معلومات شائكة عن الحدود اللبنانية الاسرائيلية عشية بدء مفاوضات الترسيم!

كتب جورج حايك

2020.10.14 - 09:31
Facebook Share
طباعة

 يتداخل الموضوع السياسي بالموضوع العلمي عندما يتطرق البحث إلى الحدود اللبنانية الاسرائيلية. وعشية بدء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين لا بد من التساؤل حول الشكل والمضمون والتوقيت وعلاقة كل هذه النقاط باستراتيجية الدول المتنازعة.

يشكّل ملف ترسيم الحدود البحرية نقطة تحوّل كبيرة للبنان في امكانية الاستفادة من الثروة النفطية التي يحتويها البلوك رقم 9 وهو البلوك المتنازع عليه مع اسرائيل بالدرجة الأولى.
اسرائيل لا تعترف بأي حدود
لكن المسألة ليست سهلة كما يصفها الباحث في الفكر الجيو استراتيجي الدكتور نبيل خليفة الذي استعان بكتبه رئيس مجلس النواب نبيه بري واستشرته اللجان النيابية المتعاقبة.

ويقول خليفة:"أولاً يجب الأخذ في الاعتبار ان اسرائيل ليس لها حدوداً نهائية، وهي لا تعترف بأي حدود، وهذا ما هو واضح في كتاب "دولة اسرائيل"، علماً ان هذا الأمر مرتبط بتاريخها الديني. ثانياً، لم توقّع اسرائيل على قانون البحار للأمم المتحدة الذي يعتبر معياراً لترسيم الحدود البحرية بين الدول".

ويرى خليفة "ان هناك خطأ ارتكبه لبنان خلال مفاوضات الترسيم البحري مع قبرص إذ أعطى أحد الضباط اللبنانيين المسؤولين عن الملف اسرائيل 51 في المئة من خطنا البحري وبقي للبنان 49 في المئة، علماً ان حق لبنان هو 61 في المئة مقابل 39 في المئة لاسرائيل فقط!".
واللافت ان الخرائط التي تبثت حقوق لبنان منشورة في كتاب للدكتور خليفة عنوانه "حدود لبنان البحرية فوق النفط والغاز". ويبدو ان بري مطلع على تفاصيل هذا الكتاب.

الحدود البرية مرسّمة

نسأل خليفة بماذا يجب أن يتمسك لبنان خلال المفاوضات؟ يجيب:"على الوفد اللبناني التمسّك بالنقاط القانونية والعلمية لا السياسية، ولا يجوز ادراج ملف الحدود البرية ضمن الحدود البحرية، لأن الحدود البرية تم ترسيمها عام 1923، من خلال أكبر دولتان بالعالم بعد الحرب العالمية الأولى وهما فرنسا وبريطانيا، ووافقت عصبة الأمم على الترسيم البحري بين لبنان وفلسطين عام 1934، وبالتالي الحدود البرية مرسّمة ولا داعي لدخول الوفد اللبناني على خطها اليوم".
وأكد خليفة "ان المحكمة الدولية اصدرت قراراً يقضي بأن الحدود البحرية هي استمرار للحدود البرية، وبالتالي اذا انطلقنا من حدودنا البرية في رأس الناقورة تصل حدودنا البحرية إلى النقطة 61 التي تعطي لبنان 1600 كلم وليس 850 كما يشير "خط هوف"، ولهذا السبب لا تريد اسرائيل الانطلاق من رأس الناقورة، إذ تريد أن تأكل من حقوقنا البحرية بضعة كيلومترات".

سوريا احتلت شبعا عام 1948

وعن اشكالية امتلاك مزارع شبعا بين لبنان وسوريا، يقول خليفة:"الموضوع شائك لكن الحقيقة لا تحتمل التأويل. فمن الآخر مزارع شبعا تقع ضمن حدود لبنان، لأن النظام العالمي يقر بأنه عندما يكون بين دولتين سلسلة تفصل بينهما ترسّم الحدود عبر ذروة القمم وليس الوديان، ولبنان يملك خريطة للحدود البرية جنوباً على حدود "وادي العسل" علماً ان الحدود تشمل "الزلقا" مروراً بـ"النجمة المقبلة" و"جبل الصيري" نزولاً، ومزارع شبعا داخل لبنان، الا ان سوريا أخذتها بالقوة خلال حرب 1948، وارسلت تقارير إلى الأمم المتحدة تدرج فيها المزارع ضمن حدودها وهذا اسمه احتلال وتزوير".

شكلياً، تيدو اسرائيل مستعدة ومستنفرة للبدء بهذه المفاوضات، وقد اختارت لها وفداً رفيع المستوى على رأسه وزير الطاقة. أما من الجانب اللبناني فيضم الوفد ضباطاً برتبة عالية من الجيش اللبناني وخبراء. أمام هذا الواقع يلفت خليفة إلى أنه "من الطبيعي أن تشكّل اسرائيل وفداً من مفكرين استراتيجيين وشخصيات مطلعة جداً على الموضوع وتعرف التفاصيل التاريخية. لا أعرف إذا كان الوفد اللبناني في المستوى نفسه، لكن الأمر ليس مزحة".

ولا يستبعد خليفة "أن تكون المفاوضات على ترسيم الحدود جزءاً من عمليات التطبيع التي تجريها اسرائيل مع دول الخليج. وهنا اسأل هل من الطبيعي والمنطقي ان تطبّع اسرائيل العلاقات مع دول عربية بعيدة عن حدودها ولا تسعى إلى التطبيع مع دولة تقع على حدودها مثل لبنان؟!".
لكن نلفت نظر خليفة إلى ان حزب الله قد يقف حاجزاً منيعاً أمام التطبيع مع اسرائيل، فيرد:"اذا كان القرار بيد حزب الله فربما سيعرقل لكن اذا كان القرار بيد مراجع أكبر من حزب الله فالمسألة قد تختلف".

هل سيكون لبنان جزءاً من عمليات التطبيع؟
لا فترة محددة ستستغرقها المفاوضات، ويقول خليفة:"الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد أن يخدم اسرائيل، في المعركة الانتخابية لولايته الأولى قدّم لها القدس الشرقية، وفي المعركة الانتخابية لولايته الثانية قدّم لها هدية التطبيع مع الدول العربية وربما سيكون لبنان جزءاً منها. وأذكّر بعبارة شهيرة للمُخطط السياسي الاستراتيجي هنري كيسينجر يفول فيها:"لا يمكن لاسرائيل أن تعيش بآمان ما لم يقبل بها جيرانها الدول العربية، وأن تكون ذات حدود يمكن الدفاع عنها"، من هنا تلهث الادارة الأميركية إلى اعطائها الضفة الغربية".

وينهي الدكتور نبيل خليفة:"على لبنان التمسّك بالحياد وأنا ايضاً كتبت عن هذا الموضوع، وقد استعان به البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للتحدث عن مشروع الحياد الايجابي".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 1