خضر عواركة: لماذا تبدو الصين أقرب إلى اسرائيل منها الى أعدائها؟؟

خاص وكالة أنباء آسيا

2023.07.16 - 12:16
Facebook Share
طباعة

  

لماذا تبدو الصين أقرب الى إسرائيل منها الى أعدائها؟
كتب خضر عواركة – وكالة أنباء آسيا
 
ترفض الصين حتى اللحظة الانخراط في سياسة عدائية لواشنطن في ساحات سورية والعراق ولبنان. ورغم كل النداءات المهددة بالتوجه شرقا الا أن الشرق الذي أحبطت واشنطن إتفاقياته  الضخمة مع حكومة العراق في العام 2019  لا يبدو جاهزا للعمل في ساحات لا تؤثر واشنطن في قرارات حكوماته فيها مثل الساحة السورية. فطوال العقد الماضي والسلطة السورية تقوم سرا وعلنا بتقديم الاغراءات للصينيين دون جدوى.
في المقابل، تبدو الصين أشد قربا من الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة مما هي في علاقتها مع حلفائها الطبيعيين من أعداء أميركا.
وحتى حين أرسلت بكين مؤخرا مندوبا رفيع المستوى للقاء الرئيس السوري بشار الاسد، لم يكن الديبلوماسي الصيني  مهتما بأي من عروض السوريين الاقتصادية بل كان جل إهتمامه هو بحث إمكانية رعاية الصين لعملية مفاوضات مباشرة او غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب، وهو خرج من مقر الاسد لينطلق في رحلة مباشرة من مطار دمشق لى مطار تل أبيب.
 
هل صار الشيوعيون في بكين معجبين بالتجربة الاستيطانية الصهيونية؟؟
لا علاقة للصين ما بعد العام 1979 بالايدولوجيا في تعاملها مع الملفات الدولية. إسرائيل بالنسبة للصين مصدر حر للتكنولوجيا المتقدمة الغربية المصدر. والاقتصاد الاسرائيلي وموقع إسرائيل وتأثيرها في السياسات الاميركية الداخلية يجعلها حليفا طبيعيا للصين على الرغم من المحاولات الاميركية المستميتة للحد من تلك العلاقة, ومنافع العلاقة الصينية الاسرائيلية لبكين أكبر بما لا يقاس من منافع العلاقة مع بلد مثل سورية.
لا شيء سوى المصالح في ذهن من يرسمون سياسات الدول الكبرى والصين لا ترى مصلحتها مع سورية بل مع اسرائيل.
           "جاي بيرتون" أستاذ الشؤون الدولية في كلية بروكسل كتب في بحث حول الملف الصيني والشرق الاوسط، مبينا  إلى أنَّ الصين هي المستثمر المحتمل الرئيسي الآخر الذي يُشار إليه في سورية, مع ذلك, هناك الكثير من الكلام, ولكن ليس هناك الكثير من الإجراءات, وقال بيرتون في تقرير نقلته دويتشه فيله قبل اسابيع "أعرب السوريون عن اهتمامهم القوي بالاستثمارات الصينيَّة, وكان الصينيون منفتحين على هذه المناقشات", لكن انظر إلى الوضع الإيراني, تخضع أيضًا لعقوبات وتجري محادثات حول علاقتها مع الصين أيضًا, مع ذلك, فإن مستوى الاستثمار الصيني الفعلي في إيران ضئيلًا للغاية, حتى بعد اتفاقيَّة مدَّتَها 25 عامًا تم توقيعها قبل عامين".
من جهته أكد "مو جيلنيكي" من "AGSIW" أنَّ "مشاركة الصين الاقتصادية في الشرق الأوسط تتركز بشكل كبير في الاقتصادات الأكبر", ويضيف أن الصين تفضل الاقتصادات التي تتمتع بشكل مثالي بموارد طاقة وموانئ وقطاعات لوجستية قوية وأسواق كبيرة نسبيًا[1].
 ويقول مدرس السياسة والعلاقات الدولية بجامعة أكسفورد, "Samuel Ramani", في موقع "mei", إنَّ الخبراء الصينيين يشككون بشكل عام في فائدة روسيا كشريك إقليمي محتمل, وبالتالي التنسيق الدبلوماسي والأممي والسياسي في سورية, لا يعني تنسيق التعاون الاقتصادي, وبالتالي من المرجَّح أن تعمل روسيا والصين على تعزيز مصالحهما بطريقة موازية لكن ليس بالضرورة أن تكون مكمِّلة[2].
وقالت " ساشا هوفمان", "npa Syria", عمّا إذا كانت الصين مستعدَّة للاستثمار في سورية, وكذلك إعادة إعمار البلاد, على اعتبار أنَّها شريكا استثماريَّا جاذبا, كموقع, لكن سياسيَّاً, فهي تدخل في محور معادي للغرب "روسي ايراني", كذلك هي محاصرة بالعقوبات الغربيَّة, وبالتالي قد تفضِّل بكِّين أسواق الخليج الخالية نسبيًا من الصراع, على سورية التي مزقتها الحرب, وبالتالي في الوقت الحالي, قد لا تكون سورية مغرية بما يكفي للمشاركة بشكل أكبر, والأهم من ذلك, أن الاستثمار الصيني في سورية لن يحل المشاكل الموجودة في جذور الصراع في البلاد, فالأسواق السورية مشبعة بالفعل بمنتجات "صنع في الصين", والتي تسبب بعضها في توقف الإنتاج المحلي, فسورية بحاجة للاستثمار لكنَّها, قبل كل شيء, تحتاج إلى تسوية سياسية طويلة الأمد, والصين غير قادرة على تقديم ذلك.
كذلك أشار موقع "alsifr", أنَّ العقوبات تشكّل عقبة كبيرة أمام جذب الاستثمارات الأجنبيّة؛ كذلك تفتقر سورية إلى ظروف اقتصاديّة آمنة ومستقرّة ممّا يجعل الاستثمار فيها مخاطرة كبيرة على الشركات المحلّية والأجنبيّة, ثانياً، أثبتت دمشق أنها غير قادرة على منع الانخفاض المستمرّ في قيمة الليرة السورية, ما زاد من تقويض رغبة المستثمرين في بدء عمليّات استثماريّة, ثالثاً، ليس لدى الدولة بنية تحتيّة عاملة، ولم تستثمر دمشق أموالاً لإعادة بنائها، وبدلاً من ذلك حوّلت معظم نفقاتها، المتراجعة بالأساس، إلى المجهود الحربي وأجور القطاع العام والإعانات, رابعاً، تفتقر البلاد ببساطة إلى الأموال للاستثمار، فقد انخفضت الودائع في البنوك الخاصّة من 13.9 مليار دولار في العام 2010 إلى 1.9 مليار دولار في العام 2022. وأخيراً، تعاني البلاد من نقص العمالة الماهرة.
 
 
 
أشار موقع " فويس أوف أميركا",الموقع أنّ "المشرعين الأميركيين يدرسون تشريعاً من شأنه أن يشدد العقوبات على سورية، ويعرقل تطبيع العلاقات مع أي حكومة سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد", وأوضح الموقع أنّ مشروع القانون، الذي قدّمه النائب جو ويلسون ونحو 35 من زملائه، يوسع نطاق قانون قيصر، الذي فرض جولة صارمة من العقوبات على سورية في عام 2020م, وبيّن أنّ هذا الإجراء الجديد، المعروف باسم "قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد"، "سيُعاقب الدول العربيَّة، مثل السعودية والإمارات، وغيرها من الدول التي أعادت العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية، إذا استثمرت في سورية[3]، بدوره "روبرت موجيلنيكي" الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربيَّة بواشنطن, أكَّد أنَّه "لا يوجد الكثير من أشكال الاستثمار في سورية، والأمر ينطوي على بعد سياسي"، ويقول "جاي بيرتون"، أستاذ الشؤون الدولية في كلية بروكسل للحوكمة، إنَّه من المرجح “أن تكون الشركات الخاصة من هذه الدول حذرة بشأن الاستثمار في سورية بالنظر إلى مخاطر ذلك”, ويقول خبراء إن الصين قد تكون المستثمر المحتمل الرئيسي لدى سلطة اﻷسد، خاصة بعد أن وافقت الأخيرة على الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية في أوائل عام 2022 فيما ناقش ممثلو الحكومة الصينية في وقت سابق بدمشق تنفيذ مشاريع في مجالات النقل والصناعة والاتصالات, وبالرغم مما سبق، يرى الخبراء أن الأمر يتعلق بالكثير من التصريحات دون انخراط عملي على أرض الواقع، ويؤيد موجيلنيكي الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية بواشنطن هذا الطرح، حيث قال أنَّ الصينيِّين يَرغبون في استغلال هذا الفراغ في السلطة، لكن أعتقد أن هناك تردداً أكبر بكثير مما يعتقده الكثيرون[4], وقال "Samy Akil", زميل زائر في مركز الدراسات العربية والإسلامية, الجامعة الوطنية الأسترالية, وزميل باحث غير مقيم في مركز العمليات والسياسات (OPC), في معهد "east Asia forum", يتم الترويج للصين بشكل متزايد كمرشح رئيسي لمعالجة إعادة إعمار سورية بعد الصراع في وقت تبدو فيه القوى الغربية وحلفاء نظام الأسد إما غير راغبين أو غير قادرين على معالجة هذه القضية, وأشار الباحث إلى أسباب ضعف أو عدم رغبة الصينيين بذلك, حيث أشار لأسباب تتعلق بسورية المجزأة, واحتمال حدوث تداعيات واندلاع اشتباكا متقطعة, ما يردع أي مستثمر صيني مهتم بجلب رأس المال إلى سورية, كذلك تشكل العقوبات مثبطات أخرى, وثانيًا, لا يزال الوضع الاقتصادي والسياسي في سورية في حالة تدهور حاد, السبب المهم الآخر, هو المصالح الأمنيَّة المتصورة للصين تفوق بكثير الحوافز الاقتصادية في سورية, وتعتبر بكين المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في شمال غرب البلاد "بؤر الإرهاب", وهي قلقة بشكل خاص بشأن مقاتلي الأويغور الذين انضموا إلى هيئة تحرير الشام, والحزب الإسلامي التركستاني وكتيبة الغرباء التركستان, في حين أن العدد الدقيق لمقاتلي الأويغور والجهاديين غير معروف, فقد ادعى مبعوث الصين الخاص لسورية شي شياويان أن العدد يصل إلى 5000, ومن المرجح أن ترى بكين هؤلاء المقاتلين يشاركون في القتال, وقد يُنظر إلى القبض عليهم أو إعادتهم إلى أوطانهم على أنه تهديد محتمل لأمنهم القومي المحلي, أو مواجهة أي نفوذ اقتصادي صيني في سورية[5].
المفارقة هنا أن الورقة التي تهم الأمن القومي الصيني، لا تراها بكين بيد الرئيس السوري بشار الأسد، بل هي تبحث فيها مع الطرف الذي يستغلها والقادر على تعطيلها أي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


[1]- https://www.dw.com/en/economic-diplomacy-who-wants-to-invest-in-syria-now/a-65944110
[2]- https://www.mei.edu/publications/potential-and-limitations-russia-china-cooperation-middle-east
[3]- https://www.raialyoum.com/%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D9%85%D9%8F%D8%AE%D8%B7%D8%B7-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A-%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%B1-%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%B9-%D9%86%D8%B7/
[4]- https://halabtodaytv.net/archives/251642
[5]- https://www.eastasiaforum.org/2021/05/08/why-china-will-not-rebuild-syria/
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 1