بين ثلاث دول.. هل تشهد المنطقة اتفاقاً تعددياً جديداً؟

إعداد - رؤى خضور

2021.03.27 - 07:12
Facebook Share
طباعة

 تمثل إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران أحد أبرز تحديات إدارة جو بايدن، ويبدو أن تحقيق هذا الهدف يتطلب نهجاً جديداً قد يكون إشراك باكستان في تعددية إقليمية جديدة لعدة أسباب، أولها أن باكستان واحدة من ثلاث دول فقط (مع الهند وإسرائيل) التي تمتلك أسلحة نووية دون أن تكون من الدول الموقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ما يجعلها دولة "مستقلة" مسلحة نووياً، ويعزز مصداقية إسلام أباد في إقناع إيران بشكل فعال بالعودة إلى طاولة المفاوضات باعتبارها قوة نووية غير منحازة كوسيط.


ثانياً، تجمع باكستان مع كل من الولايات المتحدة وإيران علاقات طويلة الأمد تمكنّها لعب دور الوسيط.


ثالثًا، لن يكون تحقيق سلام دائم وشامل في أفغانستان ممكناً بدون دعم إيران وباكستان، وبما أن الأخيرة قد شاركت في عملية السلام الجارية حتى الآن، قد تعمل واشنطن مع إسلام أباد للحصول على قبول طهران للمفاوضات واتفاق السلام النهائي، وخلق نوايا حسنة ثنائية في السعي إلى مفاوضات نووية مستقبلية.


بالرغم من كون الحكومة الإيرانية أحد الموقعين الأصليين على معاهدة حظر الانتشار النووي من قبل حكومة محمد رضا شاه بهلوي قبل عام 1979، إلا أنها منذ فترة ما بعد الثورة ما زالت غير واثقة من سياسات الأمن والدفاع التي تقودها الولايات المتحدة، ولعل أحد العوامل الرئيسة التي فاقمت هذا الشك هو الانسحاب المفاجئ للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة للعام 2015 ، وما تلاها من حملة "الضغط"، والتي حطمت بيت الثقة الزجاجي الذي بنته واشنطن وطهران في العام 2015، وبالنظر إلى عدم الثقة المتبادل العميق، من غير المرجح أن تمدد طهران أو تقبل أي مبادرة باردة من قبل واشنطن لاستئناف المحادثات بعد أربعة أعوام من سياسات إدارة ترامب غير المنتظمة ناهيك عن عقود من التوترات السياسية. 


ولا ينبغي لأحد أن ينسى أن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون (1969-1974) استخدم بمهارة التسهيلات الباكستانية لوضع الأساس لإقامة علاقات دبلوماسية مع الصين عام 1979 في خطوة ذكية ومحسوبة أدت إلى توسيع مشاركة الولايات المتحدة مع شرق آسيا في الصراع من أجل النفوذ ضد الاتحاد السوفيتي، وقد تستفيد إدارة بايدن من باكستان اليوم في المساعدة بإقناع إيران "بأهداف السلام" في أفغانستان، وتسهيل الطريق لعودة إيران إلى طاولة المفاوضات النووية.


لا شك أن نجاح عملية السلام الأفغانية يتطلب قبولاً إقليمياً من جيران أفغانستان، ولا سيما إيران وباكستان، لذا فهناك فرصة محتملة لإذابة العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران حول دعم السلام في أفغانستان، بالتالي إرساء الأساس لمزيد من التعاون وإقامة جسر حذر بينهما لاستئناف المفاوضات، ويمكن لباكستان أيضاً تسهيل المحادثات بين الحلفاء الخارجيين لأفغانستان في حال لم تتوافق الرؤى، كما سبق وفعل رئيس الوزراء عمران خان في تسهيل المحادثات بين الخصمين إيران والسعودية، أي أن إسلام أباد لديها المصلحة والأدوات لفعل الشيء ذاته مع حلفاء باكستان المتنازعين الآخرين، وفي حال كانت هذه المشاركة مثمرة، فيمكنها كسر الجليد بين واشنطن وطهران للانضمام إلى طاولة المفاوضات ودعم اتفاق نهائي. 


استنتاج

إذا كنا قد تعلمنا أي شيء على مدار الأربعين عاماً الماضية، فهو أن معظم المقاربات الحالية للتعامل بين الولايات المتحدة وإيران أثبتت عدم جدواها في أحسن الأحوال وكارثية في أسوأ الأحوال. ومع ذلك، فإن إدارة بايدن لديها تحالفات يمكن أن تساعد هذا الثنائي المضطرب على الاتفاق، وإشراك باكستان كوسيط في المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران يمثل فرصة جيدة لواشنطن في إعادة بناء جسر مع طهران.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3