هل تراجعت شعبية "التيار الوطني الحر" مسيحياً؟

كتب جورج حايك

2020.08.03 - 03:56
Facebook Share
طباعة

 قيل الكثير عن تراجع شعبية "التيار الوطني الحر" في الشارع المسيحي، واعتمد مروجو هذه الفكرة على المزاج الشعبي الذي ظهر في انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، واعتبروا ان "التيار" أصيب في الصميم نتيجة هذه الانتفاضة، وسيكون من الصعب عليه إعادة ترميم وضعه وصورته، خصوصاً أن الناس "شيطنت" رئيسه جبران باسيل في عمق الجبل وعلى طول الساحل المسيحيين، بدءاً من جل الديب مروراً بالزوق وصولاً إلى جبيل التي شكّلت عصب التحركات الشعبية، واستنتج البعض أن "التيار" خسر الحاضنة المسيحية التي شكلت تاريخياً مصدر قوّته.

التيار: فلننتظر الانتخابات النيابية
هذه الاستنتاجات لا تعيرها مصادر "التيار الوطني الحر" أي اهتمام معتبرة أن "الانتخابات النيابية وحدها التي تحدد هذا الأمر، ومن الآن حتى الوقت المحدد للانتخابات فليتكهّن كل واحد وفق مزاجه، وليحلل كل مواطن كما يشاء"، وتضيف:"قد يكون خطأ، لكن لا أحد يستطيع أن يتكلم عن هذا الأمر قبل أن تحصل الانتخابات".

وعن استطلاعات الرأي التي تشير إلى تراجع شعبية "التيار"، تقول المصادر:"هذه الاستطلاعات تطلع وتنزل بحسب الظروف، وعندما نصل إلى الانتخابات يحدد المزاج الشعبي بوضوح".

ونسأل: ألم يؤثّر وجود التيار في السلطة على شعبيته؟ تجيب المصادر:"ربما يكون صحيحاً وربما يكون خطأ، فلماذا نؤكد الأمر أو ننفيه، هناك محطات قد تتقدم فيها وهناك محطات أخرى قد تتراجع، هذه مسيرة تخوضها كل القوى السياسية، وننتظر الاستحقاق الانتخابي".
لماذا ترفضون الذهاب إلى الانتخابات النيابية المبكرة كما طالب المنتفضون؟ ترد المصادر:"كثر من القوى السياسية ليست مع الانتخابات النيابية المبكرة. نحن لا نرفضها بالمطلق أو نقبل بها بالمطلق، بل يجب أن تكون جزءاً من حل متكامل، فيخرج البلد من أزمته بمسار معيّن يتفق عليه ويعود إلى السكة الصحيحة".
وتوضح:"يجب ألا يغيب عنا المحافظة على استقرار المؤسسات والحياة السياسية، فالعمر الرسمي للمجلس النيابي هو أربعة أعوام، إذا أردت خرقها استثنائيا يجب أن تكون جزءاً من حل استثنائي للواقع الذي نعيشه".

معارضو التيار: مشروع سلطوي فقد شعبيته
في المقابل، يرى مصدر معارض لـ"التيار" أن "تراجع شعبيته دراماتيكي نتيجة الخيارات السياسية التي سُوّقت لدى الجمهور وكأنها لمصلحة المسيحيين، وخصوصاً خيار ما يسمّى تحالف الأقليات، مقتنعين بأن التحالف مع حزب الله هو لحماية المسيحيين، وبالتالي عندما اكتشفوا عدم صوابية هذا التحالف بدأ التراجع، أضيف اليها اضمحلال الآمال بالعهد القوي. ومع اندلاع انتفاضة 17 تشرين كان واضحاً أن الناس فقدت الثقة بالعهد، حتى أن بعض مؤيدي "التيار" اكتشفوا أن مشروعه سلطوي غير إصلاحي، أي الوصول إلى السلطة والمطالبة بالمزيد من السلطة، أي أنه مشروع سلطوي وليس مشروعاً وطنياً".

ويعتبر المصدر المعارض أن "التيار استخدم موضوع حقوق المسيحيين كعنوان برّاق لإخفاء المشروع السلطوي، وسرعان ما ظهر أن موضوع التحالف مع "حزب الله" لا يخدم، بل يضرب مقوّمات الوجود المسيحي الحر والفاعل، وبالتالي، كل هذه الأسباب مجتمعة دفعت بعض أنصار "التيار" إلى مراجعة حساباتهم والتخلي عنه".

لكن لا مفر من الاعتراف بأن الانتخابات النيابية أفرزت تكتل واسع لـ"التيار" بل هو يضم أكبر عدد من النواب، إلا أن المصدر المعارض يوضح:"أولاً، كانت التحالفات في الانتخابات النيابية بالقانون الانتخابي الجديد ظرفية، بدليل أن جميع المستقلين الذين دخلوا كحلفاء في التكتل، سرعان ما انسحبوا منه تباعاً، وبقي أصحاب الولاء الحزبي، إضافة إلى بعض الذين يعجزون عن الاستمرار في حال انسحبوا. ثانياً، أما مقولة ان أكثر من نصف الشعب اللبناني لم ينتخب فليست دقيقة، فغالبية المقيمين القادرين على الاقتراع شاركوا في الانتخابات، لكن الخلل بلوائح الشطب غير المصححة بشكل كامل، ويشارك دائماً أكثر من 70 في المئة من القادرين على الاقتراع، لكن المزاج الشعبي تغيّر، لذلك يعارضون أي فكرة لانتخابات مبكرة، زاعمين أن أي انتخابات سينتج عنها المجلس نفسه وبالتالي لا لزوم للانتخابات".

ويشير المصدر إلى أن "الناس صارت بعد 17 تشرين مستعدة أن تدافع عن خياراتها وتمشي فيها للآخر، ونعتقد أن الواقع التمثيلي سيتغيّر بشكل جذري في حال إجراء الانتخابات النيابية المبكرة، وإن لم تكن مبكرة فسيأتي الاستحقاق بعد سنتين".

ويؤكد المصدر المعارض "يبدو تراجع شعبية التيار واضحاً بعد 17 تشرين نتيجة التظاهرة التي نظّمها على طريق القصر الجمهوري، ورأينا جميعنا حجمها الضئيل، علماً أن وضعه الشعبي اليوم أسوأ من تلك اللحظة التي حشدوا فيها المؤيدين نحو قصر بعبدا".

ولا يعتبر المصدر أن المناصرين الذين تخلوا عن التيار انضموا إلى الأحزاب المسيحية الأخرى، وإنما انكفأوا إلى زواياهم الخاصة، ولم ينتظموا بمحلات محددة، حتى أن الخط التاريخي لـ"التيار" لم يستطع أن يجمعهم مثل حركة شامل روكز التي ضمت إليها جزءاً منهم". ويلفت إلى أن "أنصار "التيار" لم يعودوا فريقاً واحداً متماسكاً، انما أصبحوا أفراداً مبعثرين كما كانوا قبل انضمامهم إلى التيار".

الهبر: تراجع محدود

من جهته مدير عام "ستاتيستكس ليبانون" ربيع الهبر يؤكّد "ان هناك تراجع محدود في شعبية التيار"، ويفنّد الأسباب قائلاً:"أولاً السلطة تستهلك، ثانياً هجمة القوى السياسية على رموز التيار وخصوصاً رئيسه جبران باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون كانت كبيرة، ثالثاً ثمة مشاكل لـ"التيار" مع كل القوى السياسية التي تحاول أن تحافظ على شعبيتها من خلال استهدافه".

وختم قائلاً عن الانتخابات النيابية المبكرة:"عند ساعة الجد ترفض كل الأحزاب الانتخابات النيابية المبكرة، ومن قال إذا ذهبت الأحزاب إلى الانتخابات ستربح؟ قد تفوز وقد تخسر، ومن قال ان هذه الأحزاب جاهزة مالياً للتحضير لانتخابات في ذروة الأزمة الاقتصادية؟".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 3