الحكم قادم.. فهل يكون السابع من آب "بوسطة عين الرمانة" الجديدة ؟!

زهراء أحمد - وكالة أنباء آسيا

2020.08.04 - 02:10
Facebook Share
طباعة

 
خمسة عشر عاما على اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري؛ الرجل الذي ترك بصمته  في لبنان بعد توليه رئاسة الوزراء بعد اتفاق الطائف. توجهت أصابع الاتهام إلى النظام السوري، ما أجبره على سحب قواته العسكرية والأمنية من لبنان بعد وصاية دامت ثلاثين عاما. 
التظاهرات والاعتصامات طالبت بتحقيق دولي مستقل ومحايد؛ بمحكمة دولية أنشئت بناء على طلب الحكومة اللبنانية الذي تقدمت به إلى الأمم المتحدة. دخل قانون إنشاء المحكمة حيز التنفيذ في حزيران 2007 وعقدت أولى جلساتها في العام 2009. الأدلة  التي استعرضها الادعاء ذهبت للتأكيد على أن عملية الاغتيال  ارتكبت على خلفية الانتخابات النيابية التي كان يُزمع تنفيذها بعد فترة، وأن الحريري رفض طلبات أخذ مرشحين مقربين من  سورية على لوائحه، وأنه بالعكس أعلن عزمه خوض المعركة الانتخابية متحالفاً مع قوى معارضة أبرزها وليد جنبلاط.
  ويشرح الادعاء القراءة السورية لهذا التطور بقوله: "مثّل الحريري التهديد الخطير لكل الذين تحالفوا مع سوريا ومصالحها المستقبلية، وأنه حليف للمعارضة سيتسبب بتقويض الوضع القائم لخفض قيود القبضة السورية في لبنان" .
ولأن المحكمة في نظامها الأساسي لا تحاكم أنظمة ولا كيانات سياسية، ذهب الادعاء باتجاه العناصر التي أُوكل إليها تنفيذ المهمة. كما أبرز الادعاء الدور الأساسي والمحوري للقيادي مصطفى بدر الدين، الذي تم رفع اسمه من اللائحة بعد الإعلان عن مقتله في سوريا عام 2016، ولاحظ الادعاء أن من أُوكلت إليه مهمة القيادة العسكرية للمسلحين اللبنانيين في سوريا , هو صاحب المركز النافذ الذي قاد ووجّه عمل المتهمين.
يستفيض الادعاء بتقديم الأدلة ويؤشِّر على الوقائع؛ فالبلد آنذاك كان ممسوكاً من جهات أمنية سورية  لبنانية متكاملة،  ليخلص إلى التأكيد على أن التحضير لعملية بهذا الحجم  ما كان ليتم إلا في إطار مؤسسة أمنية لديها إمكانيات كبيرة.
حلفاء سوريا نفوا إمكانية تنفيذ هكذا عملية، ووجهوا الاتهام إلى إسرائيل التي كانت ترى أن وجود الحريري يشكل خطراً على استقرارها بعد التقارب بينه وبين قوى معادية للصهيونية في لبنان، وهو ما أكده "جون بيركنز" أحد كبار رجال الاستخبارات المركزية الأمريكية, من أن الأقمار الأميركية والإسرائيلية صورت عملية الاغتيال، إضافة إلى طائرة هليكوبتر إسرائيلية كانت في الجو، في محاذاة الشاطئ اللبناني، وكانت تراقب سير العملية. وأضاف:  "إن سيارة الحريري كانت مزودة بأجهزة رصد تقنية متقدمة لا تستطيع أي دولة اختراقها ومراقبتها  باستثناء الولايات المتحدة وإسرائيل".
الأهمية التي يوليها البعض لهذه المحكمة الخاصة بلبنان، والتي أنشئت بموجب القرار 1757 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في مايو/أيار 2007 هو نتيجة اتفاق موقع بين الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية. فللمرة الأولى في تاريخ القانون، تمنح محكمة دولية الحق في النظر في قضية لا تدخل في نطاق جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، بل في إطار عملية إرهابية. إضافة إلى خاصية ثانية وهي افتتاح المحكمة رغم عدم مثول المتهمين الذين سيحاكمون غيابياً.
وجه الادعاء بعد تحقيق دولي طويل التهم في تنفيذ عملية اغتيال رفيق الحريري إلى أشخاص ينتمون إلى "حزب شيعي" لبناني، لكن الحزب يرفض هذه الاتهامات رفضاً قاطعاً، ويرفض تسليم المتهمين، ويتهم المحكمة الدولية بأنها محكمة تعمل بأوامر أمريكية إسرائيلية.
ستبدأ المحكمة جلسة النطق بالحكم وسط أجواء أقل ما يقال فيها بأنها شديدة التوتر، في ظرف تشهد فيه العلاقات بين السنة والشيعة توترا غير مسبوق في لبنان، وأيضا في سوريا والعراق.
وبعد كل هذه السنوات، تدور شكوك حول مصداقية المحكمة واعتبارها مسيسة ورفض أطراف سياسية لبنانية تسليم المتهمين، مما قد يشعل أزمة داخلية  في حال إدانتهم، وهذا ماحذّر منه رئيس الحكومة حسان دياب في الأسبوع الماضي، حيث أن الوضع الهش والأزمة الاقتصادية والانقسامات الداخلية قد يؤدي إلى تفجر الشارع اللبناني، الذي لم يعد يحتمل الأعباء التي وقعت على كاهله.
"الجمهور السني" الذي يعتبر رفيق الحريري رمزاً للتوازن الطائفي، والذي كان بأغلبه يوجه الاتهام إلى حلفاء سوريا،  يتعامل مؤيدوه بحذر وترقب  مع أي مستجدات تحصل على الأرض، على اعتبار أن ساعة الصفر في السابع من شهر آب قد تدق بأي لحظة. 
السيناريوهات مفتوحة ما بعد صدور قرار المحكمة الذي يمكن استئنافه، ولكن أهميته تبقى بتأثيره السياسي على الداخل اللبناني في ظل الخطاب الديني الأخير -بعد صلاة العيد- الذي أخذ طابعاً تحريضياً، موجّهاً أسباب الأزمات والمشكلات التي تحصل في لبنان إلى المحور السوري- الإيراني وحلفائه، مما قد يفجّر الشارع السني _الشيعي في حال إدانة المتهمين ورفض تسليمهم .
والسؤال: هل سيواصل رئيس الوزراء السابق سعد الحريري التهدئة مع الحكومة والتيار الوطني الحر لوأد الفتنة المذهبية، ويتفادى الانزلاق في صدام طائفي، أم أنه سيصعّد معارضته سياسياً وشعبياً، مستثمراً قرار المحكمة  لإعادة رسم خريطة التوازنات والقوى والمصالح بطريقة تعكس مصالحه ومصالح حلفائه المحليين والدوليين !
بعبارة أخرى: هل سنشهد بوسطة عين رمانة جديدة، أم أنّ الأمور تحت سقف السيطرة مهما اشتدت ظروف البلد سياسياً أو اقتصادياً؟.
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3