موازنة سوريا 2021: زيادة في الأرقام وانخفاض في القيمة.. وتدوير للعجز

وكالة أنباء آسيا – نور ملحم

2020.10.23 - 09:41
Facebook Share
طباعة

 
أعلن مجلس الوزراء عن إقرار مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2021 وتوجهات الإنفاق في جميع الوزارات ضمن اجتماع ترأسه "حسين عرنوس"، رئيس مجلس الوزراء ، الذي صرح بتحسين الواقع الاقتصادي في سياق وعوده الإعلامية المتكررة والتي لم نلمس منها سواء ارتفاع الأسعار للضعف ..
تشير الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة لعام 2021 والتي حولت لمجلس الشعب بهدف مناقشتها إلى  8500 مليار ليرة سورية في الشقين الاستثماري والجاري مقارنة بـ 4000 مليار لموازنة عام 2020، وقال رئيس الحكومة إن حكومته ستعمل على توجيه الانفاق العام وضبطه بما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتفعيل الإنتاج.
ووفقاً لبيان إقرار مشروع الموازنة بلغت اعتمادات الدعم الاجتماعي 3500 مليار ليرة موزعة على دعم الدقيق التمويني والمشتقات النفطية والصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية وصندوق دعم الإنتاج الزراعي، دون أن يشمل ذلك الدعم المقدم للقطاع الكهربائي. كما تم رصد كتلة مالية احتياطية تخصص للإنفاق الاستثماري لمواجهة أي متغيرات في مختلف القطاعات.
وفي سياق تصدير الوعود قال "حسين عرنوس"، رئيس مجلس الوزراء، إن "الدولة لن تتخلى عن الدعم الاجتماعي الذي يحظى بالأولوية إلى جانب دعم الإنتاج الزراعي والصناعي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة" 
وأوضح "عرنوس" أنه عمل على ترتيب دور كل وزارة في أولويات الإنفاق بما يتوافق مع خطط التنمية المبنية على المستوى الوطني والإنتاجي والخدمي، بما ينعكس إيجاباً على مستوى تعزيز القوة الشرائية للمواطن وتحسين المستوى المعيشي، حسب تعبيره.
موازنة العجز ... 
يظهر في إقرار الموازنة الأخير عجز مالي واضح لدى الحكومة بحسب ما أكده الخبير الاقتصادي د . عامر شهدا في تصريحه لوكالة أنباء آسيا . 
ويلفت إلى أن الموازنة المطروحة عبارة عن "قص لصق" عن العام الذي قبله مبرراً ذلك  أن المبلغ المقرر وهو 8500 مليار ليرة يقدر حالياً بأقل من 7 مليارات دولار وفق سعر الصرف الرسمي 1250 ليرة سورية ، فيما كانت موازنة 2020 تقدر بـ 4 آلاف مليار ليرة أيّ ما يعادل أكثر من 9 مليارات دولار وفقاً لسعر صرف المركزي في ذلك الحين 438 ليرة .
وينتقد شهدا المبلغ المخصص للإنفاق الاستثماري، متسأئلاً : كيف يمكن ضمان استقرار الأسعار بينما عجلة إنتاج القطاع العام الاقتصادي شبه متوقفة،  وكيف يمكن بـ1.5 تريليون ل.س للإنفاق الاستثماري إدخال صناعات جديدة وتعزيز استخدام التكنولوجيا؟ 
مبيناً أن ارتفاع القيم ليس نتيجة موارد سنة 2020 ، بل هو نتيجة تضخم، والدليل ارتفاع سعر الصرف، لذاك يجب إعادة النظر في الموازنة وخاصة بعد كارثة الحرائق والتي تحتاج إلى مئات ملايين الليرات لدعم الزراعة التي دمرت، فالقطاع الاقتصادي يعيش حالة تدهور متواصل تزامناً مع انعدام الخدمات العامة وسط تجاهل الحكومة، بزعم أن الأزمات الاقتصادية الخانقة ناتجة عن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية. 
انخفاض قيمة الليرة ...
يشير الخبير شهدا إلى أن العملة السورية خسرت أكثر من 300 % من قيمتها، ما يعني أن أزمة نقص المواد الضرورية التي تضرب البلاد إلى توسع، وخصوصاً المواد المدعومة من الدولة (غاز، مشتقات نفط، أدوية، خبز)، كما أنه من المتوقع  أن تنحسر الخدمات الصحية والتعليمية والخدمية على مستوى البلديات (طرق، كهرباء، مياه، صرف صحي)  .
وختم شهدا حديثه بأن الإيرادات المالية للدولة متوقفة، واحتياطيات المصرف المركزي تكاد لا تذكر، والحكومة تقول إنه سيرصد 8500 مليار ليرة سورية للموازنة، وهذا يعني أن كل المشاريع الخدمية والصحية والتعليمية الواردة في الموازنة ستبقى حبيسة الورق، مقابل التحرك في بنود قليلة منها الأجور والرواتب وما شابه، أي التمسك بشكل الموازنة فقط دون تنفيذها، وتدوير العجز"
لا يوجد زيادة للرواتب ...
بالمقابل أشارت الباحثة الاقتصادية د. رشا سيروب، إنه لا توجد زيادة مرتقبة في الرواتب بمشروع موازنة العام المقبل، رغم تخصيص 7 تريليونات ليرة سورية كاعتمادات جارية، وهي أعلى من موازنة العام الجاري بـ4.3 تريليونات ليرة.
وأوضحت الخبيرة في دراسة حول الموازنة، اطلعت عليها وكالة أنباء آسيا، أن زيادة الاعتمادات الجارية لا يشير إلى احتمال زيادة الرواتب والأجور، لكنها عبارة عن إدراج الزيادة التي حصلت على الرواتب نهاية 2019 في موازنة 2021، والتي كان من المفترض أن تُدرج بموازنة 2020.
وأضافت أن ارتفاع مقدار الدعم بمشروع موازنة 2021 لا يعني زيادته ككتلة حقيقية، فهو ليس إلا ارتفاع في الأسعار نتيجة تغيير سعر صرف الدولار الرسمي من 500 إلى 1,250 ليرة، "باعتبار أننا أصبحنا مستوردين للقمح والنفط والسلع الأساسية".
الدين العام مضاعف ..
ولفتت سيروب إلى أن اعتمادات الدعم الاجتماعي للعام المقبل قُدّرت بـ3.5 تريليون ليرة، وتعادل 50% من كتلة الإنفاق الجاري، وهي تزيد عن الدعم الاجتماعي في موازنة العام الجاري بنسبة 838.34%، علماً إن إجمالي الدين العام الداخلي في سورية، بلغ 645 مليار ليرة سورية، ما يساوي أكثر من 500 مليون دولار، منذ بداية العام الجاري.
في النتيجة، ارتفعت أرقام موازنة 2021  بالعملة المحلية، لكنها انخفضت أمام العملات الأجنبية، في ظل عقوبات اقتصادية تعمق حالة التردي المعيشي للسوريين، ما يجعل "الصمود" شعاراً مستمراً للحكومة في المرحلة القادمة.
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 4