النصرة تدخل سوق "النقل" في إدلب.. والعملة اﻷجنبية تحولت إلى"سلعة" للمتاجرة

وسام دالاتي – دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.09.19 - 06:45
Facebook Share
طباعة

 أصدرت "حكومة الإنقاذ"، التي تعد بمثابة الواجهة السياسية لتنظيم "جبهة النصرة"، في مناطق شمال غرب سورية، بياناً قالت فيه إنها ستعمل على تنظيم النقل الداخلي في المحافظة، وحددت تسعيرة بالليرة التركية للراكب الواحد على الخطوط الداخلية، وعلى سبيل المثال تبلغ أجرة نقل الراكب الواحد في الحافلة العامة بين منطقة "دركوش" وقلب مدينة إدلب ٧ ليرات تركية، فيما تبلغ قيمة الأجرة على خط "سلقين - إدلب"، عشرة ليرات سورية، أي ما يتراوح بين ٣٥٠٠ - ٤٠٠٠ ليرة سورية بحسب تسعيرة الصرف المحددة أصلاً من قبل "جبهة النصرة".

تؤكد مصادر أهلية في محافظة إدلب أن شخصيات من تنظيم "جبهة النصرة" تعمل على شراء حافلات لنقل الركاب، لتشغيلها على الخطوط الداخلية في المحافظة، إضافة إلى شراء حافلات جديدة من الأراضي التركية ليتم إدراجها ضمن سوق نقل الركاب، بما يجعل "النصرة"، طرفاً محتكراً لعملية نقل الركاب في المحافظة، وتشير المصادر إلى أن العشرات من السائقين باتوا بحكم "العاطلين عن العمل"، بعد تدخل "النصرة"، في سوق النقل الداخلي.

بحسب سكان محليون تحدثت إليهم "آسيا" فإن تسعير أجرة الركوب بالليرة التركية هي خطوة ضمن سلسلة خطوات اتخذها تنظيم "جبهة النصرة" و "الائتلاف المعارض" بالتزامن، وكل في مناطق انتشاره بحجة "حماية القوة الشرائية للمواطن السوري"، نتيجةً لانهيار أسعار الصرف أمام الدولار الامريكي، واتخذ كلا الطرفين - النصرة والإئتلاف - من تسعير ٧٣ مادة أساسية، إضافة إلى بدل الأتعاب الطبية والنقل، منصة لزيادة الحركة التجارية في سوق صرف العملات في الشمال السوري، وعلى هذا الأساس زادت الأرباح اليومية لكلٍّ من الطرفين نتيجة لازدياد الطلب على الليرة التركية والدولار الأمريكي من قبل المواطنيين لتأمين الاحتياجات اليومية، علماً أن الأجر اليومي للعاملين في المهن الحرة (بناء - بائعي الخضار - السائقين)، يتراوح بين ٤٠٠٠ -٥٠٠٠ ليرة سورية، ويفقدون الكثير من قيمة هذا الأجر نتيجة لتصريفه بالعملات الأجنبية التي بات تداولها إلزامياً.

تقسيمات تجارية..

وفقاً للمصادر التي تحدثت إليها "آسيا"، تقسم العمليات التجارية في الشمال السوري من حيث استخدام العملات الأجنبية إلى ثلاث أقسام، إذ تدار العمليات الكبرى بـ "الدولار الأمريكي"، إذ يتم شراء النفط بالدولار من خلال التعاملات التجارية مع "قوات سورية الديمقراطية"، التي تورد النفط الخام والمشتقات المكررة بشكل بدائي من خلال معبر "عون الدادات"، الذي عاد إلى العمل مؤخراً، كما تقوم "شركة وتد"، التي تعد واحدة من الواجهات الاقتصادية التابعة لـ "النصرة"، والمرخصة في تركيا على أنها "شركة سورية تستورد النفط الأوكراني"، بشراء كميات من النفط الخام عبر الأراضي التركية لتقوم بتكريره عبر حراقات كهربائية تنتشر في منطقة "حارم". وتعد "سرمدا"، مركز التعاملات التجارية الكبرى بـ "النفط - الحبوب - المواشي - تهريب الآثار - تصريف العملات"، وكل هذه التعاملات التجارية تدار بالعملة الأمريكية.

العمليات التجارية المتوسطة الحجم والتي تكون عادة بين تجار الجملة وتجار "نصف الجملة"، تقوم على استخدام العملتين التركية والأمريكية في آن معاً، وبحسب الاتفاق المبرم بين الطرفين، فيما تعد التعاملات التجارية الصغيرة بين تجار "نصف الجملة"، والباعة، ومن ثم العمليات الصغيرة جداً، والتي تربط بين البائع والمواطن، فتقوم جميعها على الليرة التركية، ومخالفة هذا الأمر تستدعي إيقاع العقوبة من قبل "النصرة" أو "الإئتلاف"، بحق المخالفين، وقد تصل العقوبة بحسب بعض المعلومات التي حصلت عليها "وكالة أنباء آسيا"، إلى الحبس لمدة عامين في السجون التابعة للطرف المسيطر على المنطقة.

"الفراطة".. غير مقبولة

لا يقبل أصحاب الأفران والمحال التجارية التعامل بالقطع النقدية المعدنية من الليرة التركية، وذلك نتيجة لضعف الإقبال عليها من قبل الصرافين الذين كانوا قد لعبوا دوراً أساسياً في ضخها في أسواق الشمال بعد أن تسلموها بشكل قسري من قبل حكومتي "الإنقاذ" و "المؤقتة"، وعلى ذلك يعتبر السكان المحليون أن حصولهم على هذه العملات يعد بمثابة "خسارة"، إضافية لقيمة ما يمتلكونه من الليرة السورية، علما ألا ضابط لأسعار الصرف في الشمال السوري للعملات الأجنبية، فمسألة "العرض والطلب"، حولت الدولار الأمريكي والليرة التركية إلى "سلعة"، وبالتالي من الطبيعي أن يكون سعر الصرف متذبذباً.

تقول مصادر أهلية فضلت عدم الكشف عن هويتها خلال حديثها لـ "وكالة أنباء آسيا"، أن الأشهر الثلاث التي مرّت على تطبيق تسعير المواد الأساسية بالليرة التركية، مع تحكم "النصرة" بسوق المحروقات بشكل كامل، جعل من القيمة الشرائية لدخل الفرد تنخفض بشكل كبير، دون إمكانية لزيادة الأجور من أصحاب المهن الخاصة، وازدياد معدلات البطالة بشكل كبير، مع انخفاض في عملية تسويق المحاصيل الزراعية خارج "إدلب"، تبعاً للقيود التي يفرضها كل من "النصرة - الإئتلاف"، على هذه العملية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 4