ملف الفيول المغشوش في لبنان: تياران في المواجهة

عبير محمود

2020.07.14 - 03:59
Facebook Share
طباعة

لا شك أن أياً يكن المسؤول عن قضية الفيول المغشوش في لبنان، فإن الخاسر الوحيد هو "المواطن"، بغض النظر عن الانتماء والتوجه السياسي، بحسب ما يرى العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين في لبنان، محذرين من استمرار تردي قطاع الكهرباء والطاقة واستنزافه عموماً لجيوب المواطنين منذ سنوات.
 

فتح الملف
أشهر ثلاث مضت على فتح ملف الفيول المغشوش بتهم احتيال واختلاس وتزوير وثائق رسمية في شحنة فيول واردة إلى لبنان غير مطابقة للمواصفات وفق ما جاء في القرار الظني -الذي اطلعت عليه "وكالة أنباء آسيا"- الصادر عن قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان بتاريخ 10 – 7 – 2020.
التحقيقات المستمرة منذ نيسان الماضي، أدت إلى توقيف ممثل شركة سوناطراك الجزائرية في لبنان طارق الفوال، ونحو 30 شخصاً في ملف تسليم شحنة الفيول لصالح شركة كهرباء لبنان، وبحسب التقارير الفنية فالشحنة "غير مطابقة للمواصفات المطلوبة وتحمل عيوباً في نوعية الوقود"، إذ إن الشركة الجزائرية ترتبط مع وزارة الطاقة باتفاقية تعود لعام 2006.
 
توزيع الاتهامات
خلال اجتماع لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه مطلع الشهر الماضي، رأى أعضاء اللجنة أن وزارة الطاقة وشركة سوناطراك تتحملان المسؤولية مشتركة في ملف الاحتيال النفطي، الأمر الذي أكده النائب محمد الحجار بقوله إن "سبب هذه القضية مع الأسف هو وزارة الطاقة".
وما بين الوزارة ومنشآت النفط، والتيارات السياسية التي تدير كل منها ـ يعود التيار الوطني الحر لمواجهة تيار المردة بدعم الأول للوزارة والثاني لمدير منشآت النفط سركيس حليس، واعتباره وسيطاً بين الوزارة والشركة الجزائرية ما جعله في دائرة الاتهام وفق ما يقول العونيون، الذين يحاولون "توسيع قاعدة المتورطين وإبعاد الشبهات عن الوزارة" بحسب مصادر مطلعة.
 
وتضيف المصادر لـ"وكالة أنباء آسيا"، بأن الشرخ بين المردة والعونيين، يتوسع بشكل كبير جراء هذه القضية، ملقين اللوم على الشركة الجزائرية التي "اختارت تزويد لبنان بالفيول عبر وسيط لبناني". أي أن الوزارة لا علاقة لها بالغش الذي مارسه طرف لا ينتمي إلى الوزارة، التي كانت بالمرصاد وكشفت الملف.
 
"وكالة أنباء آسيا" حاولت الاتصال بعضو المكتب السياسي في تيار المردة ​فيرا يمّين، لتوضيح موقف التيار الرسمي ولكن لم يتم الرد، ليفيدنا مصدر من "المردة" بأن هناك محاولة من العونيين لتسييس ملف الفيول ضد الوزير السابق سليمان فرنجية، معتبراً أن التيار البرتقالي يسعى لإخراج كل من يدور في فلكه من دائرة الاتهام والتخلص من حليس وتوسيع سيطرته داخل قطاع الطاقة الذي يشرف عليه منذ حوالي 10 سنوات.
 
الجزائر تنفض يدها
شركة سوناطراك كانت قد أصدرت بياناً أوضحت فيه أن "قضية الوقود المغشوش، تتعلق بخلاف يعود إلى 30 آذار الماضي، عندما تلقت سوناطراك إشعاراً من وزارة الكهرباء والمياه اللبنانية، بخصوص عيب في النوعية لإحدى شحنات الوقود المسلمة لشركة كهرباء لبنان بتاريخ 25 من الشهر ذاته، متوقعة " تسوية نهائية وفعلية للملف نظراً للعلاقات المتميزة التي تربط الطرفين".
 
وقال المسؤول في الرئاسة الجزائرية محمد السعيد في 20 أيار الماضي إن "فضيحة الوقود المغشوش المستورد من بلاده والتي انفجرت مؤخرا في لبنان، قضية داخلية".
 
مشكلة قديمة والعجز مستمر
يستورد لبنان الفيول لتشغيل معامل ومنشآت قطاع الكهرباء الذي يعاني منذ سبعينيات القرن الماضي من مشاكل كبيرة جراء الحرب الأهلية في ذلك الوقت، مع عجز حكومي على إعادة تأهيل القطاع وسط صراعات سياسية داخلية.
 
ورغم توالي الحكومات ووعودها بتحسين الواقع الكهربائي إلا أن المساعي بقيت حبراً على ورق وسط تبادل اتهامات بالفساد وإرهاق خزينة الدولة عند ظهور أي دراسة لتحقيق إنجاز ما في ملف الطاقة، بحسب متابعين، مشيرين إلى اتفاق معظم الساسة على نظام المولدات كحل لانقطاع التيار وإصلاحات الشبكة، ما هو إلا تشريع لاستمرارية الاختلاس والهدر العام لأموال الدولة في ظل المناكفات السياسية حول هذا الملف.
 
وتبقى مشكلة انقطاع التيار الكهربائي أكثر ما يؤرق المواطن اللبناني، الذي يدفع الكثير لقاء الاشتراك في نظام تشغيل المولدات لإيصال التيار إلى منزله وسط استغلال وجشع العديد من أصحاب هذه المولدات وفق ما يقول مواطنون.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 4