فارس سعيد لـ"وكالة أنباء آسيا": كلام البطريرك الراعي يعيد لبنان إلى دائرة الاهتمام العربي

جورج حايك _ وكالة أنباء آسيا

2020.07.16 - 12:29
Facebook Share
طباعة

 لا يتردد مؤسس لقاء سيدة الجبل والأمين العام لقوى 14 آذار سابقاً، الدكتور فارس سعيد، من تسمية الأمور بمسمياتها، فهو غالباً ما انتقد مشروع حزب الله وسعيه إلى عزل لبنان عن الشرعيتين العربية والدولية، ويرى أن نداء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سيكون نقطة تحول كبيرة إن تحلق حوله جميع اللبنانيين، ويؤيد مشروع الحياد الذي يطالب به الراعي لأنه يشكّل خشبة الخلاص الوحيدة للبنان.

"وكالة أنباء آسيا" التقت سعيد القلق من تدهور الوضع الاقتصادي والانهيار الذي يداهم كل القطاعات، لكنه يرى أن خلفية المشكلة سياسية في الأصل وليست اقتصادية.

لا لمشرقيّة انسحابيّة من العروبة

ويقول:"كلما تتعقد الأمور يصبح المطلوب العودة إلى الأصول، أي عودة لبنان إلى الدستور اللبناني، بتكريسه لبنان ضمن الشرعيتين اللبنانية والعربية، أي استعادة دخول لبنان إلى المصلحة العربية. مصلحتنا كشعب لبناني أن نكون في إطار الشرعية العربية وحتماً المصلحة الكبرى أن نكون جزءاً لا يتجزأ من الشرعية الدولية".

ويضيف:"المشكلة الحقيقية أن هناك فريق لبناني يريد خروجنا من الشرعية اللبنانية واستبدالها وفقاً لموازين قوى يظن أنها لمصلحته، ويريد منا الخروج من الشرعية العربية والسير بنا إلى مشرقية انسحابية من العروبة لا نعرف أين تبدأ وأين تنتهي".

ويتساءل سعيد "ما هي المصلحة في الذهاب إلى هذه المشرقية؟ وما هو نظام هذه المشرقية المالي والاقتصادي وأسلوب عيشه؟ والأخطر من ذلك أنه يريد منا أيضاً الانسحاب من الشرعية الدولية واصفاً قرارات الشرعية الدولية بأنها لا تعنيه بدءاً من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وصولاً إلى القرارات الدولية الأخرى 1559 و1680 و1701. أنا لا أعتقد أن هناك إمكانية للخروج من هذه الأزمة التي في ظاهرها هي أزمة اقتصادية واجتماعية وفي باطنها هي أزمة سياسية نتيجة عدم احترام وتنفيذ الشرعيات الثلاث".

لبنان وحزب الله أصبحا جسماً واحداً
من جهتها تقول المنظومة الحاكمة إنها ليست مسؤولة عن الانهيار الحاصل وتحمّل المسؤولية إلى الحكومات السابقة والعهود السابقة، يعلّق سعيد:"المنظومة الحاكمة تريد القول إن المشكلة ذات طبيعة إدارية لها علاقة بالفساد وسوء التدبير وسوء الإدارة، أي أن هذه المنظومة تهرب من الحل السياسي وكأنها تقول: إذا استبدلنا هذه السلطة بسلطة أخرى، وإذا حاكمنا من تولى السلطة ما بعد اتفاق الطائف، واذا استبدلنا الفاسد بغير الفاسد، تسير الأمور بالاتجاه الصحيح". يعتبر سعيد "هذا الكلام تضليلي، الحقيقة أن لا حل في لبنان إلا أن يكون على حساب من يريدإخراجنا من هذه الشرعيات الثلاث. هنا أقول بشكل واضح إن النفوذ الإيراني في لبنان وصل إلى حد أصبح حاجزاً أمام بناء الدولة اللبنانية على قاعدة المصلحتين العربية والدولية".

لا يُخفى على أحد أن حزب الله سيطر على المؤسسات الرسمية في لبنان ووضعه ضمن صراع المحاور، إلا أن الحزب يحمّل مسؤولية حصار لبنان للأمريكيين؟ يجيب سعيد:"الأمريكيون لا يخفون وجهة نظرهم. حاولت الولايات المتحدة مع المجتمعين الدولي والعربي وضع حدود بين نظام المصلحة اللبنانية ومصلحة حزب الله، لكن التسوية التي أدت إلى انتخاب ميشال عون وقانون الانتخابات وبناء المؤسسات، ألغى الحدود الفاصلة بين مصلحة الجمهورية اللبنانية من جهة وحزب الله من جهة أخرى، حتى بدا أمام عيون وعقول دوائر القرار العربية والغربية بأن لبنان وحزب الله أصبحا جسماً واحداً، وبالتالي نعم الولايات المتحجة تحاصر لبنان، وربما كما يُقال بالعامية "يرمون الولد بماء الغسيل"، بمعنى أنهم عندما فقدوا ألأمل بإعادة رسم الحدود الفاصلة بين مصلحة الجمهورية اللبنانية ومصلحة حزب الله، تعاملوا مع الجمهورية اللبنانية كأنها حزب الله، ونحن ندفع الثمن الأغلى، لأننا لم نستطع رسم هذه الحدود".

ويوضح سعيد "كان من الممكن أن نقول نحن غير قادرين على نزع سلاح حزب الله، وعاجزون عن إقناع الحزب بالأنضمام إلى الشرعية اللبنانية كما انضمت ميليشيات أخرى في نهاية الحرب اللبنانية. يعني كان علينا أن نحتفظ بحقنا في المطالبة من أجل إعادة رسم الحدود وتثبيت الحدود الفاصلة بيننا وبين الحزب. ما ذهبنا إليه تحت عناوين مختلفة كحقوق المسيحيين وحقوق السنّة في وصول الأقوى إلى رئاسة الحكومة وكل هذه المصالح الصغرى أدت إلى إلغاء الحدود الفاصلة بين مصلحة لبنان ومصلحة حزب الله، وبات من الطبيعي أن يتعامل معنا الغرب والعالم العربي وكأننا والحزب جسم واحد.
وعن تأثير العقوبات الأميركية ونتائجها، يقول سعيد:"قال لنا حزب الله إذا سلّمتم بشروطي السياسية أعطيكم بالمقابل الاستقرار، وتقول لنا العقوبات الأميركية إذا سلمتم بشروط الحزب السياسية لن تحصلوا على الاستقرار، وبالتالي نرى في لبنان اليوم زعيمين: حسن نصرالله الذي يمثّل النفوذ الإيراني، والسفيرة الأمريكية التي تمثّل المصلحة الأمريكية في لبنان، من يمثّل المصلحة اللبنانية؟! يعني السلطة التي كان من المفترض أن تلعب دوراً من خلال الرئيس ميشال عون وتتبنى المصلحة اللبنانية وتمسك العصا في النصف لم تفعل ذلك".
نداء البطريرك مادة للحوار

نأتي إلى الموضوع الأهم وهو نداء البطريرك الراعي الذي شكّل نقطة تحوّل، فنسأل سعيد هل أربك العهد وحزب الله؟ يرد:"إذا اعتبرنا خطاب البطريرك يهدف إلى إعادة بناء خيمة سياسية بمواجهة حزب الله، فلا أعتقد أن هناك جهوزية سياسية لأي قوى في لبنان أن تجلس تحت هذه الخيمة. علينا أن نعتبر كلام البطريرك الذي نؤيده، مادة لحوار وطني جامع. قال البطريرك بأن السلطة السياسية، أي الشرعية اللبنانية محتجزة وتحت الحصار، علينا أن نناقش هذا الوضع. وقال البطريرك بأن حياد لبنان يحافظ على لبنان الرسالة والعيش المشترك، وأنا أعتبر أن هذا الكلام دقيق جداً، وقال البطريرك بأن لا خلاص للبنان ولا حياد للبنان إلا من خلال تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وهذا كلام جدي أيضاً. لذلك علينا أن نجعل منه مادة للحوار.

ويستطرد سعيد قائلاً:"إذا اعتبرنا السردية السياسية التي قدمها البطريرك الراعي مناسبة لإطلاق حوار وطني سينجح بإعادة المسيحيين إلى المسرح السياسي الوطني، لأن الكلام المسيحي الذي سمعناه من البعض عن مأمور الأحراش وزحمة السير والتوتر العالي في المنصورية والكازينو والحوض الخامس وهذا المدير العام أو ذاك، قد يكون كلاماً مهماً، إلا أنه اخرج المسيحيين من المسرح السياسي وأفسح المجال لتأخذ المواجهة السنية الشيعية مداها في لبنان. إذاً بعودة البطريرك إلى سردية سياسية وطنية وعربية ودولية، أي أنه عندما يتكلم عن الحياد وعن قرارات الشرعية العربية والدولية يعيد لبنان إلى دائرة الاهتمام العربي والدولي، بدليل زيارة السفير السعودي له والتأييد الدولي الذي حظي به. هذه العودة المباركة تستحق زيارة البطريرك من قبل الجميع لاستطلاع رأيه وإطلاق حوار وطني جامع حول النقاط التي أثارها. هذه هي الخطوات العملية التي يجب أن تواكب نداء البطريرك".

هل سيؤدي الالفاف حول البطريرك إلى تأسيس جبهة معارضة كلقاء قرنة شهوان؟ يجيب سعيد:"وًلِدَ لقاء قرنة شهوان من أجل حوار وطني جامع. نحن أخذنا كلام البطريرك مار نصرالله بطرس صفير آنذاك بضرورة خروج الجيش السوري من لبنان وأردنا أن نجعل منه مادة للحوار، وذهبنا إلى وليد جنبلاط ورفيق الحريري وحتى إلى الوسط الشيعي، ونجحنا بأن نجعل عنوان أطلقته الكنيسة المارونية عام 2005 عنواناً وطنياً جامعاً. اليوم مطلوب أن ننقل العنوان الذي أطلقه البطريرك الراعي إلى عنوان للمصلحة الوطنية".

لا شراكة وطنية مع قاتلي الحريري

من المتوقع أن تصدر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها في 7 آب المقبل، هل ستشكل عامل ضغط على الساحة اللبنانية؟ يقول سعيد:"أولاً يجب عدم مقاربة حكم المحكمة بأنه يعني فريقاً واحداً من اللبنانيين أو عائلة معينة أو تياراً معيناً. حكم هذه المحكمة يعني جميع اللبنانيين، وقد دفعنا ثمنه غالياً جداً من الدماء والدموع والنضال والشهداء، وبالتالي جميعنا معنيون به. ثانياً أرى المقاربة القضائية للموضوع سخيفة، والمقاربة الفعالة ستكون بنتائجها السياسية". ويوضح سعيد:"إذا تبين أن حزب الله مسؤول عن تدبير جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري يعني سقوط شراكته الوطنية في لبنان، إذ لا يمكن مشاركة أحد استخدم سلاحه في الداخل لتنفيذ جريمة سياسية، وإذا أراد أن يعود للشراكة الوطنية فيجب أن يضع سلاحه خارج البيت".
نسأل سعيد هل فشلت الثورة؟ يختم:"تنجح الثورة إذا حققت الوحدة الداخلية وتفشل اذا تراجعت الوحدة الداخلية. لذلك أدعو مجدداً إلى الالتفاف حول كلام البطريرك لأنه كلاماً لا يصب في مصلحة المسيحيين فحسب، وليس كلاماً عن حقوق طائفة، بل كلاماً يعني جميع اللبنانيين، فلندعمه ونناقش كلامه".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 5