في 27 آذار/مارس، وقعت إيران والصين اتفاقية تعاون شراكة إستراتيجية شاملة مدتها 25 عاماً، وتشمل تعاوناً مكثفاً بين البلدين في إنتاج النفط والنقل والأمن، وأنشطة تطوير البنية التحتية للسكك الحديدية والطرق والموانئ في إيران، والتي تعتبر مهمة لمبادرة الحزام والطريق الصينية، فضلاً عن استخدام العملات الوطنية في الأنشطة المصرفية الدولية، وغير ذلك من القطاعات الإستراتيجية الأخرى مثل الدفاع والجيش وتكنولوجيا المعلومات.
ينظر خبراء دوليون إلى الاتفاقية الصينية الإيرانية بناءً على محتواها وتوقيتها، على أنها مناورة سياسية ضد الاتفاق النووي، الذي كان يتأرجح بين إدارتي واشنطن وطهران، ويزعم بعضهم أن تردد إدارة جو بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران يدفع إيران للاقتراب من الصين، بالتالي فإن الصفقة تغير قواعد اللعبة بالنسبة لإيران.
من ناحية أخرى، بالنظر إلى تجربة إيران الأخيرة مع كل من الصين والولايات المتحدة، يمكننا القول بأن الاتفاقية هي في الأساس قضية عالمية متعلقة بالتنافس العالمي بين الولايات المتحدة والصين بعد أن بدأت الولايات المتحدة في رؤية الصين كمنافس عالمي متنامٍ، وفي الحقيقة، تشير مزيد من التوقعات إلى أن انتقال القوة العالمية سيحدث بين الولايات المتحدة والصين بحلول العام 2050، نظراً لقدرة الصين الإنتاجية الهائلة والمتزايدة بوتيرة سريعة.
ولا شك أن الصفقة الصينية الإيرانية تعتبر تهديداً للولايات المتحدة، إذ أن توقيع الصين على اتفاقية مع إيران في منعطف حاسم في العلاقات الأمريكية الإيرانية يُعتبر تحدياً مباشراً لواشنطن، فاستخدام العملة الوطنية، على سبيل المثال، في تجارة النفط والخدمات المصرفية المشتركة، يُظهر قدرة الصين على تجاوز العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، ومن خلال هذه الاتفاقية أيضاً، تكون إيران قد حصلت على ضمان مبيعات النفط من الصين، كما ستساعد شراكات تطوير البنية التحتية مع الصين في خطط إيران لتصبح مركز عبور تجاري، وتفتحها أمام الدول المجاورة عبر مشاريع جديدة للموانئ البحرية والسكك الحديدية والطرق السريعة، وبالتالي يمكن للصين تعزيز وجودها الاقتصادي في الشرق الأوسط، وهذا يعني أن أقوى ورقة رابحة (العقوبات) للولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق النووي قد قوضت من خلال هذه الاتفاقية، وبذلك يبرز سيناريوهان لمستقبل الاتفاق النووي، حيث يمكن أن تتسارع عملية العودة للاتفاق خصوصاً من قبل واشنطن لتلافي خطيئتها في الانسحاب، أو ربما نشهد رفض إيران تقديم تنازلات للولايات المتحدة وهي تحمل ورقة رابحة على شكل صفقة صينية.
في كافة الأحوال، لن تحل الاتفاقية الصينية الإيرانية محل مفاوضات إيران مع الغرب، لكنها بالتأكيد ستقلب الموازين لصالح إيران في هذه الاتفاقيات، فإيران لا تستخدم إستراتيجية الانحياز إلى جانب واحد، بل ستستخدم جميع الصفقات التي أبرمتها والتي ستبرمها في المستقبل مع كل من هذه القوى العظمى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، كورقة رابحة و أساس لاتفاقاتها مع الآخرين، هذا هو المعنى الاستراتيجي لمبدأ "تعددية الأطراف في العلاقات الدولية"، الذي تؤكده الدبلوماسية الفارسية باستمرار.