الدهاء الإثيوبي يبدّد خطوط السيسي الحمراء: "النيل لنا"

سامي شحرور - وكالة انباء اسيا

2020.07.22 - 07:51
Facebook Share
طباعة

 هنأ وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاشيو، اليوم الأربعاء، مواطنيه بإتمام بلاده المرحلة الأولى من ملء خزان سد النهضة.

وقال أندارجاشيو، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على "تويتر": "تهانينا.. سابقا كان النيل يتدفق، والآن أصبح في بحيرة، ومنها ستحصل إثيوبيا على تنميتها المنشودة.. في الحقيقة.. النيل لنا".

هذه التصريحات المستفزة لدولتي العبور والمصب العربيتين، السودان ومصر، تأتي بعد أن راقب المصريون والسودانيون ليلة أمس كيف انهارت كل الخطوط الحمراء التي كانت قيادة بلديهما قد رسمتها لأكثر من مرة أمام إثيوبيا، خطوط حمراء تم اختراقها بمنتهى الهدوء والدهاء عبر إعلان رئيس وزراء الإثيوبي آبي أحمد انتهاء المرحلة الأولية لملء سد النهضة.

​وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، أعلن أمس الثلاثاء، عن اتفاق مصري سوداني إثيوبي على استمرار المناقشات الفنية حول ملء سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي حتى التوصل إلى اتفاق شامل.

وذكر بيان صادر عن مكتب رئاسة الوزراء الإثيوبية أن "رئيس الوزراء آبي أحمد أكد التزام أثيوبيا بالاستخدام العادل والمسؤول لمياه النيل الأزرق، من دون إلحاق ضرر بمصر والسودان"، مضيفا أن "موسم الأمطار الحالي وجريان المياه في الإقليم ساعد على الملء الأولي للسد، وفاضت المياه وهو مازال قيد الإنشاء".

ووجه، آبي أحمد، رسالة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، عقب انتهاء القمة الأفريقية المصغرة التي عُقدت أمس الثلاثاء. وقال عبر صفحته الرسمية على "تويتر": “اجتماع مثمر حول مشروع سد النهضة الذي نظمه رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا في إطار المساعي لتقوية الحلول بين الدول الأفريقية للمشاكل التي تواجهها".

وقال زعماء إثيوبيا ومصر والسودان، مساء أمس الثلاثاء، إن الدول الثلاث اتفقت على استئناف المحادثات لكسر الجمود بخصوص خزان سد النهضة على النيل الأزرق. فقد أكد سيريل رامافوزا، رئيس جنوب أفريقيا الذي ترأس القمة، أنه سيكون هناك المزيد من المفاوضات. وكتب على "تويتر": "لا تزال المفاوضات الثلاثية على المسار الصحيح".

إذاً، فيما كان المصريون والسودانيون يضعون كل سلالهم في الاجتماعات الثلاثية، ويتحدثون عن نواياهم الصادقة لإيجاد حل للنزاع، وبالتزامن مع قمة إفريقية مصغّرة برئاسة جنوب إفريقيا لبحث الأزمة بين مصر وإثيوبيا والسودان شارك بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد ونظيره السوداني عبدالله حمدوك، أعلنت إثيوبيا عن انتهاء المرحلة الأولى من ملء خزان سد النهضة. وعزا آبي أحمد في مؤتمر صحفي بعد القمة ملء السد إلى إرادة الطبيعة!.

ويرى مراقبون أن إثيوبيا حقَّقت الهدف الأول لها، وهو البدء في ملء السد مع استمرار المفاوضات بحيث أرست مبدأ أنه يجوز لها التصرف في مياه النيل دون اتفاق، مع تقبل مصر والسودان بهذا الوضع حتى ولو على مضض.

ونفذت إثيوبيا هذا الهدف – بحسب المراقبين - عبر خليط من التصعيد مع القيادة المصرية وتقديم وعود لها حمالة أوجه بالتفاوض، والتحرش العسكري بالسودان مع تقديم نفسها كوسيط نزيه بين العسكريين واليسار السوداني مع إغراء الخرطوم ببعض المنافع من السد.
ولكن أكثر الخطوات دهاء من قبل إثيوبيا كانت إعلانها بدء ملء السد في 15 يوليو- تموز الذي أكدته صور الأقمار الصناعية وتقارير انخفاض مياه النيل الأزرق في السودان، ثم التراجع عن الإعلان وهو ما ساهم في تبريد الموقفين المصري والسوداني وإضعاف الخط الأحمر المفترض والذي كان ملء السد.

فالأرجح كما يرى المراقبين لمسيرة المفاوضات أن آبي أحمد عبر هذا الخط الأحمر يوم 15 يوليو- تموز، ولكنه أراد تبريد الرد المصري والسوداني بالنفي.

ويستغرب العديد من الخبراء المصريين والعرب كيف تعاملت مصر ببيروقراطية مع الإعلان الإثيوبي والاكتفاء بإرسال طلب استيضاح رغم التقارير القادمة من السودان، والتي حاولت وسائل الإعلام المقربة من النظام المصري التقليل من أهميتها (المفارقة أن صور الأقمار الصناعية التي تظهر ملء السد جاءت من وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية).

ولكن الأغرب كما يرى هؤلاء الخبراء هو قبول الرئيس السيسي حضور القمة الإفريقية المصغرة أمس بالتزامن مع إعلان إثيوبيا ملء السد، وخروج هذا البيان التوافقي المخملي الذي لا يتلاءم أبداً مع هول الموقف ولا التهديدات السابقة ولا المخاطر التي يحملها المستقبل بعد أن بدأت إحدى دول المصب في التصرف في النهر الأطول في العالم بشكل منفرد، وهو ما قد يفتح الباب لتكراره مع دول أخرى، والأسوأ أنه يفتح الباب لتكرار الأمر من قبل إثيوبيا بشكل أكبر ضرراً على مصر والسودان.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 9