سورية: وعود إعادة المهجرين إلى مناطقهم المدمّرة تصطدم بشح الإمكانيات وقلة الفاعلية الحكومية

بيتي فرح _دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.10.07 - 05:12
Facebook Share
طباعة

 رغم وعود إعادة الإعمار وإعادة النازحين والمهجرين إلى بيوتهم ومدنهم، والتي أطلقت عقب تحرير الجيش السوري لكل منطقة أو مدينة، وآخرها غوطة دمشق وجنوبها، إلا أن الوضع على الأرض يثبت أن هذا الهدف (ترميم المساكن المهدمة وإعادة أصحابها إليها) لم يتحقق منه إلا القليل، وعلى حساب أصحاب البيوت أنفسهم، المقتدرين منهم، فيما تتراكم الصعوبات أمام معظم الراغبين بالعودة إلى بيوتهم، بسبب ظروفهم المادية من جهة، والعراقيل التي تضعها الجهات الحكومية المعنية بالأمر من جهة أخرى.

ينتظرون الفرج .. والتعويضات!

فيصل الرفاعي، أحد سكان مدينة دوما بريف دمشق، نزح عقب اشتعال الأحداث فيها، يقول "لوكالة أنباء آسيا ": نزحت مع عائلتي من دوما إلى مدينة دمشق عام ٢٠١٢ بسبب تردي الأوضاع الأمنية و الخدمية . مضيفاً أن حاله كحال أي مواطن سوري "نعاني اليوم من نار الإيجارات وارتفاع الأسعار اللامنطقي، فأجار منزلي الشهري وصل إلى ١٥٠ ألف ليرة سورية أؤمنها بصعوبة، و حتى هذا التاريخ مازلنا ننتظر عمل اللجان المعنية بالتأهيل و الترميم، رغم أن معظم الضرر اللاحق بالمباني هو جزئي و ليس كلي" .

من جهته، يقول (عبود م ) لوكالة أنباء آسيا "نزحت من مدينتي حمص عام ٢٠١١ إلى قرى طرطوس، و في عام ٢٠١٨ عدت إلى منزلي الذي كان ( على العضم ) فالمعفشين لم يتركوا فيه شيء ذا قيمة. سابقا ًقابلتنا لجنة التقصي لإحصاء أضرار المنازل، والهادفة إلى تعويض الشخص كلّ حسب خسارته ، قُدرت خسارتي ب ٤٠٠ ألف ليرة سورية، لم أستلمها، حيث تم توزيع المساعدات لنحو ٥ % من الأهالي فقط، فأين ذهبت مخصصاتي"؟

حمص.. 22 حيّاً مدمراً ولا إمكانيات

المدير الفني في مجلس مدينة حمص نضال العلي أوضح في تصريحات لوكالة أنباء آسيا طبيعة الدور الذي قام به مجلس المدينة بإعادة تنظيم جورة الشياح في حمص، بإعطاء عامل استثمار وطوابق إضافية لتشجيع الأهالي على البناء، كما تقوم المدينة حاليا بإعادة تنظيم حي الخالدية ووادي السايح لتشجيع المواطنين على إعادة إعمار مساكنهم.

وعن المعوقات التي تواجه سير العمل، يشير العلي إلى الحاجة الماسّة للإعانات المالية لاستكمال خطط الترميم و إحياء البنى التحتية: "حالياً تقوم المدينة بتنظيف وإزالة الأنقاض من الشوارع، وقد تم سنّ مجموعة من العقود لإنجاز العمل، كالعقد مع شركة الطرق والجسور بقيمة ٤٥٠ مليون ليرة سورية المتضمن إزالة الأجزاء الآيلة للسقوط التي تشكل خطورة على السلامة العامة، وعقد آخر مع ذات الجهة بقيمة ٣٠٠ مليون ليرة سورية للأبنية الخاضعة لأحكام القانون رقم ٣ بإزالة الأبنية المتهدمة في الأحياء المتضررة، و عقد مع شركات القطاع العام بقيمة ٢٠٠ مليون ليرة سورية" .

وكشف المدير الفني في مجلس مدينة حمص عن وجود ٢٢ حي متضرر في المدينة، تتوزع في مركز المدينة و المدينة القديمة، مؤكداً أن العمل مازال مستمراً فيها .

اللاذقية: 1613 منزلاً مؤهلاً فقط

عن عمليات إعادة الإعمار في مناطق ريف اللاذقية، تقول هالة أحمد، مديرة مكتب الإغاثة في اللاذقية، لوكالة أنباء آسيا إن "مساحة الريف الشمالي المتضرر في محافظة اللاذقية يصل إلى حوالي ثلث مساحة المحافظة، التي نزح معظم ساكنيها عند استهدافها لتطال الأضرار البنى التحتية بشكل مباشر .

و تضيف: بعد انتهاء النزاع المسلح عام ٢٠١٦ وتحرير هذه المناطق من قبل الجيش السوري تم اعتبارها مناطق آمنة، و بدأ الأهالي بالعودة تزامناً مع قيام المحافظة بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة بتأهيل المنازل المتضررة جزئيا .

و أشارت أحمد إلى أن عدد المنازل التي تم إعادة تأهيلها وصل إلى ١٦١٣ منزل، و في نهاية ٢٠٢٠ سيتم تأهيل ٢٥٠ منزل بتمويل حكومي، وبعقد مع "الإنشاءات العسكرية" الذي تم البدء به في ٢٠١٧ ، و ما تبقى سيكون من صندوق المنظمات الدولية التي تعمل في قطّاع الإيواء، كالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ، والصليب والهلال الأحمر .

و أكدت أحمد على وجود خطط سنوية للتأهيل ، قابلة للزيادة في حال توفر التمويل "فبجانب تأهيل المنازل، تم تأهيل المدارس و إصلاح شبكة الكهرباء و شبكات الصرف الصحي، و قامت المحافظة باستصلاح بعض الأراضي، و تأهيل مستوصف كفريّة ليخدّم مناطق واسعة من مناطق العودة .

ونوهت إلى صعوبة التمويل حيث لا تتوازى ميزانية الترميم مع مشاريع تأهيل البنى التحتية و الخدمات، و هذا يعيق برنامج إعادة الوضع الخدمي كما كان قبل الحرب .

و اختتمت أحمد حديثها لـ"آسيا" باستبعاد التدخل الحالي في المناطق الشمالية الشرقية المحاذية لمحافظة إدلب، لأنها مناطق غير آمنة تماماً، وهذا شرط أساسي للعودة".

خبير: تكلفة باهظة جداً

و حول المشكلات التي تواجه عملية إعادة الإعمار وإعادة الأهالي المهجرين إلى بيوتهم، يقول الخبير الاقتصادي محمود الفتيح لوكالة أنباء آسيا إنه "نتيجةً للحرب المدمرة ،ظهر جليّا حجم الضرر الذي أصاب الاقتصاد السوري في بنيته الأساسية و الإنتاجية ".

و يؤكد الفتيح أن تكلفة إعادة الإعمار ستكون باهظة جداً "إنه عبء كبير على الحكومة السورية و موازنتها العامة، رغم أن القطاع الأسري يساهم ولو بشكل خجول ووفقا للإمكانيات المتاحة بإعادة ترميم وتأهيل بعض المنازل، والقطاع الخاص يتولى أيضاً إعادة تشغيل وحداته الإنتاجية على كافة الجغرافيا السورية، والمصارف سيكون لها دور في عملية إعادة الإعمار من خلال منح القروض".

ويشير الفتيح إلى أن تحسن الواقع الاقتصادي مرتبط باستعادة الدولة قوتها وفاعلية أجهزتها الحكومية، فهناك محاولات لبدء العملية من قبل الحكومة السورية وحلفائها، ولكن هناك قطاعات كبيرة تعرضت لتدمير كبير وهذا يحتاج الى إمكانيات هائلة .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 5