"المركزي السوري" يمول 13% من المستوردات: من يموّل استيراد "الكماليات" التي تغزو الأسواق؟

وكالة أنباء آسيا – نور ملحم

2020.11.23 - 02:13
Facebook Share
طباعة

 
حالة من الفوضى العارمة تعيشها الأسواق السورية وسط فقد الكثير من الأساسيات التي يحتاجها المواطن، منذ القرار الأخير الصادر عن الحكومة السورية حول الحد من الاستيراد وتشجيع الصادرات لكبح النقص المتزايد في القطع الأجنبي، في بلد يرزح اقتصاده تحت وطأة الحرب والعقوبات الغربية.
يقول أحد التجار المستوردين للمواد الغذائية (رفض الكشف عن اسمه) لوكالة أنباء آسيا  "تلقيت منذ نحو شهر رسالة هاتفية قصيرة من وزارة المالية تخبرني بأنه لم يعد بإمكاني الاستفادة من سعر الصرف التشجيعي الذي حدده المصرف المركزي لشراء الدولار الأمريكي، لتمويل مستورداتي، بسبب نقص في القطع الأجنبي، مما خلق نوعاً من التراجع بالعمل، فنحن لا نستطيع تأمين القطع الأجنبي إلا عبر الطرق غير القانونية، مما يؤدي إلى مضاعفة الأسعار ثلاث مرات على الأقل رغم أن المصرف المركزي كان قد وعد بتمويل المستوردات ومستلزمات الإنتاج بحدود ثمانية إلى عشرة ملايين دولار يوميا ًعن طريق المصارف، بهدف ضبط التذبذبات الحاصلة في سعر الصرف" مضيفاً أن يقال مجرد كلام، لا يوجد شيء من هذا على أرض الواقع .
الاقتصاد لا تمنح ..
يتوجب على كل مستورد في سورية الحصول على إجازة مؤقتة للاستيراد من وزارة الاقتصاد، وعند حصوله على الإجازة يمكنه التقدم إلى المصرف المركزي لطلب الحصول على القطع الأجنبي بسعر تشجيعي، وفي حال رفض المركزي تزويده بالقطع، عليه أن يمول مستورداته بوسائله الخاصة عبر شراء القطع الأجنبي من السوق السوداء أو من الخارج.
وبحسب وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية فإن الوزارة لم تمنح أي موافقة لاستيراد سلع الرفاهية، وأن الوزارة ملتزمة بالتوجه الحكومي في دعم المنتج الوطني وترشيد الاستيراد لجهة استيراد المواد الأساسية والمواد الأولية.
وأشارت الوزارة في بيانها الذي اطّلعت عليه وكالة أنباء آسيا إلى أن ثلثي إجازات الاستيراد الممنوحة خلال الربع الأول من عام 2020 منحت لاستيراد المواد الأساسية اللازمة للصناعة، وخصوصاً المشتقات النفطية، والمنتجات الزراعية كالسكر والرز والطحين والأدوية فقط .
ويصل عدد المواد المسموح استيرادها إلى 3731 مادة أساسية، تتركز حول مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي والمواد الغذائية غير المنتجة محلياً، أما المواد غير المسموح باستيرادها فتبلغ 2672 مادة كمالية، بحسب أرقام رسمية صادرة عن اللجنة الاقتصادية.
وبلغت القيمة الفعلية للمستوردات خلال العام الماضي نحو 5.6 مليارات يورو للقطاعين العام والخاص، بانخفاض نحو 16.4% عن العام 2018، بالمقابل ارتفعت قيمة طلبات إجازات الاستيراد إلى 2,7 مليار دولار، وتمت الموافقة على ما يعادل 1,2 مليار دولار منها، في حين زود المصرف المركزي 13 % منها بالقطع الأجنبي.
وبرر مصرف سورية المركزي هذا الانخفاض في التمويل إلى أن الاستيراد خلال السنوات السابقة كان يستنزف القطع الأجنبي دون عائد يذكر، لذلك "من الضروري الاعتماد على البدائل المحلية للتقليل من المستوردات وزيادة الصادرات"، علماً أن قطاع التجارة كان قد تصدر قائمة القطاعات الخاسرة خلال سنوات الحرب، ووصلت قيمة خسارته إلى ما يقارب 750 مليار ليرة
اختلاف في الرأي ..
يؤكد الدكتور في الاقتصاد "غسان إبراهيم" في تصريح لوكالة أنباء آسيا أنه كان يجب ترشيد الاستيراد والتصدير من قبل الأزمة، فما بالك أثناءها، ووضع جدول أولويات للاثنين معاً منذ بداية الأزمة.
لافتاً على أهمية تقنين الاستيراد أو ترشيده، حيث يجب منح إجازات الاستيراد وفق الاحتياجات والقانون، أما الكماليات فيجب منع استيرادها قبل سد الحاجة إلى الضروريات.
بالمقابل، يخالفه الرأي الباحث الاقتصادي محمد الرويم من خلال بحثه المكتوب، والذي أكد فيه أن السياسة التي تتبعها اللجنة الاقتصادية المنبثقة عن الحكومة تؤدي إلى شح المواد في الأسواق الداخلية، وبالتالي ارتفاع أسعارها وزيادة الأعباء المالية على المواطن المنهك أصلاً في ظل انخفاض شديد في مستويات الدخل.
مضيفاً ـن "العرقلة التي تفتعلها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ينتج عنها تباطؤ في عجلة الإنتاج المحلي وتؤذي الصناعة المحلية بسبب بطء تدفق المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج، بالمقابل تؤدي إلى حرمان الخزينة العامة للدولة من الرسوم والضرائب الجمركية، وبالتالي تناقص إيرادات الدولة وإضعاف قدرتها على الإنفاق".
وتحذر الدراسة بأنه "يُخشى من أن تؤدي سياسة الترشيد إلى نتائج عكسية؛ بترسيخ الاحتكارات وحصر حركة الاستيراد بأيدي عدد قليل من التجار الكبار وإزاحة عدد كبير من المستوردين من المنافسة بشكل مجاني وبرعاية رسمية، الأمر الذي يؤدي إلى تقليص الخيارات أمام المستهلك من حيث كم ونوع المواد المعروضة والموجودة في الأسواق.
وعلى الرغم من أن هذه السياسة مطبقة منذ بداية الأزمة، إلا أننا لا نزال نشاهد كميات كبيرة من السلع الكمالية المستوردة تملأ الأسواق السورية (البسكويت بأنواعه-ألعاب الأطفال-صناعات بلاستيكية وإكسسوارات-أجهزة الهاتف المحمول - الأدوات والتجهيزات الحاسوبية- السيارات ..الخ)  الأمر الذي يثير التساؤل حول نجاعة هذه السياسة وصحة تطبيقها.
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 1