداد - رؤى خضور

2021.05.24 - 07:45
Facebook Share
طباعة

 في الوقت الذي مازالت فيه إدارة جو بايدن في خضم مراجعة لسياسة الشرق الأوسط، تكثف روسيا انتشارها العسكري في سورية، ولا سيما الشمال الشرقي، لإضعاف نفوذ ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

ومنعت القوات الروسية مؤخراً رتلاً عسكرياً أمريكياً في شمال شرق سورية، متهمة إياه بانتهاك الاتفاقيات العسكرية في البلاد، وأجبرته على العودة.

في الوقت ذاته، تعمل موسكو أيضاً على إعادة حليف رئيس للولايات المتحدة في البلاد، وهو قوات سورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد، والتي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية تزعزع الأمن.

وقد أثار قرار روسيا الأخير بسحب قواتها وعتادها العسكري من قاعدتين في تل رفعت شمال غرب سورية قلق قوات سورية الديمقراطية بالنظر إلى تقدم قوات المعارضة المدعومة من تركيا في المنطقة، والتي من المرجح أن تملأ أي فراغ ناتج عن المغادرة من القوات الروسية.

لذلك بعد الانسحاب الروسي، سمحت قوات سورية الديمقراطية للقوات التي تعمل بالوكالة لإيران بدخول المنطقة، وهو أمر لا تريده أنقرة ولا موسكو لأنه يهدد التوازن الذي حققته تركيا وروسيا وإيران من خلال عملية السلام في أستانا/سوتشي.

كما لجأت قوات سورية الديمقراطية إلى واشنطن طلباً للمساعدة، فالتقى مسؤولون أميركيون كبار الأسبوع الماضي بممثلين عن قوات سورية الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب والجماعات المرتبطة بها، وفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية.

وقال القائد العام لقوات سورية الديمقراطية، في رسالة على تويتر، الأسبوع الماضي "إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة سيبقى في شمال شرق سورية، أو منطقة روج آفا المتمتعة بالحكم الذاتي، حتى تحقيق النصر الكامل على داعش"، وأضاف أن واشنطن ستواصل دعم استقرار "الإدارة الذاتية".

لم يثر هذا الاجتماع غضب موسكو فحسب، بل أثار غضب أنقرة أيضاً، التي تتعارض مع واشنطن بشأن الدعم الأمريكي، ووفقاً لعديد من المحللين، فإن عديداً من المشكلات الحالية التي تعاني منها العلاقات التركية الأمريكية هي مشكلات هيكلية، بالتالي فهي مستمرة بغض النظر عمن يسكن البيت الأبيض، ومتعلقة تحديداً بظهور قسد التي وترت العلاقات بين البلدين، إذ تعتبر أنقرة أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاهلت المخاوف التركية ودعمت الإرهابيين، ما دفع أنقرة إلى شن ثلاث عمليات عسكرية في شمال سورية للقضاء على العناصر التي تعتبرها تهديدات لأمن تركيا واستقرارها.

علاوة على ذلك، دفعت سياسة واشنطن، المؤيدة لقوات سورية الديمقراطية، بأنقرة إلى تعزيز تعاونها مع روسيا، إذ يجمع الطرفين هدف واحد وهو مواجهة نفوذ الولايات المتحدة في شمال شرق سورية وتعاونها مع قوات سورية الديمقراطية، وهذا التعاون الروسي التركي المستمر يزعج قوات سورية الديمقراطية.

وبالرغم من أن موسكو قامت على مدى أعوام بتسليح الأكراد سعياً وراء مصالحها الجيوسياسية، إلا أن الكرملين لا يريد نشوء منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي ومدعومة من أمريكا والغرب في شمال شرق سورية، الأمر الذي قد يمهد لتأسيس وجود عسكري ودبلوماسي أمريكي دائم هناك، لذلك عندما طلب الأكراد من روسيا دعم دولة كردية مستقلة في سورية، رفضت موسكو ذلك للسبب الآنف ذكره وبسبب علاقاتها المعقدة مع تركيا وإيران اللتين تعارضان الخطط الكردية بشدة.

وبالرغم من تلقي الأكراد دعماً عسكرياً كبيراً من روسيا لمحاربة داعش، إلا أنهم لم يكونوا متأكدين من موقف موسكو العام وشككوا أن يكون هذا الدعم مؤقتاً فقط، فجاء تعزيز التعاون بين تركيا وروسيا في المنطقة الشمالية الشرقية ليثبت صحة مخاوف قوات سورية الديمقراطية بشأن موقف روسيا.

وجاء الانسحاب الأخير للقوات الروسية من المنطقة ليدق أجراس الإنذار عندما انسحبت منتصف نيسان/أبريل الجاري من قاعدتين عسكريتين في بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي، وقاعدة كشتار قرب بلدة دير جمال، وهي قاعدة مهمة للروس وقوات سورية الديمقراطية لأنها مجاورة للجبهات الأمامية للجيش التركي وقوات المعارضة المدعومة من تركيا، وبحسب تقرير حديث، نزل أهالي المنطقة، الذين كانوا قلقين من احتمال تقدم الجيش التركي نحو منازلهم في غياب أي قوات روسية، إلى الشوارع لمنع الرتل الروسي من المغادرة عبر قطع الطريق بإطارات محترقة.

بينما تعمل موسكو على زيادة قواعدها في سورية، من المرجح أن يصبح انسحابها من بعض أجزاء البلاد التي تهيمن عليها القوات المعارضة لتركيا استراتيجية تتماشى مع علاقتها الحالية مع أنقرة.

دون أن نغفل التطورات في دول الاتحاد السوفيتي السابق مثل أوكرانيا وأذربيجان، التي تعتبرها روسيا حديقتها الخلفية، ونفوذ تركيا المتزايد في هذين البلدين ودور ذلك في التأثير على نشاط موسكو في سورية.

بالتالي في ضوء هذه التطورات الجديدة، ليس من المرجح أن تجد قوات سورية الديمقراطية، نفسها مدعومة من التعاون التركي الروسي الضمني في شمال شرق سورية، لذلك ستبقى حليفة من يدعمها بحق، أي حليفة واشنطن.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 5