المجتمع الأهلي يتحرّك بفاعلية: تشكيك مجتمعي بالدعم الحكومي و"آلياته" لتعويض المتضررين بالحرائق

عبير محمود _ دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.10.13 - 08:33
Facebook Share
طباعة

 أدت المبادرات الأهلية دوراً كبيراً في مساعدة متضرري الحرائق في اللاذقية، كاستجابة سريعة نفذها أفراد وجمعيات منذ اليوم الأول لاندلاع النيران في جبال وقرى الساحل، في وقت يشكّك كثيرون بوصول المساعدات التي تنظمها جهات حكومية، متخوفين من أيادي "ضعاف النفوس" التي اعتادت على سلب حقوقهم، بحسب ما ذكر عدد منهم لـ"وكالة أبناء آسيا".

مأساة

"أحمد، د" فلاح من قرية القاموع باللاذقية، يتحدث عن نكبة أصابت قريته، فيما لم يستلم أي من سكانها –حتى إعداد المادة- أي مساعدة سواء غذائية أو عينية أو مادية، متسائلاً أين يتم توزيعها طالما أن قرية كاملة لم تمر بها أي من "أيادي الخير" التي تهلل لها صفحات الفيسبوك.
وأضاف أن المأساة لن تعوضها سلة غذائية أو عبوة "كازوز"، قائلاً: "الزيتون صار رماداً ولم يعد لدينا ما نعيش به، فكيف سيتم تعويضنا، هل ننتظر اللجان لتكتمل والإحصائيات حتى نطعم أولادنا؟".

نكبة مجتمعية

أحد شباب الريف المنكوب تحدث عن إلغائه قرار زواجه حتى إشعار آخر، مبيناً أنه كان ينتظر جني موسم الزيتون ليستأجر بيتاً ويقيم حفلة متواضعة لعروسه التي "حُرق قلبها مع أرضنا ومصدر رزقنا"، كما ذكر.
لم يختلف الحال عند "سامر،ع"، الذي قال إنه يثق بالمبادرات الفردية لا بالجهات الرسمية، مشيراً إلى ضرورة السماح لكل صاحب فعل خير بأن يتوجه مباشرةً للفلاحين المنكوبين، ويساعد بقدر استطاعته حتى لا يكون هناك وسطاء على الإطلاق.

سيدة من قرية بلوران أكدت أنها استلمت سلة غذائية ومواد أساسية "بطانية وأغطية"، قائلة: نشكرهم على ما قُدّم لنا، ولكن هل هذا ما نريده أم أننا نريد معونة مالية تعوض جزءاً بسيطاً من خسارتنا أرضنا لنستطيع إعادة الحياة لها لتحيينا برزقها فلا نحتاج أحداً؟.

مبادرات ولكن..

مبادرات عدة أعلن عنها ناشطون ورجال أعمال، وأخرى رسمية من غرفتي التجارة والصناعة في محافظات دمشق وريف دمشق وحلب لمد يد العون لمنكوبي الحرائق في حمص وطرطوس واللاذقية، لتصل إلى الأخيرة قافلة مؤلفة من 6 سيارات شاحنة محملة بمواد غذائية وأساسية مقدمة من محافظة دمشق، في وقت يشكك متضررون بأن تصل للمستحقين فعلاً.

مبادرة هي الأكثر تنظيماً من بين مبادرات "فيسبوك" أعلنت عنها الباحثة الاقتصادية الدكتورة نسرين زريق، جمعت من خلالها حوالي عشرة ملايين ليرة سورية لمنكوبي قرية بسوت بريف القرداحة (القرية الأكثر تضرراً وفق الإحصائيات الأولية)، مؤكدةً أن "جميع المساعدات سيتم تقديمها يداً بيد وبإشرافها شخصياً لكل عائلة متضررة وتوثيقها اسمياً ليتأكد فاعلو الخير من وصول ماقدموه للمتضررين فعلياً".



رجال الأعمال الكبار، ومنهم أصحاب المعامل والشركات والاستثمارات، قاموا بمبادرتهم أيضاً، حيث تبرع كل منهم بمبالغ اعتبرها البعض "خجولة" مقارنة بإمكانياتهم الهائلة وثرواتهم ، ومنهم من لم يتجاوز المبلغ العيني الذي أعلن عنه 5 مليون ليرة، في حين كان الرقم الأكبر 30 مليوناً لأحد تجار دمشق!.

روتين أمام الكارثة

حكومياً، انتظرت الجهات المعنية في محافظة اللاذقية إعداد المخاتير قوائم بأسماء المتضررين من كل قرية لتبدأ توزيع المساعدات منذ ساعات، ليصار لاحقاً إلى دراسة آلية تعويض الفلاحين عن الأضرار الزراعية وإعادة الحياة إلى أراضيهم، ليسأل مواطنون: إلى متى ستبقى تداعيات الكوارث تنتظر الإجراءات التي يجب أن تكون معدة مسبقاً وفق خطط الطوارئ؟.

الرئيس يعد بالحل

خلال زيارته للمناطق المتضررة بفعل الحرائق، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن "الأضرار والتحديات كبيرة، قائلاً :لكن أهم شيء نعرفه أن هذه التحديات ليست مستحيلة على الإطلاق، فكل المشاكل التي سمعنا عنها قبل الزيارة أو التي رصدناها بالتقارير وسمعناها الآن من المواطنين ومن العائلات المتضررة، كلها لها حل بكل تأكيد، وهي بحاجة لبعض التنظيم".

وأكد الأسد أن الدولة ستقوم بحمل العبء الأكبر من دعم المتضررين، وهو دعم مادي مبدئياً، لكي تتمكن هذه العائلات من البقاء في هذه الأراضي واستثمارها.

مساعدات موثقة!

عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع الشؤون الاجتماعية والعمل لمحافظة اللاذقية عبد الحسن شروف أكد لـ"آسيا" أن المساعدات ستصل لجميع المتضررين بكل القرى والمناطق على حد سواء.



وأضاف شروف أنه يتم حالياً توزيع مساعدات مختلفة في القرى المتضررة بريف اللاذقية وتقسيم العمل وفق قطاعات، قائلاً إن جميع الأمور تسير بشكل جيد، ويتم توثيق عملية التوزيع بكل منطقة.

آلية كارثية

من جهته أكد الخبير الزراعي والتنموي أكرم عفيف لـ"آسيا"، أن تحديد توزيع المعونات أو المساعدات بالمحافظين "كارثة" سيدفع ثمنها المتضررين لا غير.

وأوضح عفيف أن حصر عمليات التوزيع بمحافظ كل محافظة تضررت بالحرائق، أدى لتراجع العديد من الأشخاص والفعاليات عن تقديم المساعدات لعدم ثقتهم بوصولها لمستحقيها، مشيراً إلى أن تجربة الحرائق السابقة (قبل نحو شهرين في حماة واللاذقية وطرطوس) كانت خير دليل على عدم وصولها للمتضررين، وفق ما ذكر.

وأشار الخبير التنموي إلى ضرورة إنشاء منصات مجتمعية أهلية على مستوى القرية الواحدة، ووضع قاعدة بيانات وفق مصفوفات بالمطالب لكل أسرة متضررة، وبالنهاية جمع النتائج والنسب التي تحققت منها لتكون منصة موثوقة لدى الجميع.

ولفت إلى تراجع عدد من المتبرعين (يعرفهم شخصياً) عن تقديم مساعدات بعد صدور قرار حصرها بالمحافظين، قائلاً إن هناك أشخاص كانوا قد أبدوا استعدادهم لتقديم عشرات ومئات الملايين ليتراجعوا بعد تحديد آلية التوزيع بالمحافظات، ما سيؤدي لخسارة المتضررين من جديد.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 8