مبادرة الحريري بإيعاز فرنسي لإنقاذ ماكرون المأزوم!

كتب جورج حايك

2020.09.28 - 06:32
Facebook Share
طباعة

 تبدو المبادرة الفرنسية لإصلاح الوضع اللبناني عالقة في عنق الزجاجة وتكاد آمال الشعب اللبناني تخيب نظراً إلى عراقيل وضعتها القوى السياسية وخصوصاً الثنائي حزب الله وحركة أمل، مما أحرج الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي وضع كل ثقله مُفوضاً من المجتمع الدولي لإنتاج حل وهناك من يؤكد ان المبادرة الفرنسية ظاهرها حل لأزمة لبنان الا ان باطنها حل لأزمات ماكرون الداخلية على الصعيد الفرنسي، فما هي حقيقة كواليس كل القوى التي تربطها علاقة بهذه المبادرة؟

انقلاب حزب الله وأمل

أمام هذا الواقع المرير يقول مسؤول في حزب لبناني معارض مطلع على كواليس المبادرة الفرنسية:"ان رئيس الجمهورية ميشال عون كان صريحاً في قوله ان لبنان ذاهب إلى جهنم إذا لم تسلك المبادرة الفرنسية طريقها إلى التنفيذ لأن الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان متوقف على هذه المبادرة التي ستفتح الطريق أمام المساعدات الدولية كسيدر ومؤتمر الدول المانحة وصندوق النقد الدولي، وفي حال لم يتم ذلك سيكون لبنان امام مصير كارثي أشبه بجهنم".

ونسأل المسؤول المعارض، هل بدأ الرئيس الخروج من عباءة حزب الله؟ يجيب:"كلا، لا يزال تموضع الرئيس إلى جانب الحزب ومواقفه تنسجم مع الموقف الفرنسي المتساهل والمرن مع حزب الله، لقد تأخر عون في الخروج من تموضعه ولم يعد لديه ترف الوقت ليكون خارج هذه الوضعية".

لا يؤيد المسؤول المعارض الكلام بأن الثنائي حزب الله وأمل محاصر محلياً ودولياً ويستطرد قائلاً:"الثنائي ليس مبالياً بشيء ويستمد قوته من ايران، فالثنائي يملك كل شيء: منطقة شبه مستقلة واقتصاد خاص ومالية مستقلة ومدارس ومستشفيات وبنية تحتية وجيش خاص".
ويؤكد "ان الانقلاب الثنائي على الدولة بات أمر واقع، والآن يحاول حزب الله وأمل تشريعه وليس التعنت في المطالبة بوزارة المالية الا جزءاً من تشريع الانقلاب الذي بدأه بالسلاح".

يرى المسؤول المعارض "ان الوضع خطير جداً وبات من الواجب التصدي لحزب الله وأمل في مواجهة سياسية شرسة حتى ولو وصلت إلى الشارع ومهما كانت النتائج لأن ثمن التراخي والاستسلام سيكون باهظاً وأقلّه الانتقال للعيش بذميّة في كنف دولة حزب الله".

انقاذ ماكرون المأزوم

وعن مبادرة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري يقول:"للأسف الحريري يستمر في مسلسل التنازلات وهذه ليست المرة الأولى ويكاد يبيع الدستور وأنا أفضّل ان ينسحب من الحياة السياسية التي تحتاج إلى قلوب شجاعة وقوية".
والمفاجأة التي فجّرها المسؤول المعارض "ان الحريري ليس مسؤولاً عن هذه المبادرة انما أتت بايعاز فرنسي وتحديداً الرئيس ماكرون الذي بات محرجاً ويريد انقاذ مبادرته وحفظ ماء الوجه في الداخل الفرنسي، وبصراحة نحن لم نعد نؤلف حكومة انما نحاول انقاذ ماكرون المأزوم".

يضيف:"نعم الداخل الفرنسي مأزوم، اجتماعياً، واقتصادياً، إلى حد أن هيئات التصنيف الدولية تتجه نحو تخفيض مرتبة الاقتصاد الفرنسي مع ارتفاع معدلات البطالة وزيادة العجز العام ما ينذر بتصنيف فرنسا ذات مستقبل اقتصادي غير مستقر. وأزمة ماكرون أنه يتعامل مع ملفات إقليمية من الصعب تحقيق تسويات فيها، والهدف إنقاذ اقتصاد بلاده المأزوم".

تصعيد في مواجهة اتفاقيات السلام

ويتطرق المسؤول الحزبي إلى الموقف الأميركي ويقول:"الأميركيون يراقبون مسار المبادرة الفرنسية، الا انهم وضعوا خطوط حمراء وهذا ما يتناغم مع موقف المعارضة اللبنانية كالبطريرك مار بشارة بطرس ااراعي والقوات اللبنانية وبعض القيادات السنيّة". ويوضح:" يتساءل الأميركيون كيف يمكن لمسؤول يدعي أنه يعرف الشرق الأوسط أن يثق بأن الايرانيين سيتخلوا عن مكتسباتهم اللبنانية بمجرد ان الرئيس الفرنسي طلب منهم ذلك بلطف؟ أولاً وأخيراً فرنسا لا تملك المال لتساعد لبنان بل هي بحاجة إلى ضوء أخضر من الولايات المتحدة لتسهيل مهمتها وجمع الأموال من الدول المانحة. بإختصار لا توجد دولة في العالم تستطيع العمل ضد إرادة واشنطن. وبالتأكيد ادارة الرئيس دونالد ترامب لن تتساهل إذا ضمت الحكومة العتيدة وزراء محسوبين على حزب الله وبالتالي ستحجب المساعدات عنها. بدليل ان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو أكد ان الولايات المتحدة ستمنع إيران من شراء دبابات صينية وأنظمة دفاع جوي روسية ، تمهيداً لارسالها إلى حزب الله، هذا كله قد يؤدي إلى نسف جهود الرئيس ماكرون في لبنان".

من جهة أخرى يقول المسؤول المعارض:"جاءت المبادرة الفرنسية بتوقيت حسّاس أي عشية توقيع اتفاقيات السلام بين اسرائيل وبعض دول الخليج متل الامارات العربية المتحدة والبحرين، وربما استفز هذا المشهد الاستراتيجي ايران حيث تأهبت لإحتمال توتير المنطقة ضد اسرائيل، ويبدو أن هذا أدى إلى تصلب الموقف الإيراني في لبنان. ولا شك ان مطالبة حزب الله بأن يكون وزير المالية من حصة الطائفة الشيعية كان المقصود منها تقويض المبادرة الفرنسية لأن حكومة لبنانية حيادية غير سياسية، وفق طهران، يمكن أن تعرقل قدرة حزب الله على التحرك من لبنان ، بينما قد تحتاج إيران إلى الحزب للرد على هجوم إسرائيلي على أراضيها".

ويعتبر "انه إذا منعت إيران تنفيذ خطة فرنسية لجلب المساعدات الاقتصادية، فستؤدي إلى حالة المجاعة في لبنان تضرب كل الشعب اللبناني وحتى أنصار حزب الله. والواقع أن حزب الله وحركة أمل معزولان الآن ، حتى أن حليفهما الرئيس عون يعارض رفض الحزبين مبدأ المداورة في وزارة المالية.

ويختم المسؤول المعارض "ان مواقف البطريرك الراعي تبدو الأقوى في مواجهة حزب الله واضعاً شرطاً عليه: اذا كانا يريدان تغيير النظام عليه تسليم سلاحه وانهاء وضعية الدويلة داخل الدولة واعتماد الحياد أي التخلي عن اصطفافه إلى جانب ايران في حروب المنطقة. واللافت ان هناك التفاف اعلامي كبير حول البطريرك الا انه يحتاج إلى قيادة سياسية تواكبه، وهو يتحضّر للقيام في جولة في عواصم القرار لتسويق مشروع الحياد وطلب الدعم لتنفيذه".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 8