بوتين ينسف العقوبات بربط بيع النفط والغاز بالروبل

2022.03.24 - 07:09
Facebook Share
طباعة

كتبت صحيفة "البناء" تقول: ترتعش أوروبا تحت تأثير تداعيات الحرب في أوكرانيا، فواشنطن رغم كل الصراخ السياسي والإعلامي، والعقوبات على روسيا وخطوط نقل الأسلحة إلى أوكرانيا، قالت عمليا إنها لن تشترك في الحرب لحماية أوكرانيا التي كانت تستطيع تفادي الخراب والدمار والنزيف البشري والاقتصادي، وتجنيب أوروبا أزمة متعددة الوجوه مالياً وسياسياً وامنياً واجتماعياً، عبر الذهاب إلى إعلان الحياد لولا توريطها من واشنطن بوعود ضمّها إلى حلف الناتو. وها هي واشنطن تكرّر فعلتها الأفغانية رغم الخطاب المعاكس، فتقول إنها جهة لا تحمي ولا تستطيع تجنيب العواقب، فتحويل قضية وقف الاعتماد على روسيا في تأمين الغاز والنفط صارت حرباً ردّ عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخطوة ربط بيع النفط والغاز الى الأوروبيين بالعملة الروسية الروبل، معوضاً كل خسائر العقوبات، التي يشكل سعر العملة الروسية ميدان تأثيرها الوحيد، فإذ بجعله عملة حصرية لبيع النفط والغاز يرفده بأسباب قوة جديدة ربما تمنحه مكانة أعلى من التي كانت قبل الحرب. وقد ازدحمت الصحف الأميركية والأوروبية بالتحليلات والتعليقات التي تتحدث عن استعادة الروبل لما فقده من مكانة منذ بدء الحرب، ومع الارتفاعات التي سجلتها أسواق الطاقة والتي زادت عن الـ 10% بدأت التكهنات بالاتجاه التصاعدي للأسعار، التي قال نائب رئيس الحكومة الروسية الكسندر نوفاك إنها قد تسجل سعر الـ 300$ لبرميل النفط اذا توقفت لسبب ما إمدادات النفط الروسية الى أوروبا.

واشنطن التي تحاول تجميل الصورة في ضوء هروبها من مخاطر المواجهة المباشرة تأكيداً لخيار التراجع الذي تكرّس بالانسحاب من أفغانستان، لم تستطع طمأنة شركائها الأوروبيين عبر التطمينات لفعالية ما يتم تقديمه لأوكرانيا في تغيير وجهة الحرب، فالأوروبيون لا يحتاجون من يقنعهم بخطورة ما يجري، بل الى من يطمئنهم الى أن العواقب ستبقى تحت السيطرة، وكل يوم يحدث ما يظهر لهم ان الأميركيين يسخرون منهم أو أنهم بعيدون عن الواقع مثلهم. فالتقدم الروسي بطيء لكنه ثابت، وعلى الأرجح إنه يعكس طبيعة الخطة الروسية القائمة على توظيف العملية العسكرية في تعزيز الدفع نحو حل تفاوضيّ يقوم على حياد أوكرانيا، وتفادي تكرار السيناريو الأميركي في العراق الذي كانت نتائجه المتوسطة والبعيدة المدى فشلاً ذريعاً رغم إغراء السرعة في احتلال العراق وتنصيب حكم تابع لواشنطن فيه، بينما النموذج الذي قدّمه الناتو في يوغوسلافيا يشبه أكثر ما تسعى اليه روسيا، سواء لجهة منح الأقليّات الأوكرانية حق تقرير المصير بما في ذلك بناء دولها المستقلة، أو لجهة التوصل مع السلطة المركزية إلى حلّ تفاوضيّ، بمعزل عن استثمار نتائج الحل التفاوضيّ لاحقاً على مصير السلطة المركزية وتوازناتها.

القلق الأوروبيّ يزداد مع العجز الأميركي عن فرض الانضباط الصيني بالعقوبات على روسيا، كما وعدت واشنطن، وجاء العجز عن ضبط حلفاء واشنطن بخطة العقوبات كحال «إسرائيل « وتركيا ودول الخليج، ليظهر حجم الخطر الذي على الأوروبيين توقعه. فتركيا رفضت تسليم شبكة صواريخ أس 400 الروسية الصنع لبولندا لإرسالها إلى أوكرانيا، كما حافظت على تلبية الرغبات الروسية في البحر الأسود، وتحدّث نواب أوروبيون في جلسات النقاش حول المشهد السياسي في حال الحرب، فقالوا إن قيام تركيا بإدارة حرب الطائرات المسيّرة ضد القوات الروسية لحساب أوكرانيا، في السرّ، وتجنيد قناة الجزيرة لحساب الإعلام الحربي الأوكراني، لا يعوّضان غياب تركيا عن مشهد العقوبات على روسيا والقطيعة معها، طالما أن تركيا عضو في حلف الناتو، وهذه أخطر الحروب التي يخوضها الحلف، ولا يمكن مطالبة خصم سياسيّ للحلف مثل الصين بالتقيد بعقوبات يتنكّر لها أحد الأعضاء الكبار في الحلف. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 3