ما هي صلاحيات حكومة تصريف الأعمال في لبنان .. ماهو الممنوع وما المسموح؟

وكالة أنباء آسيا - غنوة طعمة

2020.11.09 - 12:48
Facebook Share
طباعة

 
تعاقبت العديد من حكومات تصريف الأعمال، واحدة تلو الأخرى في لبنان منذ أكثر من ثلاثين عاماً. واختلط على اللبنانيين ما يمكن وما لا يمكن لمثل هذه الحكومة أن تقرره أو تنفذه، وخاصةً في الظروف الاستثنائية، في بلد يبدو في معظم سنواته واقعاً تحت "الظروف الاستثنائية" وخاصةً في هذه السنة التي يعاني فيها لبنان من أزمات غير مسبوقة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، فما الذي يحق لحكومة الرئيس المستقيل حسان دياب القيام به ريثما تتشكل حكومة الحريري الجديدة؟
دانا حمدان: مفهوم تصريف الأعمال
تقول المحامية دانا حمدان: "فيما يخص نظرية تصريف الأعمال، هناك مبدأ دستوري مهم جداً يتسم بضرورة استمرار المرافق العامة والإدارة في الدولة، وهذه النظرية بحد ذاتها هي حالة تتوسط مرحلتين، المرحلة الأولى تكون فيها الحكومة بحكم المستقيلة أو مستقيلة، والمرحلة الثانية هي مرحلة تأليف الحكومة الجديدة".
وتضيف: "من هنا وجد ما يسمى "حكومة تصريف الأعمال"، وكتعريف لهذه الحكومة، بإمكاننا القول إنها الحكومة المتحولة من حكومة طبيعية بكامل صلاحياتها إلى حكومة محدودة الصلاحيات لفترة انتقالية، إلى حين تشكيل حكومة جديدة تتمتع بكامل الصلاحيات ضمن تكريس المبدأ الأساسي وهو استمرارية المرفق العام".
وتستطرد المحامية قائلةً: "فيما يخص صلاحيات الحكومة العادية، وكما نعلم أن نظامنا نظام برلماني، وبالتالي السلطة الفعلية هي بيد الحكومة، ومن صلاحيات هذه الأخيرة وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات، ووضع مشاريع القوانين، والمراسيم التنظيمية، واتخاذ كافة القرارات اللازمة والسهر على تنفيذ القوانين والأنظمة والإشراف على عمل كافة أجهزة الدولة من إدارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية دون أي استثناء، إلى جانب تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم، وحل مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية ضمن شروط معينة، وتمتد صلاحيات الحكومة إلى تعديل الدستور واعلان حالة الطوارئ واعلان حالة التعبئة العامة وإبرام الاتفاقات والمعاهدات الدولية وغيرها من الصلاحيات".
وتختم حمدان بالقول "أما بخصوص حكومة تصريف الأعمال وصلاحياتها، فإن الدستور اللبناني قبل سنة 1990 أي قبل تعديله، كان خالياً تماماً من مفهوم تصريف الأعمال، بحكم أن السلطة الإجرائية كانت بيد رئيس الجمهورية، ولكن بعد تعديله، اكتفى الدستور بالإشارة إلى أن الحكومة المستقيلة لا تمارس صلاحياتها إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، دون أن يضع أي معيار لتصريف الأعمال، من هنا كان لا بد للقضاء أن يتدخل لوضع معيار لمعرفة أي أعمال تدخل ضمن مفهوم الصلاحيات التي باستطاعة الحكومة أن تمارسها وأي أعمال لا يمكنها البت فيها".
حسن بزي: أعمال حكومة تصريف الأعمال
من جهته، يقول المحامي حسن بزي لوكالة أنباء آسيا: "أجرينا تحقيقا شرحنا فيه بالتفصيل عن أعمال حكومة تصريف الأعمال.
ويضيف: "جاءت الأزمة الحكومية التي عرفها لبنان سنة 1969 لأكثر من سبعة أشهر عقب استقالة الرئيس رشيد كرامي، كي تتيح هذه الفرصة لمجلس شورى الدولة، فقد تقدم فؤاد اسكندر راشد، رئيس الديوان في المديرية العامة لوزارة البرق والبريد والهاتف آنذاك بطعن ضد قرار نقله إلى بيروت، مدعياً أن الوزير لم يكن يحق له اتخاذ مثل هكذا إجراء، كونه ينتمي إلى حكومة مستقيلة، وبالفعل؛ قسم المجلس في قراره أعمال الحكومة إلى ثلاث فئات:
-الأعمال العاديّة الإدارية (actes de gestion): "أي الأعمال اليومية التي يعود إلى الهيئات الإدارية إتمامها، ويتعلق إجراؤها في الغالب على موافقة هذه الهيئات، كتعيين ونقل الموظفين وتصريف الأعمال الفردية التي لا يمارس عليها الوزير سوى إشراف محدود".
-الأعمال التصرفية (actes de disposition) في الظروف العادية: وهي تلك التي ترمي إلى "إحداث أعباء جديدة، أو التصرف باعتماداتٍ هامة أو إدخال تغييرٍ جوهري على سير المصالح العامة أو في أوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية تحت طائلة المسؤولية الوزارية"، لذلك، لا تدخل الأعمال التصرفية في نطاق تصريف الأعمال، ولا يجوز للحكومة المستقيلة أن تقوم بها.
-الأعمال التصرفية في الظروف الاستثنائية: الأوضاع الاستثنائية التي تتعلق بالنظام العام وأمن الدولة الداخلي والخارجي تسمح للحكومة المستقيلة باتخاذ تدابير ضرورية تخرج عن تصريف الأعمال، وفي هذه الحالات، "تخضع تدابير الوزارة المستقيلة، وتقدير ظروف اتخاذها إياها إلى رقابة القضاء الإداري بسبب فقدان الرقابة البرلمانية وانتفاء المسؤولية الوزارية".
الحجار: أي واقع يرتب التزاماً على الدولة لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال البت فيه
في هذا الخصوص، يقول النائب محمد الحجار لوكالة أنباء آسيا: إن "موضوع تصريف الأعمال ورد في المادة 64 من الدستور، البند 2 الذي ينص على أن (لا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة، ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال)، وبالتالي عندما نقول المعنى الضيق لتصريف الأعمال، يعني كل واقع تفرضه الضرورة بإمكان حكومة تصريف الأعمال أخذ القرار به، ولكن لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال البت في القرارات المصيرية الأساسية، ويطرح السؤال في هذا الصدد: "هل يجتمع مجلس الوزراء خلال هذه الفترة؟"، هنا تنقسم الآراء إلى وجهتي نظر، الأولى تقول لا يحق لمجلس الوزراء أن يجتمع إلا إذا كان هناك ضرورة قصوى جدا للاجتماع، ووجهة نظر ثانية تقول إنه لا يحق بتاتاً لمجلس الوزراء أن يجتمع، بل تتخذ قرارات بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية مثلما يجري حاليا مع حكومة حسان دياب".
ويستطرد الحجار قائلا: "أي واقع يرتب التزاماً على الدولة لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال أخذ القرار به، خاصة الأمور المالية، مثلاً الخطة الاقتصادية التي كان من المفترض أن تقوم بها حكومة حسان دياب، لا يمكنها الآن البت بها وقد أصبحت حكومة تصريف أعمال، كما هي أيضاً الحال بموضوع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي المتوقفة، لأن الحكومة هي في مرحلة تصريف الأعمال، وفي حال أقيمت مفاوضات مع صندوق النقد سيأتي ذلك بالتزامات على الدولة اللبنانية، ما لا يمكن حصوله قبل تشكيل حكومة جديدة".
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 9