بين أمريكا ومصر.. خيار وحيد لحماية مصالح واشنطن في المنطقة

إعداد - رؤى خضور

2021.03.30 - 05:59
Facebook Share
طباعة

 عندما أقر الكونغرس قانون تفويض الدفاع الوطني في كانون الثاني/يناير، تضمن نصاً يقلص المساعدة العسكرية الأمريكية للقاهرة ما لم ترضَ الولايات المتحدة على مصر وتُحسِّن الدولة سجلها في مجال "حقوق الإنسان"، لكن من الواضح أن السبب الحقيقي هو استلام القاهرة خمس طائرات مقاتلة متطورة من طراز Su-35 من روسيا، وهي أول عملية تسليم من دفعة من 24 طائرة تم طلبها في العام 2018، وهذا التطور يمثل تحدياً جديداً للعلاقات الأمريكية المصرية، فبالرغم من أن مصر ما زالت شريكاً حيوياً للسلام وحليفاً رئيساً من خارج الناتو، إلا أن العلاقات كانت تتأرجح لبعض الوقت بفضل الخلافات العميقة حول مجموعة واسعة من القضايا. 


لا شك أن الولايات المتحدة لديها قائمة طويلة من المصالح مع مصر، وعلى رأسها الحفاظ على معاهدة السلام التي أبرمتها الدولة عام 1979 مع الكيان الصهيوني، إضافة إلى أن وجود مصر الصديقة أمر بالغ الأهمية للمتطلبات العسكرية الأمريكية، وعلى وجه الخصوص، السماح بحرية التحليق الجوي، والوصول إلى قناة السويس في أوقات الأزمات للقوات الأمريكية في البحر الأحمر والخليج العربي، وهو وضع حرم حتى وقت قريب روسيا والصين من حرية الدخول إلى المنطقة، وللولايات المتحدة مصلحة قوية أيضاً في استقرار مصر الداخلي، ولذلك زودت القاهرة بطائرات هليكوبتر هجومية وتدريباً للمساعدة في الحملة المستمرة منذ أعوام ضد المتطرفين في شبه جزيرة سيناء.


لكن شروع القاهرة في صفقة الطائرات مع موسكو أثار امتعاض واشنطن، وبمجرد استلام مصر للطائرات الروسية، نزل السخط الأمريكي وفُتح باب التهديد بالعقوبات، الاستراتيجية الأمريكية المعتادة لمن يخرج عن طوعها.


بعد محاولات عديدة لإرضاخ القاهرة يبقى السؤال المطروح على صانعي السياسة في الولايات المتحدة هو ما إذا كان تخفيض المساعدات العسكرية والمالية لمصر سيكون له تأثير على سلوك مصر، والجواب هو لا. 


أولاً، لم تعد قيمة المساعدة الأمريكية كما كانت عليه من قبل: ففي العام 1978، شكلت المساعدات الأمريكية ما يقرب من 6.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، لكنها اليوم أقل من 0.5%. 


ثانيًا، تنظر الحكومة المصرية اليوم إلى جميع خصومها السياسيين، سواء كانوا إسلاميين أم ليبراليين، على أنهم تهديدات وجودية وتعتبر الإجراءات الأمنية الصارمة لا غنى عنها للحفاظ على أمنها. 


ثالثًا، أدركت مصر الآن أنها تستطيع شراء مزيداً من أسلحتها في مكان آخر، مثل الصين وروسيا، بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة، دون أن تفرضا عليها شروطاً كالتي تفرضها واشنطن. 


علاوة على ذلك، فإن سجل العقدين الماضيين يظهر أن المشروطية والتهديدات الأمريكية لم تؤدي إلى تغييرات مستدامة في السياسة المصرية. بعبارة أخرى، فرصة أن تكون غير فعالة تزيد من تدهور العلاقة.


في هذه الحالة، قد تفرمل واشنطن في أسلوب تعاطيها مع الطرف المصري، وتعيد النظر في خياراتها قبل تنفيذ العقوبات وشروط المساعدة التي لا تملك فرصاً تُذكر في تحقيق الغرض المقصود منها، لذا قد يكون خيار التعامل الدبلوماسي أكثر حكمة، ففي النهاية، مصر فاعل مهم في المنطقة وشريك أمني لا غنى عنه، أما إلغاء المساعدات أو حتى تقليصها قد يؤدي إلى رد فعل عنيف، وقد يقوض التعاون المصري بشأن المصالح الأساسية لواشنطن وأولوياتها في المنطقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 4