بالأرقام .. تداعيات انفجار بيروت على الاقتصاد اللبناني!

كتب جورج حايك

2020.08.14 - 01:22
Facebook Share
طباعة

 

لا يزال اللبنانيون يلملمون جراحهم الناجمة عن انفجار بيروت، الذي وقع في 4 آب الجاري، وخلّف خسائر كبيرة بشرياً ومادياً في قلب العاصمة، بدءاً من المرفأ وصولاً إلى المناطق المحيطة به بين الأشرفية والحمراء، مما سيشكّل عبئاً على مستقبل الاقتصاد اللبناني.
وكالة أنباء آسيا تفتح ملف التداعيات الاقتصادية الناجمة عن هذا الانفجار، من خلال معلومات قدّمها خبراء اقتصاديون عاينوا بيروت المنكوبة، وخرجوا بانطباعات وخلاصات لا تطمئِن إن لم يبادر المسؤولون إلى تغيير النهج السياسي والاقتصادي المتبّع.
يرى الخبير الاقتصادي روي بدارو أن "4 آب بات تاريخاً مفصلياً لبناء نظام جديد؛ سواء كان اقتصادياً أو سياسياً أو مالياً، والمؤسف أن ذلك سيتم على دماء الضحايا الذين سقطوا بسبب الانفجار". ويتمنى أن يكون الاقتصاد والسياسة منفصلان خلال عملية البناء، لأن التجربة السابقة التي ربطت بين الاقتصاد والسياسة كانت فاشلة، "لذلك علينا الفصل بينهما، مع نهج شفاف ومسؤول وحر، واقتصاد مسؤول ومتنوع وقادر على استقطاب الشباب وخلق فرص عمل تبقيهم في لبنان".
خارطة الطريق
ويعتبر بدارو أن "عملية إعادة الإعمار ستكون طويلة وصعبة، وعلينا الإسراع قدر الإمكان، وخارطة الطريق السليمة هي الانضمام إلى المنظومة العالمية للدول المتقدمة، أما الخيار الآخر فهو التوجّه إلى الأنظمة التي لا تشبهنا ثقافياً وفكرياً واقتصادياً، فتؤدي بنا إلى مزيد من التراجع. يجب أن نتجه إلى اقتصاد مسؤول وواع، فنلتحق بقطار العصرنة والازدهار. هذا هو مشروعنا لبناء لبنان الجديد".
وعن الخسائر يقول بدارو:"نحتاج إلى وقت لنحصي خسائرنا على الصعيد الوطني، لكن الخسائر المباشرة لا تقل عن 4 مليار دولار، إنما الخسائر غير المباشرة فهي أهم وأكثر فداحة، وتتمثل بفقدان الأمل، وهو أغلى رأسمال في بناء الأوطان؛ أكان على الصعيد الاقتصادي أو على الصعيد السياسي". ويضيف:"من وضع نيترات الأمونيوم في المرفأ أراد قتل آمال الشعب، ومن وضع المواد المتفجرة قرب الأمونيوم أراد أن يأخذنا إلى مشروع فقر وبؤس وهجرة طويلة. العاملان الخطران اللذان يتهددان المجتمع اللبناني هما فقدان الأمل والهجرة، وهذا ما يحتاج إلى تغيير جذري في المشهد اللبناني، أي إخراج سلاح حزب الله، ودخوله في إطار بلد ديموقراطي تكون فيه سلطة دولة واحدة لا دولتين، وإلا سيهاجر أكثر من مليون شخص، ليس من المسيحيين والسنّة فقط، إنما من الطائفة الشيعية الكريمة أيضاً".
لن تحلّ المساعدات الخارجية أزمة لبنان برأي بدارو، ستساهم في بلسمة الجراح فحسب، ويستطرد قائلاً:"كأنك تجتاز منطقة صحراوية، ويأتي أحدُ ليقدم لك الماء، فتفيدك لتجتاز خمسة كيلومترات، لكن لن تبعد عنك شبح الموت".
التداعيات بالأرقام
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور شربل قرداحي "إن الخسائر التقديرية تبلغ ما لا يقل عن 15 مليار دولار. أما قيمة الخسائر المباشرة فتقدّر بنحو ثمانية مليارات دولار، تتضمن كلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية(2 مليار) وبالمباني(3 مليار)، إضافة إلى الخسائر البشرية(1 مليار) وخسائر الشركات(2 مليار)".
ويعتبر قرداحي أن "قيمة الخسائر غير المباشرة تقدّر بـ3 مليار دولار، تتضمن الأضرار التي أصابت ما تبقى من ثقة بالدورة الاقتصادية والتعويضات للمتضررين، بما فيها التأمين على الحياة وعلى الممتلكات والتأمين الاستشفائي".
ويرى أن "أكثر من 70 في المئة من التبادلات التجارية اللبنانية مع الخارج تمر عبر مرفأ بيروت، يمكن للمطار والموانئ الأخرى في البلاد أن تؤمّن نحو 40 في المئة من حجم البضائع التي تمر بمرفأ بيروت، كما يمكن لفتح الحدود مع سوريا أن يسهّل نحو 20 في المئة من التبادلات في المرحلة الأولى، هذا يعني ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار من الواردات لن تجد طريقها إلى البلد، وأن ملياري دولار أخرى من الصادرات ستبقى في الداخل مرحلياً، يمثّل هذا الأمر خسارة بنحو 4 مليارات دولار، أو 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020".
ويلفت قرداحي إلى أن "الحركة ستعود تدريجياً إلى المرفأ في السنوات المقبلة، لكن لن يعود كما كان في هذه السنوات الخمس المقبلة".
لكن إعادة إعمار المرفأ ستكون غير واردة في ظل عجز الدولة عن القيام بإصلاحات، وهي شرط لمحاربة الفساد في الكهرباء والإدارة العامة، والتزام الشفافية وفق مطلب "ساعدونا لنساعدكم". لذلك يمكن أن تكون عقود الـBOT (بناء-إدارة - نقل الحيازة إلى الدولة) هي الحل في ظل غياب الشفافية لدى السلطة اللبنانية. وسيكون هناك عدداً كبيراً من الشركات الأمريكية والأوروبية والصينية التي يمكن أن تسهم بهذا الأمر، وعلى نحو سريع.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 6