"نيويورك تايمز": ما خلفية العلاقة الأمريكية بانفجار مرفأ بيروت؟

ترجمة : عبير علي حطيط

2020.08.11 - 02:40
Facebook Share
طباعة

 
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً حول المواد المتفجرة في مرفأ العاصمة اللبنانية، وقيل فيه إن متعهدًا أمريكيًا شاهد هذه المواد في عام 2016، إلا أن المسؤولين الأمريكيين نفوا معرفتهم بوجودها حتى انفجارها الأسبوع الماضي.
وجاء في التقرير أن المتعهد الذي يعمل مع الجيش الأمريكي حذر قبل أربعة أعوام من وجود كمية كبيرة من المواد الكيماوية القابلة للانفجار، خُزنت في مرفأ بيروت، وفي ظروف تفتقر لمعايير السلامة.
وبنت الصحيفة تقريرها على برقية لدبلوماسي أمريكي أرسلتها السفارة الأمريكية في بيروت يوم الجمعة.
وتعرّف خبير السلامة للموانئ الأمريكي، على المواد وأخبر عنها أثناء عملية تفتيش لمعايير السلامة في المرفأ. حيث قال المسؤولون الحاليون والسابقون إن المتعهد كان من المفترض به إعلام السفارة أو وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).
وانفجرت المواد الكيماوية من نترات الأمونيوم وحجمها 2750  طنًا يوم الثلاثاء بشكل هز معظم لبنان، ودُمرت أبنية قريبة من وسط بيروت. وخلّف الانفجار وراءه أكثر من 150 شهيدًا وآلاف الجرحى. وأثار الانفجار الغضب على الطبقة السياسية في لبنان بشكل أدى لاستقالة الحكومة يوم الإثنين. وشعر الدبلوماسيون الغربيون بالصدمة من حقيقة معرفة الولايات المتحدة بالشحنة وأنها لم تعلِم أحدًا، خاصة أن اثنين من زملائهما قتلا في الانفجار وجرح آخرون.
ونفى مسؤول بارز في الخارجية الأمريكية معرفة المسؤولين الأمريكيين بالنتائج التي توصل إليها المتعهد، وقال إن البرقية التي استندت عليها الصحيفة تظهر أنهم لم يبلغوا بوجود الشحنة.
وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن المتعهد قام "بزيارة غير رسمية إلى المرفأ قبل أربعة أعوام تقريبًا، ولم يكن في حينه موظفًا لدى الحكومة الأمريكية أو وزارة الخارجية".
وأضاف أن الخارجية ليس لديها سجل عن اتصالات مع المتعهد حتى حدوث الانفجار القاتل في الأسبوع الماضي.
وكان الانفجار الذي يعادل في قوته هزة أرضية خفيفة، قد دمر أحياء في وسط بيروت، وأخرج ثلاثة مستشفيات عن الخدمة وترك الشوارع مليئة بالزجاج والأشجار المقتلعة، كما ترك آثاره على الدبلوماسيين الغربيين الذين عاشوا وعملوا في بيروت، وأقاموا في عمارات عالية تطل على شاطئ البحر المتوسط، مما جعلهم في خط الانفجار.
وتوفيت زوجة الدبلوماسي الهولندي في لبنان، هيدويغ ولتمانز- مولير متأثرة بجراحها حسبما قالت وزارة الخارجية الهولندية، وكانت السيدة تقف في غرفة المعيشة عندما حدث الانفجار.
كما قتل موظف في القنصلية الألمانية في الحادث، ولم يتم الكشف بعد عن اسمه. وتعرضت بعثات دبلوماسية لدول حليفة للولايات المتحدة للتهشيم، فقد تعرضت السفارتان الفرنسية والبريطانية لأضرار، كما تحطمت النوافذ في القصر الذي يقيم به السفير الفرنسي.
وعندما أُبلغ الدبلوماسيون الأوروبيون بمحتوى البرقية الأمريكية شعروا بالدهشة والغضب من أن الولايات المتحدة كان لديها معلومات ولم تشرك أحدًا بها.
وقال دبلوماسي غربي: "لو كان ذلك صحيحًا، فستكون النتيجة صادمة". وكانت الولايات المتحدة واحدة من عدد قليل من القوى الغربية التي أقامت سفارتها وقنصلياتها خارج بيروت. فمجمع السفارة الحصين يقع في جبل عوكر الذي يبعد 8 أميال عن العاصمة.
ويعيش الدبلوماسيون الأوروبيون أو أكثرهم في شقق سكنية بوسط بيروت، حيث تضرر العديد منها، إلا أن الولايات المتحدة تشترط على الدبلوماسيين العمل والعيش في مجمع السفارة، ومتابعة نظام أمني صارم في الدخول والخروج إلى المجمع.
وظلت السفارة الأمريكية في بيروت حتى عام 1983 بعد الهجمات المتعددة بما فيها العملية الانتحارية التي دمرت واجهة السفارة وقتلت 17 أمريكيًا وجرحت 46 آخرين.
ولم تكن البرقية الأمريكية سرية، ولكنها مهمة وأصدرتها السفارة الأمريكية في لبنان يوم الجمعة. وتكشف البرقية عن المسؤولين اللبنانيين الذين كانوا يعرفون بوجود شحنة نترات الأمونيوم  التي تستخدم في صناعة السماد والقنابل، ووصلت إلى المرفأ في عام 2013 ولم يتم تنزيلها من السفينة إلا في العام التالي.
وتقول البرقية إن مستشاراً أمنياً أمريكياً استعان به الجيش الأمريكي ولاحظ وجود المادة خلال عملية فحص السلامة. وبحسب البرقية، حصل على عقد من الجيش الأمريكي وقدم الاستشارة للبحرية اللبنانية في الفترة ما بين 2013- 2016.
وتقول البرقية إن المتعهد "نقل ما قام به من عملية فحص لمنشآت المرفأ والمتعلقة بالسلامة، حيث أبلغ مسؤولي المرفأ بوجود مادة نترات الأمونيوم المخزنة في ظروف تفتقر لقواعد السلامة".
وكانت هذه المادة مخزنة بالمرفأ منذ عام 2014. ولا يُعرف متى أبلغ المتعهد عن المادة، ولكن عدداً من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين الذين عملوا في الشرق الأوسط، قالوا إن المستشار عادةً ما يقوم بنقل نتائج رحلته التفقدية إلى المسؤولين الأمريكيين الذين وقّع معهم العقد، وفي هذه الحالة وزارة الخارجية أو البنتاغون.
وقال دبلوماسيون من دول أخرى تضررت بالانفجار، إن أمريكا لم يكن لديها ما يمكن عمله لإقناع المسؤولين اللبنانيين بنقل المواد من المرفأ. فقد طلب مسؤولو المرفأ عدة مرات من المسؤولين نقل نترات الأمونيوم ولكن دون رد.
وتعتبر نترات الأمونيوم مادة متفجرة وتستخدم في صناعة الأسمدة، كما تفضلها الجماعات المسلحة. وتكبدت القوات الأمريكية خسائر فادحة في العراق وأفغانستان جراء استخدام هذه المادة، فمئة رطل منها كافية لأن تضرب قافلة عسكرية.
وعبّرت البرقية الدبلوماسية الأمريكية عن شكّها بتفسيرات الحكومة اللبنانية الأولى حول انفجار مادة نترات الأمونيوم، بسبب اندلاع حريق في عنبر حُفظت فيه كميات من الألعاب النارية.
وتشير البرقية بدلًا من ذلك إلى أن جبل نترات الأمونيوم ربما انفجر من نفسه، حيث ولّد القوة الكافية لكي يفجر المواد. وقالت البرقية إن سبب الحريق الأول "لا يزال غير واضح - سواء نتيجة ألعاب نارية أو شيء آخر خُزن قريبًا من نترات الأمونيوم".
ورجّح المسؤولون الأمريكيون فكرة اندلاع النار في مخزن الأمونيوم بعد أيام من تأكيد المسؤولين اللبنانيين على نظرية الألعاب النارية، وأن مادة الأمونيوم المخزنة قربه هي المسؤولة عن التفجير.
وقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، إن بلاده لم تتوصل بعد إلى سبب الانفجار الذي قد يكون "شحنة سلاح لحزب الله"، فيما كان هناك نفي قاطع من قِبَلهم بخصوص تهمة تخزين ذخائر أو أي شيء في المرفأ. وقال دبلوماسيون إن حزب الله عادة ما يكون حذرًا مع شحنات الأسلحة والمواد المتفجرة، ولو كان يستخدم نترات الأمونيوم لصالحه، فإن ترك الشحنة في المرفأ هو تصرف متهور.
وقال دبلوماسيون في بيروت ومسؤولون سابقون في البنتاغون والاستخبارات الأمريكية، إن حزب الله يسيطر على لبنان والمنشآت الحيوية مثل المطار وبعض المعابر الحدودية، إلا أنه يستخدم المعابر البرية لنقل أسلحته وليس البحر.
غير أن مسؤولًا إسرائيليًا أشار إلى أن المنطقة التي وقع فيها الانفجار كانت مليئة بمخازن تابعة لحزب الله، مع أن المخابرات الإسرائيلية ليست لديها أدلة قاطعة لربط حزب الله بنترات الأمونيوم.
وطالب اللبنانيون الغاضبون بتحقيق دولي في أسباب الانفجار، وهي فكرة رفضها الرئيس ميشال عون ووصفها بأنها "مضيعة للوقت" مطالباً بتحقيق يقوم به الجيش اللبناني.
ويقول المحللون إن المسؤولين اللبنانيين لا يريدون تحقيقًا دوليًا للتستر على عجزهم، خاصةً أن المرفأ يُدار من قبل جماعات سياسية.
ويقول بريان كاتز، المحلل العسكري السابق في شؤون الشرق الأوسط والإرهاب بوكالة الاستخبارات الأمريكية: "لماذا لا تريد الحكومة اللبنانية تحقيقًا دوليًا؟ لأنه حتمًا سيفضح عجزهم وفسادهم" و"كل حزب لديه حصة في المرفأ يستخدمه للتهريب وكل النشاطات غير المشروعة بما فيها السلاح وتهريب السيارات والمال".
وجاء في برقية السفارة الأمريكية أن "اللبنانيين لا يدعمون تحقيقًا تقوم به حكومتهم، لعدم ثقتهم بالنظام ولأن الحكومة ستقوم بالتحقيق بنفسها".
 
 
المصدر : https://www.nytimes.com/2020/08/10/world/middleeast/beirut-explosion-us-contractor.html
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 10