"الجدل الذي لا ينتهي".. تركيا تعترف بتهريب بضائعها لسورية رغم حظرها

وكالة أنباء آسيا – نور ملحم

2020.12.23 - 06:01
Facebook Share
طباعة

 سوريات يخالفن القانون من أجل لقمة العيش

"الوضع الاقتصادي المتدهور جعتنا نعمل بشكل غير نظامي ومخالف للقانون".. هكذا بررت الفتاة ذات الـ 35 من العمر والتي تلقب بـ "وفاء" "عملها غير القانوني، وتقول لـ "وكالة أنباء آسيا": منذ قطع العلاقات التجارية بين سورية وتركيا نتيجة المواقف السياسية بدأ عملنا بشكل غير قانوني رغم أنه فردي حيث نعمل على استيراد الملابس التركية إلى العاصمة دمشق، بطرق عدة لم تطلها مساءلة الدولة بعد.

تكمل وفاء: تتم عملية الشحن عبر البر عن طريق الحدود اللبنانية ويستغرق وصول البضائع مدة زمنية أقصاها ثلاثة أسابيع، أو جواً إلى بيروت ومنها براً إلى دمشق عبر سائقي السيارات الذين يعملون على خط بيروت-دمشق، ومنها تصل البضائع بعد يومين.

تضيف الفتاة التي تعمل ببيع الألبسة التركية في دمشق عبر مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك": الشحن براً يكون أقل كلفة من الشحن جواً، إذ يُحسب الكيلو الواحد المشحون براً بـ بعشرين دولار أما الشحن جواً إلى بيروت ومنها براً إلى دمشق عبر نقطة المصنع الحدودية فيكلف خمسين دولاراً للكيلو الواحد.

تؤكد وفاء، أنها تعمل منذ عام 2015 بهذه الطريقة ولم تصادفها أي مشكلة سواء بالشحن البري أو الجوي، مبينة بالقول: في حال تعرضنا لأي مشكلة فإن سائق السيارة يكون لديه اتفاق مسبق مع بعض موظفي الجمارك السورية، حيث أن وزن البضائع المشحونة من بيروت إلى دمشق عبر سائقي السيارات لا تتعدى 30 كيلو بأجر لا يتعدى 200 دولار ليد السائق. 

وتختم كلامها، في بعض الأحيان نتبع طريقة أسهل بكثير تجنباً لتعقيدات الجمارك والحدود ودفع تكاليف إضافية للسائق والعديد من المتعاملين معه، وذلك من خلال الاتفاق مع فتيات مقيمات في تركيا ويترددن إلى سورية يسمح لهم نقل حوالي 30 كيلو للشخص وبهذه الحالة تُعامل الملابس على الحدود السورية على أنها ملابس شخصية قديمة ويختلف سعر الشحن بهذه الطريقة من فتاة لأخرى، إلا أنها بالمجمل تتراوح بين سبعة وعشرة دولارات للكيلو الواحد، الذي يحوي خمس قطع من الملابس تقريباً.

وزارة الاقتصاد تتكلم 

من المتعارف عليه أن العلاقات السورية – التركية كانت منفتحة بشكل كبير بين البلدين قبل الأزمة السورية وقبل الاتجاه الذي اتخذته تركيا المعاكس للدولة السورية مما أدى إلى اتخاذ الحكومة السورية العديد من الإجراءات والقرارات منها إيقاف الاتفاقيات التجارية التي كانت مبرمة بين البلدين ومنع التعامل بالبضائع التركية السوري بموجب قرار صدر في أيلول 2011، يقضي بفرض حظر واسع النطاق على الواردات التركية إلى البلد.

 ووفق بيانات وزارة الاقتصاد الخارجية في سورية فقد تراجع  التبادل التجاري الرسمي بين تركيا وسورية بنسبة85%، لعام 2013 ومن بعدها توقف بشكل تام  ولم يتم منح أي إجازة استيراد لحد يومنا هذا، كما صدر القرار الحكومي «يحظر فيه استيراد أو شراء أي مادة أو بضاعة أو تجهيزات ذات منشأ تركي كما يمنع قبول العروض التي يدخل في تركيبها أي مكون تركي»، مع تكليف جميع الجهات الرقابية بمتابعة تطبيق هذا القرار وللتأكيد في عام 2017 كان قرار الحكومة  أيضاً بتشديد الرقابة على ظاهرة تهريب الأقمشة التركية إلى الأسواق المحلية

كلام الوزارة كان واضح ولكن عند دخولك العديد من المحالات التجارية وشراءك مواد غذائية مكتوب عليها صنع في تركيا سيكون لنا تسأل حول الموضوع ...

الجمارك تشرح 

أكد مدير عام الجمارك فواز أسعد لـ "وكالة أنباء آسيا" وجود بضائع تركية في الأسواق السورية ولكن بشكل غير نظامي وهي مهربة وتدخل الأسواق بطرق غير قانونية لذلك تم فرز دوريات لمتابعة هذه المهربات، مبرراً عدم تدخل الجمارك في بعض الأحيان إلا بحال واحدة وهي وجود شكوى مقدمة عن وجود بضائع تركية تباع في أحد المحال.

وأشار الأسعد إلى أن "الكثير من هذه المواد المهربة مغشوشة ومنتهية الصلاحية أو أنه يجري التلاعب بمواصفاتها، والهدف منها الإضرار بالاقتصاد الوطني السوري، والتأثير على الصناعة الوطنية عبر طرح منتجات رخيصة من دون معرفة مواصفاتها ومنشأها".

وبحسب تقرير مديرية الجمارك فإن أكثر المحافظات التي تباع بها البضائع التركية هي حلب تليها اللاذقية وثم حماة وحمص دمشق ودرعا، وذلك نتيجة قربها من الحدود غير الشرعية إضافة لخروج بعضها من سيطرت الدولة السورية وفي هذا الحال لا يوجد بها نقط جمركية تابعة للدولة.

وأبرز هذه الممرات هي معبر باب السلامة ومعبر باب الهوى حيث يوجد منفذان هما عزاز والفوعة، ومنه تدخل إلى حلب ويوضع عليها ملصقات على أنها مصنّعة في سورية ثم تُطرح بالسوق، كما يوجد منفذ ثانٍ وهو من خلال سرمدة، عفرين ومن خلال المناطق التي يسيطر عليها الأكراد تنتقل إلى دمشق أو غيرها من المحافظات، وما ساعد على ذلك هو عدم وجود ضابطة جمركية في تلك البقعة 

تركيا تعترف 

جدل كبير أثير بين وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والجمارك وكل جنب منهم يرمي الكرة لتسجيل هدف الاتهام للأخر وليبرئ نفسه من موضوع البضائع المهربة المتواجدة في الأسواق وما بين النفي والتأكيد كانت قد نشرت غرفة التجارة والصناعة تقرير يؤكد ازدياد صادرات المنتجات التركية التي تعبر الحدود إلى المناطق السورية شمالًا، بنسبة 48% خلال النصف الأول من العام الحالي، قياسًا إلى نفس الفترة من عام 2019.

مبينة أن البضائع القادمة من ميناء مرسين التركي تدخل من المحافظات الشمالية السورية إلى جميع مناطق سورية عبر محافظة حماة.

ضرر للدولة

30% من المواد الغذائية في الأسواق السورية ذات منشأ تركي، وإن 60% من الألبسة في أسواق البلد مستوردة من تركيا بحسب تقديرات الخبير الاقتصادي الدكتور عمار اليوسف.

وقال اليوسف في تصريحه لـ "وكالة أنباء أسيا"، إن المخلص الجمركي هو أهم حلقة في عمليات التهريب لأنه غير ملحوظ، ويتم التهريب من قبله بإفتاءات تشريعية جمركية قانونية وذلك عندما تسمى الأسماء بغير مسمياتها وتوضع القيم بعيداً عن الحقائق ويتم التلاعب بالوثائق.

ويضيف الخبير الاقتصادي: مكافحة التهريب مسألة مهمة جداً خاصة مع وجود رقابة ضعيفة في السوق الداخلية وبوجود هكذا نوع من الرقابة في الداخل ليس بالإمكان التقليل أو ضبط المهربات، مع ضعف الرقابة على الحدود وضعف أنظمة العمل الجمركي ويُضاف إليها التهرب الجمركي الذي يقدر بنصف الموازنة العامة سنوياً، والعجز في الموازنة العامة قد يصل إلى (25 %) أو (30 %) هذا يعنى أنه لو قام كل مستورد أو تاجر بواجباته وسدد ما هو مستحق عليه من رسوم على بضاعته للدولة، ولو قام كل موظف جمركي يعمل في الأمانات الجمركية بدوره بنزاهة وأمانة لما عانت الموازنة العامة من هذا العجز لا بل على العكس كانت ستزيد عن الموازنة الحالية بـ(25 %) على الأقل.

وقدر اليوسف أن التهرب الضريبي عبر المنافذ الجمركية النظامية بأكثر من مئة مليار ليرة، أما التهريب عبر الحدود غير النظامية وعلى وسائط النقل البدائية والمعروفة هي أقل أهمية من تلك التي تهرب عبر المنافذ النظامية.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 6