"تراخيص على الورق": لماذا تُرخّص سوريا لشركات طيران لا تعمل؟

حبيب شحادة _ دمشق وكالة انباء اسيا

2020.09.07 - 04:08
Facebook Share
طباعة

 شهدت سنوات الحرب السورية قيام الحكومة بترخيص العديد من شركات الطيران الخاصة، رغم العقوبات الاقتصادية، ومن ضمنها، تعليق رحلات الطيران من دمشق لأغلب دول العالم.
ومع حصول كل تلك الشركات على الترخيص، إلا أن واحدة منها فقط تعمل بشكل فعلي اليوم.
ويثير عدم تفعيل عمل شركات الطيران الكثير من التكهنات، من قبيل أن هذه الشركات تم إنشاؤها في محاولة للالتفاف على العقوبات الغربية، وأهمها قانون "قيصر"، خاصة وأن عقوبات "قيصر" تمنع أي فرد أو دولة من تزويد دمشق بطائرات أو قطع غيار للطائرات، ولكن الحكومة السورية لا تعلق على هذا الاتهام، وتحيط الأمر بجدارٍ من الصمت.

ومنذ عام 2008 وحتى أيلول/سبتمبر الحالي، منحت الحكومة السورية تراخيص لعشر شركات طيران سورية خاصة، كانت أولها شركة "أجنحة الشام"، التابعة لمجموعة "شموط" التجارية، وآخرها لشركة "سماء الشام للطيران" في 2 أيلول/سبتمبر الحالي، والعائدة ملكيتها لشركة "الإخلاص للحوالات المالية".

مصدر في وزارة النقل السورية (رفض ذكر اسمه) قال لوكالة "آسيا" بأنّ موضوع شركات الطيران العامة أو الخاصة يعتبر بمثابة خط أحمر لا يمكن الحديث عنه للإعلام بكافة تفاصيله، مضيفاً أن بعض شركات الطيران تقوم بعملية استئجار لطائرات من شركات عربية، لتشغيلها على الخطوط الجوية السورية، في محاولة منها للالتفاف على العقوبات.

وأضاف المصدر بأن وزارة النقل تُشرف فقط على جهوزية المطارات، والطائرات، وبعض الأمور اللوجستية، دون قدرتها على التدخل في عمليات تتصل بآلية تشغيل بعض الطائرات، وخطوطها، وما تحويه، سواء كان لجهة بعض الحمولات (بضائع أو غيره) أو حتى بعض الأشخاص.
اثنتان من أصل عشرة تعمل!

وتعمل في سورية اليوم شركتان فقط، أجنحة الشام (قطاع خاص)، ومؤسسة الخطوط الجوية الحكومية السورية، بحسب إفادة المصدر في وزارة النقل.

وتأسست "أجنحة الشام" عام 2007 كأول شركة طيران خاصة، ومنذ عام 2014 باتت الشركة هي الناقل الثاني، ومن ثم أصبحت الأول في سوريا، وباتت بديلاً عن "الشركة السورية للطيران" التي فرضت عليها عقوبات أميركية وأوروبية.
وتعود ملكية شركة "أجنحة الشام للطيران" إلى "مجموعة شموط" التجارية التي أسسها رجل الأعمال محمد عصام أنور شموط.

في حين كانت شركة "فلاي داماس" (تأسست عام 2015) تأتي بدرجة أقل من "أجنحة الشام" في عملية تشغيل حركة الطيران المدني في سوريا، والتي اقتصرت رحلاتها على نطاق ضيق جداً، شملت دول الكويت والعراق والسودان بشكل رئيسي، لكنها اليوم متوفقة عن العمل نتيجة إفلاسها منذُ العام 2017، بحسب إفادة رودي الصالح (موظفة سابقة بالشركة) والتي أضافت بأن صاحب الشركة عمار القادري هرب إلى السعودية، بعد ترتب ديون على شركته لصالح السورية للطيران، وذلك لقاء الخدمات التشغيلية التي كانت تقدمها لشركته.

شركات الطيران الخاصة محاولة للالتفاف على العقوبات؟

دكتور الاقتصاد في جامعة حلب حسن حزوري، اعتبر في حديثه لوكالة "آسيا" أن فاعلية هذه الشركات على الأرض صفرية، مضيفاً أن أسعار الطيران السوري أغلى من كل دول العالم، كأجنحة الشام، ما جعل العديد من السوريين يذهبون لمطار بيروت بدلاً من مطار دمشق.
ويشير حزوري إلى أن هذه الشركات الجديدة لا تخضع للعقوبات حالياً، ولكن قانون قيصر واضح لجهة فرض العقوبات على كل من يتعامل مع الدولة السورية كمبدأ عام، ويقول " إنّه في حال كان إنشاء هذه الشركات للالتفاف على العقوبات فالأمر جيد".

وتساءل حزوري عن الغاية أو الاعتبارات من ترخيص هذا العدد من الشركات، في ظل عدم عملها حتى اليوم، وعلّق قائلاً "من أين تأتي تلك الأموال لترخيص شركات الطيران؟ ما مصدرها؟ خصوصاً أن موضوع تبيض الأموال قائم اليوم، مؤكداً أن مؤسسة الطيران السورية ليس لديها أية طائرة، إلا عن طريق الاستثمار، وبالتالي المستثمر يفرض شروطه.

ويرى حزوري أن تأسيس هذا العدد من شركات الطيران لا علاقة له بإعادة الإعمار، والتي تتطلب مشاريع إنتاجية واقتصاد إنتاجي، وليس اقتصاد احتكاري.

وكان بعض الخبراء الاقتصاديين أشاروا إلى أن منح التراخيص لشركات طيران خاصة في سوريا مرده إلى محاولة من الحكومة للالتفاف على العقوبات، لا سيما أن شركة "أجنحة الشام" تم شملها بالعقوبات سواء الأوروبية أو الأميركية، وأن تلك الشركات لم تعمل لغاية الآن، لأنها رُخصت للعمل في ظل العقوبات الأميركية .

شروط الترخيص

أعلنت وزارة النقل، في عام 2018 عن البدء بإجراءات جديدة للموافقة على ترخيص شركات طيران خاصة في سوريا، مشترطةً ألا يقل رأسمال الشركة عن 500 مليون ليرة سورية دون ثمن الطائرات، حتى تمنحها الترخيص، بهدف تسهيل عمل الشركات الراغبة في الحصول على ترخيص، وضمان عدم الإتجار بشهادة المشغل الجوي.

ومن ضمن الشروط التي وضعتها الوزارة، أن تكون الطائرة التي ينوي المستثمر تشغيلها مملوكة أو مستأجرة بقصد الشراء،وأن يكون مقر الأعمال الرئيسي للمستثمر في سوريا، وأن يكون مسجلاً في السجل التجاري.

وبحسب الشروط، يجب ألا يزيد عمر الطائرة عن 20 سنة لطائرة نقل الركاب، و25 سنة لطائرة الشحن، وذلك بدءاً من تاريخ الصنع.

كما ينص على أنه لا يجوز أن يقل الوزن الأعظمي لأي طائرة عند الإقلاع عن 5,700 كغ، وألا يقل عدد مقاعدها عن 20 مقعداً أما طائرة التكسي الجوي فتكون 19 مقعداً.

كذلك، ألا يقل أسطول الطيران عن 3 طائرات لشركات نقل الركاب، ولا يقل عن طائرتين لشركات الشحن ونقل البضائع، وثلاث طائرات لشركات نقل الركاب والبضائع والشحن، ولا يقل عن طائرتين لشركة التاكسي الجوي.

140 مليون ليرة كلفة الترخيص

واشترطت الوزارة أن يدفع طالب الترخيص 5 ملايين ليرة للحصول على الموافقة الأولية، وهذا المبلغ لا يُعاد إليه، ويتقدم بطلب رسمي وشهادة تسجيل تاجر أو شركة تجارية وسند ملكية للمقر الرئيس للشركة، وأن يتقدم بخطة عمل للشركة لمدة 3 سنوات وكذلك دراسة للجدوى الاقتصادية.
وأيضاً دفع مبلغ 10 ملايين ليرة تدفع مرة واحدة كبدل لدراسة الوثائق اللازمة لاستكمال إجراءات الترخيص، وبعد استكمال جميع المتطلبات تعلم المؤسسة صاحب الطلب بتسديد 50 مليون ليرة كبدل مالي لإصدار شهادة مستثمر جوي، ويتم تجديدها سنوياً مقابل 25 مليون ليرة.

كما على المستثمر تقديم كفالة مصرفية سنوية بقيمة 50 مليون ليرة تجدد سنوياً، مشترطاً وجود غطاء تأمين وفقاً لمعاهدة مونتريال لعام 1999 لطائرات نقل الركاب والبضائع والشحن، وكذلك غطاء تأميني للطرف الثالث الموجود على الأرض.

وعند قبول المؤسسة التنازل عن ترخيص الطيران للغير يستوفى من المشغّل 50 مليون ليرة كبدل تنازلي، كما يستوفى 10 ملايين ليرة كبدل مالي مقابل الموافقة على إدخال كل شريك جديد ثانوي أو رئيسي، أو عند تغيير الشكل القانوني أو الاسم التجاري.

إلغاء الترخيص

يشترط على مؤسسة الطيران المدني إنذار المشغل خلال شهر ميلادي كحد أقصى قبل تعليق ترخيص الطيران بناء على اقتراح معلل ولأسباب موجبة، ولا يتم رفع التعليق إلا بعد انتفاء الأسباب، كما تنذره خلال شهر أيضاً قبل إلغاء الترخيص.

ويلغى ترخيص الطيران بحال عدم تسديد البدلات أو الرسوم المحددة، وعند عدم التقيد بأحكام أنظمة الطيران المدني السوري، وبحال لم يبدأ التشغيل خلال سنة من منحه الترخيص، أو عند التوقف عن التشغيل 6 أشهر متتالية، وفي حال استمرار المخالفة وتجاوزها المدة المحددة في الإنذار.

من هي شركات الطيران الحالية؟

"فلاي داماس"

بالإضافة إلى شركة "أجنحة الشام"، كانت "فلاي داماس" تُشغّل بعض الرحلات إلى خارج سوريا، بعد أن حصلت على الترخيص النهائي من "المؤسسة العامة للطيران المدني السوري" في 19 شباط 2015، وأصبحت تحمل شهادة مشغل جوي سوري منذ ذلك الوقت.

"فلاي أمان"

تأسست عام 2018، تعود ملكية 90 بالمئة من أسهمها إلى نائب رئيس مجلس إدارة "أمان القابضة" خلدون الزّعبي، فيما النسبة المتبقية لرئيس مجلس إدارة "أمان دمشق المساهمة" التابعة لـ "أمان القابضة" محمد بشار عاصي، وتملك 3 طائرات. ومن الجدير ذكره أن رئيس مجلس إدارة "أمان القابضة" هو سامر فوز رجل الأعمال السوري.

"ايست أند ويست"

تأسست عام 2018، رئيس مجلس إدارتها هو ناصر قيدبان، كان مسشتاراً في وزارة النقل السورية ومديراً تجارياً في "السورية للطيران".

"الوطنية"

تأسست عام 2018، حينما أعلن رجل الأعمال السوري المغترب مازن الترزي، مطلع ذلك العام عن تأسيس الشركة، برأسمال وصل إلى 70 مليون دولار، يمتلك فيها الترزي 85% من أسهم الشركة، فيما توزعت باقي الأسهم على ولديه علي وخالد.

"نايا"

تأسست عام 2019، ويديرها فراس البني، برأسمال وصل إلى 500 مليون ليرة سورية، موزع على ألف حصة قيمة كل حصة 500 ألف ليرة، ويتقاسم هذه الحصص ثلاثة أشقّاء، هم (فراس محي الدين البني، وبدر، ورزان البني).

"الأجنحة الذهبية"

تأسست في شهر أيار الماضي من العام الجاري (2020)، وتعود ملكيتها لثلاثة مستثمرين سوريين هم: أيهم محمود سليم ويمتلك 33 بالمئة من أسهم الشركة ويشغل منصب مدير الشركة، وسلامة داوود الحاج علي ويمتلك ما نسبته 33 بالمئة من الأسهم، إضافة إلى علي صالح الحاج علي الذي يمتلك الحصص المتبقية البالغة نسبتها 34 بالمئة من أسهم الشركة.

"بيتر ايرلاين"

هي الشركة التاسعة التي تم ترخيصها، وتعود ملكيتها لمستثمرين سوريين اثنين هما، مارك خليل عبيد ويملك 95 بالمئة من أسهم الشركة ويشغل منصب مدير الشركة، وكنده ربيع حلال وتملك ما نسبته 5 بالمئة من الأسهم المتبقية.

"سما الشام للطيران"

الشركة العاشرة المرخصة بتاريخ / أيلول /سبتمبر الجاري، ويمتلك الشركة كل من جوان عكاش يوسف بنسبة 90% من الأسهم، وتعود ملكية الـ 10% بالمئة المتبقية إلى أيهم عكاش يوسف، وكلاهما شريك مؤسس في "شركة الإخلاص للحوالات المالية".

ورغم هذا العدد الكبير من التراخيص لشركات طيران، يعاني السوريون الأمرّين في السفر من وإلى البلاد، فيتوجهون إلى مطار بيروت، ما يزيد عليهم الأعباء المالية، ويضيع الكثير من الوقت، وخاصةً في ظل جائجة كورونا التي قيّدت الحركة بين البلدان، وجعلت السفر المباشر والآمن والاقتصادي حلماً لآلاف السوريين.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 1