عن الاستيراد و التصدير في سورية وأهمية ضبط عمليات التهريب

زينا صقر _دمشق وكالة أنباء آسيا

2020.09.04 - 08:15
Facebook Share
طباعة

 أزمات متتالية تحطّ على رؤوس المواطنين في سورية، و آخرها أزمة المواد المستوردة و غلاء أسعارها اضعافاً مضاعفة، بالتوازي مع ثبات في الدخل و كأنه تحول الى حجر، بينما أسعار السوق تسابق القدرة على تغطيتها، بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار على المستوردين من تجار و صناعيين، هذه الكماشة التي تخنق السوريين الى متى؟

الخبير الإقتصادي شادي أحمد أكد في حديثه مع وكالة انباء آسيا أن المواد المسموح استيرادها هي قائمة من ٦٠ مادة تقريبا، هذه المواد تتعلق بمستلزمات الإنتاج، ومعفية من الرسوم الجمركية، و القسم الثاني مواد غذائية و استهلاكية، تستورد نظامياً و تصدر فيها إجازات استيراد . المواد الأُخرى التي نجدها في السوق المحلية، حكماً لا تملك إجازات استيراد، كمواد التجميل و الألبسة الأجنبية و ماركات الساعات... لافتا الى أن السوق السورية رغم سنوات الحرب و الأزمة الإقتصادية الخانقة، لم تفتقد أي مادة أجنبية، و هذا الامر يرجع لعدم ضبط التهريب و خصوصا عن طريق الحدود البرية مع تركيا ولبنان .

ويتابع أحمد ، " هناك أقاويل - و لكن لا أتبناها بالمطلق- أن بعض المستوردين للمواد المسموح بها، يستوردون مثلا كونتينر (حاوية مواد مستوردة)، و من ثم يقومون بإضافة بعض المواد غير المسموح باستيردها ، و يتم إدخالها الى السوق المحلية، و هذا ما يفسر حجم المواد الكبير داخل السوق السورية، لأن التهريب وحده لا يكفي لتعبأتها بهذا القدر " .

و أشار أحمد الى أن تفاوت المواسم يحتم استيراد بعض المواد التي عادةً تنتج محلياً، كالبندورة التي تعتبر مادة متواجدة نسبياً، و لكن يأتي موسم يقل تواجدها في السوق السورية، لذا يسمح باستيرادها، أما قطاع الدواجن الذي يعاني كثيراً بسبب غلاء الأعلاف، و الذي أدى لانكفاء المربين عن تربية الدواجن، و بالتالي حصل نقص في السوق المحلية، استعاضوا عنه بالفروج المجمد المستورد و غير المستورد، و إنما يتم حفظه في وحدات تبريد خلال فترة فائض الانتاج " .

عجز الجهات المعنية عن ضبط التهريب

يؤكد أحمد ان الجهة المسؤولة عن ضبط التهريب و إدخال المواد إما عبر الحدود البرية أو البحرية بطريقة غير مشروعة، هي الجمارك ، أما منع تواجد تلك المواد داخل الاسواق فهو من مهام وزارة التجارة الداخلية، أي تنظيم ضبوط بحق اي مادة غير نظامية تتواجد في السوق.

أما عن فساد قطاع الجمارك فيقول أحمد إنها قضية تاريخية "ليست محصورة في سورية فحسب، و إنما في جميع أنحاء العالم، و لكن بنسب متباينة". مشيرا الى ان دور حماية المستهلك في سورية هو دور ضعيف قدرته متهالكة ، وغير قادرة على ضبط سوى ٢٠ الى ٣٠% من الاسواق .

العجز عن إصلاح الفشل الإداري في هذه الجهات..

يقول الخبير الإقتصادي :" لا شيء غير قابل للإصلاح، و لكن سورية منذ ال ٢٠١١ عانت من اختراق حدودها بشكل كبير، ما أدى لدخول إرهابيين و أسلحة نوعية وأدوات أُخرى، و قد أخذت الجهات المعنية وقتاً طويلاً لضبط الحدود و منعهم من التسلل الى سورية، و هذا يعطينا تصوراً عن مدى صعوبة ضبط الحدود كلياً . الا من الناحية الأمنية . مضيفاً الى أنها مسألة جوهرية و عميقة، الاّ أن سورية مرت بفترة إنتاج ذهبية ذات جودة عالية و أسعار مقبولة هذه الفترة امتدت ما بين ال ١٩٩٥ حتى ٢٠٠٣ ، قلّ خلالها التهريب بنسبة كبيرة، بل أصبحت عمليات التهريب عكسية الى الدول المجاورة.

أحمد ختم حديثه قائلا :" هذا الأمر مرتبط بالظرف الإقتصادي للبلد، و من المعروف ان ادوات الفساد أقوى بكثير من أدوات مكافحته، لذلك الأمر متروك لإجراءات و سياسات وأدوات إقتصادية، معروفة للجميع و تطبيقها سهل، ولكن أستغرب من الذين يتولون مناصب في الوزارات المعنية لماذا لم يطبقوها حتى الآن !".

صناعيون تحولوا الى تجار ...

يقول المحلل الإقتصادي عامر ديب لوكالة انباء آسيا :" بداية يجب أن يكون هناك توازن بين الاستيراد و التصدير، كما نعلم هناك كلام وهناك واقع، الوزارة تقول بأن ٧٥% من المواد المستوردة هي مواد أولية و مستلزمات إنتاج صناعي و زراعي، هنا سؤال يطرح نفسه، لماذا نجد أغلب الصناعيين يرفعون أسعار المواد المنتجة و يسعرون حسب سعر صرف السوق السوداء؟ أين الصناعة اليوم ؟ هل المشكلة في آلية التصنيع أو في الصناعيين أنفسهم؟

ديب اعتبر أن الكثير من الصناعيين تحولوا الى تجار بسبب تسعير بضائعهم حسب السوق السوداء، و هذا ما يخالف المرسوم ٣ و ٤ . متابعا :" أيضا نفس الحالة بالنسبة للزراعة، لماذا لا يتحسن الانتاج الزراعي؟ و الأهم لِمَ أسعار بعض الخضار و الفواكه باهظة جدا ؟ مشيرا الى أن الزيادة في الانتاج هدفها الاول هو إشباع السوق المحلية و ليس التصدير فقط .

و نوّه ديب الى أن الصناعات التحويلية في علم الاقتصاد لا تدعم العملة، ماذا حصل بعد تصدير الألبان و الاجبان؟ ارتفعت أسعار البيض و الحليب و مشتقاته عشرة أضعاف، و اللافت مقولة بعض مصنعي هذه المواد :"إن المادة التي نصنعها لا تصلح للسوق المحلية، هي مواد للتصدير". و كأنهم يعترفون بأنهم يطرحون في السوق المحلية بضاعة رديئة ويصدرون البضاعة الجيدة للخارج .

ديب أشار الى أن التصدير و الاستيراد له قواعد ويجب ان تتم دراسة المادة المراد تصديرها أو استيرادها، ما هي حاجة السوق إليها ؟ هل هناك فائض منها؟ بحيث لا يتم سحب سلع أساسية من السوق و تصديرها للخارج و بالتالي تفرغ محليا منها ما يؤدي لرفع سعرها، أيضا بالنسبة للاستيراد ، لماذا نحتاج لاستيراد مادة موجودة و لدى السوق فائض منها كما حصل باستيراد الدجاج المجمد ؟ كما زعم البعض من التجار بأن هذه العملية تدعم الليرة و تنعكس على السوق إيجابيا و هذا عارٍ عن الصحة، لأننا وجدنا ارتفاع سعر الفروج بشكل كبير .

و لفت المحلل الاقتصادي في نهاية حديثه الى أن غالبية التجار يستوردون موادا رديئة مع عروض من البلد المصدر، مثلا حاوية تحوي ١٠٠٠ شاحن مع ١٠٠ عرض مجاني ب ٣٠٠٠ دولار، يسعرها بسعر صرف السوق السوداء فيكون الربح ١٠ أضعاف، و الاهم أن البضاعة المستوردة ذات نوعية رديئة، و إن لم يستوردوا المواد الأسوأ في العالم .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 3