تصعيد القاهرة وأنقرة: أربعة سيناريوهات محتملة للتدخل المصري في ليبيا

إعداد – سامي شحرور

2020.07.17 - 06:04
Facebook Share
طباعة

 قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة 17 يوليو/تموز 2020، إن خطوات مصر في ليبيا ودعمها للقوات التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، غير مشروعة، وذلك رداً على تصريحات أطلقها الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، الخميس، بخصوص إمكانية تدخل القاهرة عسكرياً في ليبيا.
جاء تصريح أردوغان تعليقاً على تدخل محتمل من مصر في الصراع الليبي والذي ساندت فيه أنقرة القوات التابعة لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً في طرابلس على صد هجوم من قوات الجنرال خليفة حفتر على العاصمة.
الرئيس التركي قال إن بلاده "ستواصل تحمل المسؤولية التي أخذتها على عاتقها في ليبيا، ولن تترك الأشقاء الليبيين لوحدهم". تصريحات أردوغان أدلى بها للصحفيين، عقب أدائه صلاة الجمعة في إسطنبول.
وأكد أردوغان: "علاقاتنا مع ليبيا تمتد لأكثر من 500 عام، ولن نترك أشقاءنا الليبيين لوحدهم". وأضاف: "سنواصل تحمل المسؤولية التي أخذناها على عاتقنا في ليبيا كما فعلنا حتى اليوم".
وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قال الخميس 16 يوليو/تموز، في اجتماع عقده مع مشايخ وأعيان قبائل ليبية، بالعاصمة المصرية القاهرة، إن "ليبيا لن تتحول إلى ملاذ آمن للخارجين عن القانون"، داعياً أبناء القبائل الليبية إلى الانخراط فيما وصفه بـ"جيش وطني موحد، وحصر السلاح في يد دولة المؤسسات دون غيرها".
كما جدَّد السيسي تأكيد استعداد بلاده لـ"استضافة وتدريب أبناء القبائل الليبية؛ لبناء جيش وطنى ليبي"، معتبراً أن حالة الانقسام السياسي في ليبيا لن تؤدي إلى حل الأزمة.
بينما قال السيسي، إن بلاده "ترفض التدخل الخارجي في الشأن الداخلي الليبي، ولن ترضى إلا باستقرار ليبيا سياسياً واجتماعياً وعسكرياً". وبرر تصريحاته السابقة بشأن اعتبار مدينتي سرت والجفرة "خطاً أحمر"، بقوله: "الخطوط الحمراء في سرت والجفرة هي دعوة للسلام".
من جهة أخرى، قال السيسي إن "شيوخ القبائل في ليبيا سحريصون على استقرار ليبيا.. اللي هيحدد مصير ليبيا مش الناس اللي برا ولكن إنتو، تضعوا إيديكم فى يد بعض وتخلصوا النوايا والجهود لصالح الناس إنها تعيش بأمان وسلام، ومفيش حد هيقدر أبداً يقرر مصيركم".
في المقابل، توعد المتحدث باسم الجيش الليبي محمد قنونو، الجمعة، ما سماها بـ"العواصم المتآمرة"، بقوله "مدرعاتكم صارت رماداً وسنعيد أبناءكم في توابيت".
جاء ذلك في تغريدة نشرها على حسابه بموقع "تويتر"، تعقيباً على تداول صور لتجول عناصر من تشاد في مدينة هون، التابعة لبلدية الجفرة (وسط) تابعة لخليفة حفتر.
قال قنونو: "إلى العواصم المتآمرة: أبناؤكم الذين بعثتموهم للعدوان على أرضنا سنعيدهم لكم في توابيت، ومدرعاتكم التي بعثتم بها صارت رماداً". وتابع: "ما سلم منها (في إشارة للأسلحة والعتاد) صارت في قبضتنا وسنحفظها في متحف الحرب، لتظل شاهداً على غدركم وستلعنكم الأجيال مدى الدهر".
في وقت سابق الجمعة، نشر حساب عملية "بركان الغضب" التابع للجيش الليبي، صوراً لما وصفها بـ"دفعة جديدة من عناصر قوات النخبة التشادية، وهم يتجولون في شوارع مدينة هون (وسط)". ويظهر في الصور المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي، عناصر مسلحة ذوو بشرة سمراء يرتدون زياً عسكرياً ويحملون أسلحة في ليبيا.
ولكن يبقى سؤال مهم في هذا السياق يهمله كثير من الباحثين والمحللين الليبيين، وهو إمكانية التدخل المصري الفعلي في ليبيا، هل هذا ممكن؟ وهل هو واقعي، وقد نرى أنفسنا أمام آلاف الجنود المصريين مدججين بالسلاح يجوبون الصحراء الليبية إلى سرت وتسيطر مصر على مجموعة من القواعد العسكرية في الشرق الليبي… هل هذا سيناريو وارد، أم أن هناك احتمالات أخرى يمكن أن تحدث؟
خبراء عسكريون يتحدثون عن أربعة سيناريوهات ممكنة الحدوث: الأول، سيناريو الحرب الباردة، وهو يعني أن تظل تركيا وروسيا في حرب باردة في ليبيا، وتشترك مصر في هذه الحرب عبر التهديدات المستمرة بالتدخل دون أن تكون هناك حرب فعلية بين هذه الأطراف. فمصر رغم التهديدات بالتدخل، لم تقم بأي إعداد فعلي لهذا التدخل كما فعلت روسيا بانتشار قوات فاغنر إلى جانب قوات حفتر، أو حكومة الوفاق ومعها الحليف التركي بتكملة كافة التجهيزات حول سرت. لذا بالنظر لجدية كل الأطراف تبدو مصر غير جادة أمام الحشد الروسي وحشد قوات حكومة الوفاق وحليفها التركي. وهذا يتماشي مع نظرة كثير من المحللين الليبيين بأن الرئيس المصري إنما يستهلك الأزمة الليبية في الداخل المصري ويحاول إظهار السيطرة المصرية على عقيلة صالح وخليفة حفتر وأنه هو البوابة لإذعانهم للمنطق الدولي والنداء الوطني.
أما السيناريو الثاني – بحسب الخبراء العسكريين- فهو التدخل المحدود، الذي يستند إلى قيام القوات المصرية بإعلان التدخل العسكري وتحشد لذلك بعض القبائل دون أن تصل إلى مستويات مرتفعة من حيث عدد الجنود والمعدات. وهذا في الواقع قد حصل منذ عام 2014 فلا ننسى أن المسافة من السلوم إلى سرت هي واقعة تحت سيطرة حفتر، وهذا سيحقق للنظام المصري عدة مصالح منها مصالح داخلية وقد يطلب بعض المساعدات من دولة الإمارات وأن يحاول أن يستغل ذلك في تثبيت سلطانه محلياً.
أما السيناريو الثالث، فهو التدخل ضمن تحالف مشترك، فمن الممكن كذلك أن تقوم مصر بإرسال بعض القوات لمساعدة قوات فاغنر الروسية، وتوفير الدعم في بعض المناطق في الشرق الليبي لضمان وجود مضادات ودفاعات جوية، الهدف منها هو ردع قوات الوفاق من التقدم للشرق الليبي، وسيصبح المشهد رهين بسلوك قوات الوفاق والحليف التركي . هنا لن تحدث معركة كبرى لأن الهدف هو الردع وليس الهجوم، ولكن لن يكون لمصر موقف قوي في أي تفاهمات إذا ما كانت روسيا هي التي تقود المعارك لأن قوتها الاستراتيجية لا تقارن بروسيا أو تركيا فليست مصر منخرطة في أي من الملفات الدولية كملف سوريا أو ملف الغاز والتصدير لأوروبا كما أن حجم صادراتها لهذه الدول لا يكاد يذكر.
السيناريو الرابع، هو التدخل الشامل، وهو ما يخشاه كثيرون، لكن هذا التدخل الشامل لن يواجه بأي قوة في الشرق الليبي إلا من خلال بعض الرافضين لهذا التدخل، ولكن الخشية أن يتحول إلى صدام مباشر مع تركيا، بحيث تتفلّت الأمور وتخرج عن السيطرة، كما يخشى مراقبون.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 7