"قيصر" يطيح بفرص الأردن الاقتصادية مع سوريا

ألبير حسواني _ وكالة أنباء آسيا

2020.07.15 - 05:26
Facebook Share
طباعة

 ينظر الأردنيون بعين القلق إلى تبعات قانون "قيصر" على الأردن، والذي أقرته الولايات المتحدة الأمريكية ضد دمشق وبدأ سريانه قبل شهر من الآن. حيث يتخوف اقتصاديون أردنيون من أن فرص الأردن بالحصول على حصة وازنة من منافع إعادة إعمار سوريا باتت في مهب الريح، وسط توقعات المراقبين بامتثال أردني كامل للتعليمات الأميركية.

وكانت عمان حتى وقت قريب تعوّل على ملف إعادة الإعمار لمحاولة انتشال الاقتصاد المتهاوي، إلا أنه من المتوقع أن تصيب ارتدادات العقوبات الأميركية المملكة بشكل لافت.

القانون الذي ينص على سلسلة من العقوبات الاقتصادية ضد دمشق وحلفائها، ويهدف إلى حرمانها من مصادر التمويل، جاء بموازاة ضغوط أميركية قديمة جديدة على الأردن بدأها قبل نحو عام الملحق التجاري في السفارة الأميركية في عمّان حينما حذّر التجار الأردنيين من تبعات التعامل مع "النظام" في سوريا.

وبحسب معلومات صحفية فإن السفارة الأميركية في عمّان وجهت رسالة إلى الأردن بضرورة الامتثال بشكل كامل لقانون "قيصر"، مع توارد معلومات عن وجود قنوات تجارية وصفقات يقوم بها تجار أردنيون مع الحكومة السورية في مجالات عدة.

المعلومات تقول أيضاً بأن عمّان ردت عبر قنوات دبلوماسية بثبات موقفها حيال الأزمة في سوريا، وأن على واشنطن أن تراعي حجم الأثر الاقتصادي الذي ترتب على الأردن من جراء ذلك.

وعلى الرغم من ذلك يعوّل الأردن، بحسب المصادر، على منحه خصوصية ما من قبل الولايات المتحدة في تطبيق قانون "قيصر"، بخاصة أن المعابر مع سوريا تمثل شريان حياة بالنسبة إلى الاقتصاد الأردني. وتلفت هذه المصادر إلى إمكانية تلويح الأردن بورقة اللاجئين السوريين على أراضيه والذين يصل تعدادهم إلى نحو مليون لاجئ.

من جهته، رأى رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز في تصريحات صحافية أن قانون "قيصر" لن يؤثر في العلاقات الأردنية السورية، وأن "هناك تحديات حقيقية داخل سوريا تؤثر في حركة التجارة والتبادل التجاري بيننا وبينهم"، مشيراً إلى أن "المواد الأساسية التي نتبادلها معفاة أصلاً من هذا القانون أو غيره، والمعيقات الحقيقية هي على أرض الواقع وليست قانونية أو مفروضة" بحسب قوله.

بينما يعتقد مراقبون أنه بات مستحيلاً اقتراب الأردن من سوريا، خلال الفترة المقبلة، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، مع العقوبات الأميركية الجديدة.

ويقول هؤلاء إن قانون قيصر سيشمل قطاعات أردنية كثيرة تعمل مع السوريين، وكانت تراهن على إعادة الإعمار، أو المشاركة بأشكال مختلفة في النهضة السورية بعد الحرب. ويكشف المراقبون أن بعض هذه القطاعات على صلة بملفات النفط، وسوف تنطبق عليها العقوبات الأميركية.

وتشير البيانات الإحصائية إلى انخفاض قيمة واردات الأردن من سوريا، عام 2019، إلى 43 مليون دولار، مقارنة بـ70 مليون دولار عام 2018.

ووفق بيانات لما قبل عام 2011، سجلت صادرات الأردن إلى سوريا 255.5 مليون دولار وبلغت الواردات 376 مليون دولار في العام نفسه.

ويرى خبراء اقتصاديون أن الأردن سيستجيب لتنفيذ بنود قانون "قيصر"، ولن يغامر بعلاقته مع الولايات المتحدة على الرغم من الخسائر التي سيتكبدها، وتحديداً القطاع الخاص الأردني، الذي كان يعتمد على التجارة مع سوريا. فقانون "قيصر" قطع الطريق على أي آمال أردنية بحصة ما في ملف إعادة إعمار سوريا، كما يقول هؤلاء.
وكانت دراسة إيطالية صدرت عن المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية بيّنت حجم المشكلة التي يواجهها الأردن الطامح إلى عمليات إعادة الإعمار في الجارة الشمالية سوريا حتى قبل إقرار "قيصر".

الدراسة تشير إلى أن الأردن وجد نفسه أسيراً خلال السنوات التسع الماضية لقرار عدم تطبيع العلاقات مع دمشق، بسبب اعتراض واشنطن وبعض الدول الأوروبية ما أفشل كل محاولاته للاستفادة اقتصادياً من دمشق.

وتضيف الدراسة أن الصين استثمرت أكثر من ملياري دولار منذ عام 2015 في تعزيز قطاعَي البنية التحتية والطاقة في الأردن، كتوطئة لإعادة الإعمار في سوريا والعراق.

غير أنّ إعادة فتح المعبر الحدودي بين البلدين عام 2018 لم تسفر عن أي نتائج إيجابية، حيث تبادلت الحكومتان السورية والأردنية قرارات رفع التعرفة الجمركية على الواردات من الطرف الآخر، وحظر بعض الواردات، بمبرر حماية المصالح الوطنية لكلاهما.

واستقبلت الحكومة السورية العام الماضي وفوداً اقتصادية أردنية غير رسمية، وأخرى رسمية لإعادة العلاقات السياسية والاقتصادية، لكن نتائجها على الأرض لم تكن كما توقع الطرفان، بسبب ضغوط واشنطن ودول غربية على عمان .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 8