كنز المتوسط يلهب الإقليم.. سوريا ولبنان خارج التنافس بانتظار حسم الاستحقاقات الداخلية

وكالة أنباء آسيا: كمال شاهين (سوريا) – لبنى دالاتي (لبنان)

2020.09.08 - 02:50
Facebook Share
طباعة

 

 
تتزايد حدة الصراع الإقليمي والدولي حول الغاز المكتشف في شرق المتوسط، والذي ينبئ إن استمرت التوترات على حالها، باشتباك بين الأطراف المتنافسة، تركيا من جهة، واليونان وقبرص وخلفهما فرنسا، وبجانبهما مصر وإسرائيل من جهة أخرى.
وقدَّرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية في العام 2010 احتمال وجود ما يقرب من 122 تريليون م3 من مصادر الغاز غير المكتشفة في حوض شرق المتوسط قبالة سواحل سوريا ولبنان وإسرائيل وغزة وقبرص، بالإضافة إلى ما يقارب 107 مليارات برميل من النفط القابل للاستخراج. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام تبقى في إطار التقديرات، إلا أنها لم تأت من فراغ، فخلال العقد الماضي، جرى اكتشاف العديد من حقول الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط. بدأت عمليات الاستكشاف بالازدياد بعد نجاح الكونسورتيوم الذي تقوده شركة "نوبل إنرجي" الأميركية في اكتشاف حقل تمار في العام 2009 قبالة ساحل فلسطين المحتلة، ومع توالي الاكتشافات أصبحت دول المنطقة أكثر اهتماماً بتكليف الشركات الأجنبية بالقيام بأعمال الاستكشاف.
وفيما تبدو حصة سوريا ولبنان خاضعة للتكهنات، وغير محددة بشكل دقيق، إلا أن اندفاعة روسيا لتوقيع عقود تنقيب واستثمار مع الحكومة السورية، وسعي الشركات الأوروبية والروسية للتعاقد مع الحكومة اللبنانية، تشير بالمقابل إلى وجود كميات تجارية وكبيرة في المياه الإقليمية للبلدين. لكن الحرب المستمرة في سوريا منذ تسع سنوات ونصف، إضافة إلى العقوبات الأمريكية على كل الشركات والدول المتعاملة مع دمشق تمنع حتى الآن انطلاق عمليات استثمار الثروات السورية، فيما يعاني لبنان من مشكلات داخلية وأخرى تتعلق بخلافاته مع كيان الاحتلال حول الحدود البحرية، ما يؤخر استثمار الغاز المتوفر في مياهه الإقليمية، ويمنع هذا المورد الكبير من ضخ الدماء إلى الشريان الاقتصادي للبلدين المأزومين.
في هذا التحقيق، تستطلع وكالة أنباء آسيا حقيقة توفر الغاز في المياه الإقليمية للبلدين، سوريا ولبنان، وسبب تأجيل عمليات الإنتاج، والاتفاقات التي تم توقيعها مع الشركات الأجنبية للبدء في ضخ الغاز، وكيف يمكن أن ينعكس مردوده على اقتصادهما؟ .
 
الغاز البحري السوري .. غموض وآمال بانتظار انقشاع الحرب
كمال شاهين ـ سوريا
كانت سوريا من أوائل الدول العربية في استخراج النفط بكميّات تجارية منذ العقد السادس القرن الماضي، لحقه اكتشاف آبار غاز في مناطق الشرق والشمال الشرقي من البلاد في العقود اﻷخيرة، حققت لفترات قصيرة اكتفاء البلاد من حاجتها مع تصديرها جزءاً منها خارجياً، خاصة إلى أوروبا، وحتى العام 2010 كان اﻹنتاج السوري من الغاز والنفط بحدود 400 ألف برميل يومياً منها 260 ألف للتصدير عبر مرفأ ومصفاة بانياس.
أرقام ضخمة للنفط في سوريا:
في عام 2008 احتلّت سوريا المرتبة 43 عالمياً في احتياطي الغاز بواقع 240.7 مليار متر مكعب حسب "List of countries by natural gas proved reserves أما في قطاع البترول فقد احتلت المرتبة 31 عالمياً.
وحتى العام 2010 لم يدخل النفط وإيراداته في الميزانية العامة للبلاد، واعتبر سراً من أسرار الدولة السورية، واقتصر إعلان الفائدة من عائداته على تأمين واردات ونفقات السلاح الذي كان، وما زال، يأتي عن طريق روسيا، ولم يحدث تغيير يذكر في معيشة الشعب السوري بعد دخوله ضمن الميزانية، إذ بقيت قيمة الرواتب الشهرية للموظفين حتى العام 2014 تعادل 600-800 دولار أميركي للفرد الموظف، أي أقل من بلد لم يكن لديه موارد نفطية مثل لبنان (1200 دولار وسطياً)، أو إسرائيل (2350 وسطياً)، واليوم يعادل راتب موظف الدولة ما قيمته 30 دولاراً وسطياً بعد التضخم الذي ضرب البلاد وجعل من قيمة الدولار تفوق 2200 ليرة.
مع اندلاع اﻷزمة العام 2011 خرج قسمٌ كبيرٌ من مناطق النفط والغاز عن سيطرة دمشق، وفي الوقت الحالي فإن 30% فقط من مواقع موارد الطاقة في عهدة دمشق، في حين أن الباقي منها، أي 70% تحت سيطرة وإدارة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقوات اﻷمريكية التي تمنع دمشق من الوصول إليها بشكل قاطع، بما فيها موارد الغاز في محافظة دير الزور، حيث تقع مصفاة كونيكو التي تزوّد البلاد بأكثر من ربع حاجتها من الغاز المنزلي، وتبيع قسد والقوات اﻷميركية النفط والغاز المستخرج هناك إلى شركات عراقية وأخرى تركية.
غاز المتوسط السوري.. موجود وغير موجود!
أمام هذا الواقع المرير والمستمر منذ عقد تقريباً، اتجهت اﻷنظار إلى غاز البحر الواقع في المناطق الاقتصادية السورية الخالصة، حيث صرّح وزير النفط السابق "علي غانم" في العام 2017 بوجود احتياطيات كبيرة من الغاز في المياه السورية، لافتاً إلى أن احتياطي المقطع البحري الواحد يبلغ 250 مليار متر مكعب، أي أن اﻹجمالي للمقاطع (البلوكات) اﻷربعة تقارب ألف مليار متر مكعب، وفي نهاية 2017، أعلنت الحكومة عن أن العام 2018 سيكون موعداً للشروع باستخراج الغاز من المنحدر القاري السوري وفق (خارطة طريق تم رسم ملامحها مع الدول الصديقة) دون أن تنشر تلك الخريطة.
وفيما كانت شركات “زاروبيج نفط” و”زاروبيج جيولوجيا” و”أس تي غه انجينيرينغ” و”تكنوبروم أكسبورت” قد أعلنت مباشرتها عمليات التنقيب عن النفط والغاز منذ العام 2018، فقد تأخرت الحكومة السورية في اﻹعلان عن ذلك حتى كانون اﻷول من العام 2019 عبر المستشارة الرئاسية بثينة شعبان.إلا أن هذا الكلام الذي مضى عليه عامين دون تغيير ودون إعلان نتائج جديدة للمسح، يتضح أكثر فيما يرويه الباحث الاقتصادي والسياسي محمد صالح الفتيح، الذي يقول: إن هناك الكثير من الغموض حول طبيعة الغاز ووجوده في الساحل السوري، فالمعلومات المتداولة تقول إن هناك مسح سيزيمي، ولكن في موقع وزارة النفط هناك ذكر وجود مسح ثنائي البعد، وهذا يعطي طول وعرض ولا يعطي عمقاً، نفذ على عمقين 700 و1500 متر، وبالمجمل هذا يعتبر عمقاً ضحلاً فيما يتعلق باستكشاف الغاز الطبيعي، الذي يحتاج مسوحات أعمق، حيث أجرت إسرائيل مثلاً مسوحات على عمق خمسة آلاف متر، كما أن المسح السوري نفّذ في العام 2004 أو 2005 أي منذ خمسة عشر عاماً، ومنذ ذلك الوقت لم يتم إجراء أي مسح جديد.
يضيف الفتيح أنه من جانب ثان، فإن روسيا وقعت اتفاقاً في عام 2013 على مشروع بلوك عمريت، وفي صيف 2014 وسّع الاتفاق ليشمل كامل الساحل السوري، و"مالك المشروعين هو مالك شركة فاغنر للخدمات اﻷمنية، وقد أخذ خقوق الفوسفات واﻷسمدة في سوريا، ولكن هناك غموض حول وجود الغاز البحري السوري" كما يقول الفتيح.
يتابع بالقول "هناك رقم متداول هو 700 مليار متر مكعب، وهو يخص الغاز أمام الساحل الشرقي للمتوسط (سوريا ولبنان وفلسطين)، وهو رقم غير رسمي، بمعنى أن أي دولة أو جهة لم تصرح رسمياً بهذا الرقم، ولا مصدر فني أو شركة أعلنت اﻷمر، ومن غير المنطقي وجود تقديرات دون مسح، معتبراً أن تجربة لبنان الذي أطلقت فيه تصريحات، ولكن عند الاستكشاف والتنقيب وجدوا أن الكميات ضئيلة جداً ولا تغطي تكاليف الاستثمار والجدوى الاقتصادية، عدا عن أن الرقم السابق يشمل ثلاث دول، ومنها إسرائيل التي باشرت التصدير.
ويتوقع الباحث الفتيح أن هذا الغاز أقرب إلى منطقة الوسط من شرق المتوسط ، أي تقريباً حول قبرص، وهذا يُلاحظ في أن تركيا لم تجر أية عمليات تنقيب أمام سواحلها المتاخمة لسوريا (مثل لواء اسكندرون) أو حتى منطقة مرمرة، وبقي التركيز كله على مناطق جنوب قبرص، ومشكلة تركيا مع اليونان منتصف البحر المتوسط بعيد عن الساحل التركي المباشر".
عقود سريعة في وزارة النفط!
تم توقيع عقود بين الجانب الروسي والسوري في عهد حكومة المهندس خميس أعادت إلى الواجهة عمليات التنقيب الجارية في البحر المتوسط، فقد تم اﻹعلان عنها من وزارة النفط، ولم توقّع ضمن اللقاء الرسمي للجنة المشتركة السورية ـ الروسية التي التقت في موسكو نهاية العام الماضي، ولم يتم اﻹعلان عن محتوى تلك العقود للعموم.
ويفترض أن تلك العقود تتضمن تفاصيل تشمل المدة الزمنية للتنقيب والتشغيل في حال الاكتشافات، ومستوى التكاليف الاستثمارية للمسح والاستكشاف والاستخراج ومختلف النفقات الممكنة وفق الخطة التنفيذية، وكذلك حصة الشركات في مرحلة استرداد التكاليف الأولّية التي تقارب 40-55%، ومن ثم حصتها التي يفترض أن تنخفض بعد استرداد التكاليف، كما جرى في العقود المصرية مع الشركات الأجنبية مثل شركة إيني الإيطالية وغيرها.
بنفس الوقت، لم يتم الإعلان عن أية شروط سورية محددة في العقود البحرية أو في عقود النفط البرية التي تمّ التوقيع والمصادقة عليها مؤخراً في منطقتي البلوك رقم 7 والبلوك رقم 19 مع شركة ميركوري، وفي منطقة البلوك رقم 23 مع شركة فيلادا وهي عقود برية. مع العلم، أن شركات النفط الروسية بادرت إلى إبرام عقود مع إقليم كردستان العراق، ومع العراق وإيران، ومع شركة إيني الإيطالية التي تستخرج الغاز من شرق المتوسط. وقد حصلت شركة سويوز الروسية للنفط والغاز على امتياز بقيمة 100 مليون دولار لمدة 25 عاماً للتنقيب عن النفط والغاز في بلوك (عمريت) البحري منذ العام 2013 المجاور للمياه اﻹقليمية اللبنانية مع وجود خلاف سوري ـ لبناني على ترسيم المناطق البحرية بين البلدين تدخّلت روسيا في حله، خاصة أنها تنقب في المنطقة اللبنانيةأيضاً.
تمثل هذه السياسة استمراراً لسياسات دمشق المتمثلة في إبعاد الثروة النفطية عن التداول العام، وهو ما يمنع الوصول إلى أية معلومات قد تساعد في فهم الطريقة التي يتم فيها صرف أو إنتاج النفط والغاز، ويسمح بوجود شبهات فساد غير معروفة اﻷطراف، حيث توضح تجربة العقود السابقة مع شركات روسية في المجالات الأخرى غير النفطية (معمل الفوسفات والأسمدة واستثمار مرفأ طرطوس) وجود نسب استثنائية للشركات المتعاقدة تجاوزت الـ60 % ونسبة منخفضة لا تتعدى 30% للمال العام، وتشير أيضاً إلى وجود شركات وسيطة سورية لديها أيضاً حصص من نسبة الشركات الروسية الخاصة المتعاقدة .
متى سيبدأ الإنتاج السوري؟
في الوقت الذي بدأت فيه غالبية دول شرق المتوسط إنتاجها من الغاز البحري، فإن لبنان وسوريا وحدهما بقيا خارج هذا السباق الدولي المحموم، ولا يبدو الروس مستعجلين للوصول إلى اﻹنتاج بعد أكثر من عام على بدء التنقيب في البحر.
بالمقابل، شهدت سوريا أزمات طاقة متعددة منذ اﻷزمة، إلا أن أكثرها حدة جاء بعد توقف النفط والغاز اﻹيراني عن الوصول، في غياب كامل للغاز الروسي الذي يصل إلى الجوار التركي، مما دفع إلى البحث عن مراكز إنتاج جديدة محلياً كما حدث في بدء استخراج حقول منطقة قارة في ريف دمشق، مع أحاديث حكومية متكررة عن وضع آبار في الخدمة كما في شرق حمص (صدد)، ولكن هذا كله لم يكف لتخفيف أزمة الوقود والكهرباء المعتمدة بالكامل على الوقود اﻷحفوري والغاز معاً، ومع تطبيق قانون قيصر الذي يطال الشركات العاملة في قطاع الطاقة المحلية والخارجية التي تتعامل مع الحكومة السورية، ومنها الروسية واﻹيرانية، فإنه من غير المتوقع بدء اﻹنتاج السوري من الغاز البحري قبل أقلّ من عامين.
عملية استخراج الغاز ومن ثم نقله وتسييله ليست بالعملية السهلة، خاصةً بغياب مراكز تسييل تتيح وضع الكميات المنتجة قيد الاستخدام التجاري، سواء للاستخدام المحلي في ظل الحاجة الماسة له في فترة إعادة اﻹعمار القادمة والمتوقع أن تستهلك جزءاً كبيراً من الحصة السورية المستحقة، أو للتصدير الخارجي مع الصعوبات الكبيرة التي تكتنف العملية في ظل الكميات الكبيرة المنتجة في منطقة شرق المتوسط ككل، خاصة الإنتاج المصري والقبرصي واﻹسرائيلي، ومؤخراً اليوناني والتركي (في البحر اﻷسود إن صحّت اﻷنباء القادمة من هناك)، عدا طبعاً عن التحالفات الناشئة في المنطقة التي أبقت كلاً من لبنان وسوريا في الفضاء الروسي فقط، وهو ما يعني شحّاً في إمكانات التصدير، يضاف لها العقوبات الأميركية المتصاعدة على كل من روسيا وسوريا وعلى كل الشركات التي تتعامل مع البلدين، وهو ما يتسبب في تأخير متتابع للوصول السوري إلى موارد طاقتها البحرية، فهناك مشاكل قانونية كبيرة تحتم العمل عليها للوصول إلى حلول مقبولة وممكنة في ظل الصراع المحتدم على مواقع النفوذ في شرق المتوسط، والتي يبدو أن الفائز اﻷكبر فيها حتى اﻵن هو إسرائيل وقبرص.
ماذا عن الحصص السورية؟
حتى اﻵن لا يوجد تقدير موثّق، ولو تقديرياً، ومعلن من قبل الحكومة السورية لحجم الاحتياطي البحري باستثناء تصريح وزير النفط السابق علي غانم، كما أنه لا توجد دراسات سورية معلنة ومتاحة للجمهور أو للباحثين، ولكن التقديرات تشير إلى أن الاحتياطي المتوقع في المتوسط قد لا يكون ذو فائض تصديري كبير، وخاصةً مع ارتفاع الاحتياجات السورية للطاقة في مرحلة إعادة اﻹعمار القادمة، ،فقد كانت سوريا قبل العام 2011 تستورد جزءً من حاجاتها من الغاز والنفط من مصر والجزائر، ولا شك أن ارتفاع نسبة النمو المتوقعة بعد انطلاق عملية إعادة اﻹعمار ستزيد الحاجة إلى موارد الطاقة المحلية بما فيها الحصة الروسية المتوقع أن تكون نسبتها بحدود 40-50% وفق القوانين السورية.
في حال بدأ اﻹنتاج والتصدير العام 2023 وفق تصريحات الشريك الروسي، فإن أمام السوريين ثلاث سنوات من الانتظار كي تنعكس مبدئياً ثمار الغاز البحري في حياتهم اليومية، أي في مسألة الغاز المنزلي، دون الحديث عن عجلة اﻹنتاج الاقتصادي التي تحتاج وقتاً أطول لحين تجهيز البنى التحتية اللازمة لها حتى تكون اقتصادية في الاستهلاك.
هذا الكلام لا يؤيده الدكتور سمير عيطة الخبير الاقتصادي السوري المقيم في فرنسا فيقول في تصريحات لوكالة أنباء آسيا: “غاز سوريا في المتوسط محتمل وليس أكيداً. وحتى لو تم اكتشافه يحتاج الى استثمارات كبيرة لاستخراجه ونقله. نحو سوريا أولاً، حيث ميزان الطاقة سلبي حتى لو احتسبنا نفط دير الزور. ونحو الخارج يمكن طرح السؤال إلى أين وكيف، فأنابيب في البحر مكلفة. وأنابيب في اليابسة تتطلب اتفاقاً مع الدول المجاورة (في حال الرغبة بالتصدير). بالتالي لا يمكن أن يكون محوراً أساسياً في إعادة الإعمار.
ويرى عيطة أن لا حاجة للغاز في عملية إعادة الإعمار، الذي له مساره الزمني الخاص، كما أن اقتصادياته مختلفة جداً عن تلك التي ﻹعادة الاعمار"، ورغم الوجود الروسي فإن اﻷمر كما يقول الدكتور العيطة "يتطلّب توافقات كبيرة ليست سهلة حتّى بالنسبة لروسيا التي لديها شركات نفطية تعمل في سوريا، ولكن لننظر إلى العقوبات الأمريكية على خط نوردستريم الروسي أو منع مصر من تصدير غازها إلى سورية عبر الخط العربي المار في الأردن" وهذا يعني صعوبات كبيرة فعلاً، كما يقول .
 
*لبنان يدخل على خريطة الطاقة العالمية .. دون أن يلمس نتائجها جتى الآن
لبنى دالاتي - لبنان
على الرغم من عدم توفر النفط في لبنان، إلا أن موقعه في منطقة تعتبر الأغنى بالنفط والغاز في العالم ساهم في إمداده بأقصى حاجاته من الطاقة لعشرات بل مئات السنين المقبلة، وذلك عن طريق مد أنابيب النفط إلى شواطئه في الزهراني وطرابلس من المملكة العربية السعودية والعراق، اللتان تملكان أول وثاني أكبر احتياطي مؤكد من النفط في العالم. ولكن تطورات الداخل، كما بعض تطورات المحيط عطلت هذه الاستفادة كلياً.
وتمثل المشتقات النفطیة المصدر الأساسي والأھم للطاقة في لبنان، وتتفاوت تقدیرات نسبة ھذه المشتقات النفطیة في مجمل الطاقة التي یتم استھلاكھا، فالإحصاءات غیر متوفرة بشكل تفصیلي، كما أن تھریب بعض المشتقات أو استیرادھا من قبل المستھلكین، وبكمیات صغیرة، عبر الحدود اللبنانیة السوریة، تبقى غیر معروفة ومن الصعب تقدیرھا، إذ إنھا ترتبط بنمو الفروقات في الأسعار بین البلدین كما يقول خبراء.
الخبير النفطي، الدكتور محمود إدلبي يقول في تصريحات لوكالة أنباء آسيا إن لبنان، منذ عشرات السنين، وهو يعمل على استيراد النفط، وأن كل من المملكة العربية السعودية والعراق تعتبران من أهم المصدرين للنفط الخام الذي كانت تتم عمليات تكريره في مصفاتي طرابلس والزهراني، ومن ثم يتم توزيع المواد النفطية المكررة على المحطات.
ويشير إلى أن عمليات التكرير التي كانت تتم في لبنان لم تكن تحصل فقط بهدف الاستهلاك المحلي، إنما من أجل التصدير إلى الخارج.
يضيف الإدلبي أن لبنان اليوم لا يستورد إلا النفط المكرر، نظراً لغياب المصافي المخصصة لتكرير النفط، وأنه يستورد النفط المكرر من المصافي الموجودة في كل من اليونان، فرنسا وإيطاليا، الذين بدورهم يستوردونه من دول حوض البحر الأسود، وهذه الدول تعتبر أقرب إلى لبنان من حيث الموقع الجغرافي، وبالتالي ستكون كلفة الاستيراد ومخاطر النقل أقل مقارنةً بدول أخرى.
ثروات لبنان النفطية.. تقديرات
يقدم الخبير الاقتصادي في النفط " زياد ناصر الدين" في حديثه إلى وكالة أنباء آسيا، مافي جعبته من معلومات عن ثروات لبنان النفطية، فيقول لوكالة أنباء آسيا إن ققيمة الاستكشافات النفطية قدرت بـ95 تريليون قدم مكعب من الغاز، و900 مليون برميل نفط في المنطقة الاقتصادية الخاصة، ووصلت القيمة المالية المقدرة للغاز إلى 600 مليار دولار، والقيمة المالية المقدرة للنفط تصل إلى 450 مليار دولار، وهذا يعني أن القيمة المالية النفطية تصل إلى 1000 مليار دولار تقريبا، بتقديرات المرحلة الأولى للاستكشافات
ويشير الى أنه من الناحية الاقتصادية، وبشكل موازٍ، كانت توقعات الخبراء الماليين والاقتصاديين متفائلة بارتفاع قيمة الناتج المحلي، مع حلول عام 2021 إلى 120 مليار دولار، في حال بدء الإفادة من إنتاج النفط والغاز وإيراداتهما، فقطاع النفط والغاز سيؤثر بشكل إيجابي فيما يتعلّق بتوفير إمدادات الطاقة، بما يقلص الاعتماد على الموارد الخارجية، كما سيساعد على تقليص الدين العام (المتأتي بجزءٍ كبير منه من دعم قطاع الطاقة، وخاصة الكهرباء)، الأمر الذي سيؤدي إلى نمو الناتج.
ويضيف أن توقيع اتفاقية استكشاف وإنتاج الغاز بين الدولة اللبنانية والشركات، التي تنظم قواعد العلاقة بين الطرفين لثلاثة عقود، ودخول روسيا والاتحاد الأوروبي إلى شرق المتوسط عبر البوابة اللبنانية، يعتبرأن هذه الثروة من أهم العوامل الني ستمنح لبنان حصانة سياسية واقتصادية مهمة في المستقبل، خاصةً وأن الشركات الأجنبية فضلت الاستثمار في الحقول اللبنانية على تلك الموجودة في فلسطين المحتلة، رغم أن إسرائيل عرضت جميع الحقول للاستثمار، لكن يبدو في العلم الاستثماري التجاري أن مصلحة هذه الشركات في الحقول اللبنانية تقوم على نظرة شاملة تتعلق بكمية الغاز الكبيرة الموجودة فيها، وفي آلية نقل هذه الطاقة إلى أوروبا مستقبلًا.
ويشدد ناصر الدين أن أهم الإيجابيات بالنسبة للبنان، تكمن في أسماء الشركات الكبرى التي وقّع معها اتفاقيات استكشاف واستخراج الغاز، والتي ستساعد كثيراً في حسم الصراع على الأسواق.
مشكلات سياسية وإقليمية
أما عن المشكلة مع إسرائيل والولايات المتحدة بأبعادها وتحدياتها، فيقول ناصر الدين أن الولايات المتحدة تحاول ترويج مصطلح "المنطقة الاقتصادية المتنازع عليها" في إشارة إلى الحيز الجغرافي الذي يقع فيه البلوك رقم 9، وبالتالي تحاول من خلال ذلك فرض شروط على لبنان يخسر فيها حوالي 30 إلى 40 % من حقّه في هذا البلوك، بالإضافة إلى خسارة البلوك رقم 8 بشكل كامل، فيما لو وافقت الحكومة اللبنانيّة على الحل الأمريكي.
ويضيف أن إسرائيل تستغل خريطة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص، وخاصة النقطة 1، وتدعي أنها نقطة التقاء الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلّة، بينما نقطة الالتقاء هذه بحسب خرائط الأمم المتحدة تمتد من النقطة 23 البحرية إلى نقطة الحدود البرية في الناقورة، ويستطرد "يبدو حتى الآن أن الموقف الرسمي والشعبي وموقف المقاومة، حاسماً برفض الإملاءات والشروط التي روج لها موفد واشنطن دايفد ساترفيلد كحل للأزمة بين لبنان والعدو الإسرائيلي، بل هو موقف متمسك باعتبار هذه المنطقة ضمن نطاق الحدود اللبنانية البحرية"
ويؤكد على أمر، وهو أنه لا يمكن للولايات المتحدة لعب دور الوسيط في حل هذا الخلاف، بسبب انحيازها الدائم لإسرائيل، ولا بد لها من الكف عن سياسة التهديد بسيف العقوبات المالية في حال عدم خضوع لبنان للحل الذي طرحه "ساترفيلد" والذي عليه أن ينتبه أن زيارته للبنان أتت بعد إسقاط طائرة الـوما، وبعد هذا التطور ليس كما قبل.
الاستثمارات النفطية
يقول ناصر الدين إنه من المفترض أن تجذب مشاريع إنشاء وتطوير حقول النفط والغاز استثمارات مهمة وضخمة، وأن تخلق مئات فرص العمل خلال فترة زمنية تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات.
ويشير إلى أن الصفقات والمشاريع التجارية الموازية ستزدهر بما يمكن المواطنين اللبنانيين والشركات الصغيرة والمتوسطة المعنية بأنشطة الاستكشاف من تصدير خبراتهم إلى السوق الإقليمي وأوروبا الجنوبية.
ويختم بالقول" إضافة إلى أن صناعة الاستخراج والإنتاج ستفتح الطريق أمام لبنان لتكريس مكانته على الخريطة العالمية للبحث العلمي في مجالي العلوم الجيولوجية وتصميم النماذج الاقتصادية".
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 8