“جارة القمر” تنير شمعتها الحادية والثمانين

2020.11.21 - 07:58
Facebook Share
طباعة

 رغم ابتعادها عن الساحة الغنائية والمسرحية، تبقى فيروز، “على بال” محبيها الذين يحتفلون بعيد ميلادها الحادي والثمانين في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، وتظل أغانيها في قلب الساحة الفنية وفي عقول وقلوب الملايين من المغرب إلى الخليج العربي.


ولدت نهاد وديع حداد فى 21 نوفمبر عام 1935 لأسره بسيطة في قرية جبل الأرز الواقعة في قضاء الشوف بلبنان، ثم انتقلت إلى حي زقاق البلاط في العاصمة بيروت في الحي القديم، وبدأت الغناء وهي في الخامسة من عمرها لتلفت الأسماع إلى صوتها العذب في سن مبكرة.


أعجب محمد فليفل الأستاذ بمعهد الموسيقى في بيروت بصوت الفتاة الصغيرة الخجولة ثم قدمها إلى لجنة الاستماع بالإذاعة اللبنانية والتي كانت تضم الموسيقار حليم الرومي، الذي أعجب بدوره بصوتها وقرر إلحاقها بكورال الإذاعة وهو من أطلق عليها لاحقا اسم فيروز.


لم تغن فيروز كيفما اتفق ولم تشد بكلمات كيفما كانت، إذ قدمت مئات الأغاني التي وصفها النقاد بأنها أحدثت ثورة في الموسيقى العربية واتسمت ببساطة التعبير وقصر المدة على عكس الأغاني العربية السائدة في تلك الفترة، إضافة إلى تنوع المواضيع، إذ غنت فيروز للأطفال، والوطن والأم والقضية الفلسطينية إلى جانب أغاني الحب.


ويعتبر النقاد أن رحلة فيروز الحقيقية بدأت عام 1952 إذ كانت انطلاقتها عندما بدأت الغناء لعاصي الرحباني، وبدأت شهرتها في العالم العربي منذ ذلك الوقت. وكانت أغلب أغانيها آنذاك للأخوين رحباني عاصي ومنصور.


وفي 1955 تزوجت من عاصي الرحباني، وأنجبت منه زياد وهالي وليال وريما.


وتخطى صوت فيروز حدود الوطن لتغني للشام ومصر وبغداد وعمان وفلسطين ومكة وهو ما قد يفسر المكانة التي تتمتع فيروز بها ليس في قلوب اللبنانيين فحسب، بل في قلوب جمهورها الممتد في مختلف أنحاء العالم.


وبخطوات واثقة، قدمت فيروز عددا كبيرا من أغانيها ضمن مجموعة مسرحيات من تأليف وتلحين الأخوين رحباني وصل عددها إلى خمس عشرة مسرحية تنوعت مواضيعها لتشمل نقد الحاكم والبطولة والحب، وكان من أشهرها بياع الخواتم، وميس الريم، وأيام فخر الدين، وهالة والملك، وكان آخر ظهورٍ لفيروز على المسرح في يناير/ كانون الأول عام 2011 في مسرحية “صح النوم”.


وراجت أغاني فيروز في كافة انحاء العالم العربي لتصبح فقرة رئيسية في إذاعات العالم العربي ليطلق عليها لقب “ملكة الصباح” ووصل رصيدها من الأغاني أكثر من 800 أغنية.


غنت فيروز لكثير من الشعراء العرب القدامى والمحدثين بداية من قصائد الأخطل الصغير وجرير وعنترة بن شداد وأبي نواس وصولا إلى إيليا أبو ماضي وجبران خليل جبران ونزار قباني.


ولحن لفيروز كبار الملحنين في عصرها، ومن أهمهم: سيد درويش، والأخوان رحباني، ومحمد عبد الوهاب، وفيلمون وهبة.


وغنت فيروز الأغنية الشعبية، والقصائد، والموشحات، والأغاني المقتبسة ألحانها من الموسيقى الغربية، وكان أغنياتها أحد أهم أسباب رواج اللهجة اللبنانية على مستوى العالم العربي لكنها غنت أيضا باللهجة المصرية التى سادت الفن في تلك الفترة.


أطلق عليها العديد من الألقاب من بينها “قيثارة السماء” و “سفيرة العرب” و”ياسمينة الشام” و”ملكة الصباح” و”جارة القمر” و”سفيرة النجوم” و”صوت الملائكة”.


حصدت فيروز على مدار حياتها الفنية العديد من الجوائز والأوسمة حيث حصلت على وسام الاستحقاق اللبناني من الرئيس “كميل شمعون” عام 1957 وهو أعلى وسام في الدولة، ووسام الأرز عام 1962، ووسام الاستحقاق اللبناني، كما حصلت علي ميدالية الكرامة عام 1963 من الملك حسين، ووسام النهضة الأردني من الدرجة الأولى.


وفي عام 1988، حصلت فيروز على وسام جوقة الشرف الوطني الفرنسي ووسام الثقافة الرفيعة من تونس، وجائزة القدس من فلسطين عام 1997م، وفي عام 1975م تم إصدار طوابع بريدية تذكارية عليها صورتها تكريما لها، كما تم منحها الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية ببيروت لتصبح أول مطربة تحصل على هذا اللقب.


ورشحها الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتيران لنيل وسام الجمهورية الفرنسية للثقافة والفنون، وهو أرفع وسام ثقافي في فرنسا, كما نالت العديد من الأوسمة العالمية في الكثير من الدول الأخرى.


غنت فيروز في معظم العواصم العربية والعالمية وكانت تذاكر حفلاتها تنفد في الساعات الأولى من الإعلان عنها

أقيم لفيروز حفلات في العديد من الدول حول العالم من بينها البحرين و الكويت والإمارات وقطر والعراق ومصر وسوريا والمغرب والجزائر وتونس وسويسرا وفرنسا وبريطانيا والمكسيك وكندا واستراليا والبرازيل والولايات المتحدة.


وكان آخر ألبوماتها بعنوان “إيه في أمل” الذي صدر في 2010، ومنذ نهاية عام 2012 يتحدث مقربون من فيروز وبينهم نجلها الموسيقار زياد رحباني عن تجهيزها لألبوم غنائي جديد لكن هذا المشروع لم يظهر للنور بعد ويبقى لدى محبيها “أمل” أن تطل “جارة القمر” عليهم من جديد.


ودشن محبو فيروز على مواقع التواصل الإجتماعي، والذي ينتمي أغلبهم لجيل الشباب، أكثر من وسم على موقع تويتر من بينها “فيروز عيدنا” و”من قلبي سلام لفيروز” وحاز الأخير على أكثر من 20 ألف تغريدة لتثبت “قيثارة السماء” أن صوتها استطاع أن يخطف قلوب مستمعين من مختلف الأعمار.


ومن المقرر أن تضاء بتلك المناسبة شموع في أبراج قلعة بعلبك التاريخية، احتفالا بمن نجحت في توحيد اللبنانيين والعرب على اختلاف انتمائتهم السياسية والطائفية والدينية بأغانيها العابرة للحدود وصوتها الملائكي الخلاب وتاريخها الفني الكبير.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 6