الذهب الأبيض .. من ديرالزور إلى تركيا والفلاح يعاني

خاص - وكالة أنباء آسيا

2020.09.21 - 02:11
Facebook Share
طباعة

 
 
مع دخول شهر أيلول يستعد الفلاحون في ريف دير الزور لقطاف الذهب الأبيض من حقولهم بعد تعب لعدة أشهر، حيث يبدأ الفلاح بزراعة القطن في شهر نيسان وأيار ويستمر العمل والعناية بالمحصول حتى تتفتح الاجراس معلنة نهاية الموسم .
زراعة القطن ليست بالعملية السهلة كما يتصور البعض، فهي بحاجة إلى أيدي عاملة وعناية وتسويق، وكل هذه الأمور على الفلاح أن يعمل على تأمينها ليحصد نتاج الموسم .
 
وللتعرف أكثر على المنغصات التي تشوب عمل الفلاح خلال موسم القطن يقول الفلاح " علي الحمادة " من بلدة البصيرة لوكالة أنباء آسيا :"إن مناطق ريف دير الزور التي تقع تحت سيطرة قسد لا تحظى بأي دعم زراعي، وخصوصا مع استمرار الجمعيات الفلاحية بالعمل دون تقديم الدعم المأمول منها من سماد ومازوت وتوفير مياه السقاية، الأمر الذي يكلف الفلاح أعباء مادية إضافية تجعله يفكر جليا في ترك الزراعة والاتجاه إلى أعمال أخرى، وهذا مؤشر سلبي قد ينعكس على أرض الواقع إذا استمر الحال على ما هو عليه، بالرغم من محاولات لجنة الزراعة التابعة لقسد دعم الفلاح عن طريق المنظمات، إلا انها إلى اليوم لم تلبي طموح الفلاح واحتياجاته الكاملة " .
 
مازوت مدعوم ومياه سقاية ..
 
ويتابع " الحمادة" حديثه لوكالة أنباء آسيا بالقول، إن الفلاح يحصل على مادة المازوت المدعوم من قبل لجنة الزراعة في مناطق قسد وبكميات معقولة تكفي الفلاح تقريبا، ولا تجعله مضطرا لشراء المادة من السوق السوداء، وفي مناطق الحكومة السورية هناك دعم لمادة المازوت إضافة إلى تشغيل محطات الري والجمعيات الفلاحية لسقاية الأراضي الزراعية، وهو ما يخفف الأعباء المادية على الفلاح والدعم يكون حسب المساحة المزروعة " .
 
السماد مرتفع السعر وغير مدعوم ...
 
وتحدث المواطن "اسماعيل الحسين " عن اسعار السماد ويقول ؛ يختلف سعر كيس السماد اليوريا بين ضفتي الفرات حيث يباع الكيس في مناطق الحكومة السورية ب ٣٢ ألف ليرة فيما وصل ثمنه في مناطق سيطرة قسد إلى ٥٠ ألف ليرة أو ما يعادل ٢٣ دولار أميركي، والفلاح الذي يملك أراضٍ زراعية يعرف أن الدونم الواحد يحتاج إلى حوالي ٢٠ كيلو غرام إلى ٣٠ كيلو من السماد، ولكن مع ارتفاع أسعاره، بدأ الفلاح بتقليل الكمية ومنهم من استغنى عن السماد نتيجة سعره المرتفع، وكان هناك مطالب بتخفيض سعره أو بيعه أسوة بما يباع لدى الحكومة السورية، ولكن لم نجد من يلبي مطالبنا. ولا يقف الأمر عند السماد فالقطن بحاجة إلى يد عاملة خلال الموسم، وهذا ما يضيف الأعباء على المزارع، كذلك ارتفاع أسعار حراث الأرض حيث وصل إلى ١٢ ألف ليرة سورية نتيجة ارتفاع أسعار المازوت.
 
التسويق بين الحكومة السورية وقسد ...
 
قبل أيام قليلة كان الفلاح في حيرة من أمره، إلى أن أصدرت الحكومة السورية قراراً بتسعير كيلو القطن ب ٧٠٠ ليرة، وهو ما لاقى ارتياحا وترحيبا من قبل الفلاحين، في حين عملت قسد على منع توريد الفلاح محصول القطن إلى الضفة الأخرى عبر اغلاق كافة المعابر البرية والنهرية بوجه الأهالي، والقيام بمداهمات مستمرة على المعابر النهرية الغير شرعية (التهريب)، وافتتحت مركزا في منطقة المعامل لاستقبال محاصيل الفلاحين بعد أن حددت سعر الكيلو أيضا ب ٧٠٠ ليرة بهدف منع الفلاح من توريد محصوله إلى مناطق الدولة السورية.
ويقول " عمران ح " وهو تاجر قطن من بلدة الشحيل، أن السوق السوداء تشهد انتعاشا كبيراً عبر شراء القطن من الفلاح بسعر يتراوح بين ٦٠٠ و٧٠٠ ليرة للكيلو، ويعمل تجار السوق السوداء على شراء محاصيل القطن وتوريدها وتهريبها إلى تركيا حيث يباع الكيلو الواحد ب ١٠٠٠ إلى ١٢٠٠ ليرة سورية، وهذا ما يجعل القطن السوري بعيدا عن السوريين كباقي المنتجات الزراعية والنفطية التي تزخر بها المنطقة وتستفيد منها القوى الخارجية، وتتم عمليات تهريب القطن عن طريق المناطق التي تسيطر عليها القوات التركية في محافظتي الحسكة أو الرقة، وتتم عمليات التهريب بالاتفاق مع حواجز قوات قسد مقابل مبلغ مادي يتفق عليه مسبقا.
 
الحكومة السورية تزيد المساحات والإنتاج ..
وتسعى الحكومة السورية للنهوض بالزراعة واستثمار كل دونم في المنطقة عبر تقديم التسهيلات للفلاحين والدعم اللازم، وفي تصريح سابق ذكر مدير زراعة دير الزور المهندس "محمود الحيو" :" أن الحالة العامة لمحصول القطن جيدة بعد أن تم تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي للفلاحين ، واضاف أن المساحة المخططة للزراعة بمحصول القطن في المحافظة للموسم الحالي بلغت 14300 هكتار، تمت زراعة 12200 هكتار منها، ومن المتوقع أن يكون متوسط إنتاج الهكتار الواحد من القطن في المحافظة نحو 3250 كلغ" .
و لم نستطع الحصول على إحصائية رسمية أو تقديرية من العاملين في القطاع الزراعي بريف دير الزور الواقع تحت سيطرة قسد، إلا أنه وبحسب بعض الأهالي من العاملين في الزراعة، تقدر المساحات المزروعة بأكثر من 15 الف هكتار .
 
وفي ظل هذا الارتفاع الكبير لسعر القطن والذي وصل إلى مئة بالمئة (من ٣٥٠ إلى ٧٠٠ ليرة)، فإن المواطن السوري سيكون بانتظار ارتفاع جديد على أسعار الألبسة القطنية، وهو ما قد يجعلها حلم مقارنة بدخله الشهري .
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 2