البطريرك الماروني دقّ ناقوس الخطر...فماذا في الكواليس؟

كتب جورج حايك

2020.07.08 - 01:58
Facebook Share
طباعة

 استشعر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الخطر المحدق في لبنان وكانت عظته الأحد الفائت صرخة مدوية بل نقطة تحوّل في المسار الوطني من خلال دعوته لرئيس الجمهورية العمل على فك الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحر، ووجّه نداء إلى الدول الصديقة ومنظمة الأمم المتحدة للاسراع إلى نجدة لبنان كما كانت تفعل كلما تعرض لخطر.

عظة البطريرك الراعي شكّلت صدمة ايجابية للبعض وسلبية للبعض الآخر، لكن الجميع فهم أن ثمة تغيير في اللهجة البطريركية التي حرصت على المهادنة في محطات عدة، ويبدو ان الموقف الجريء سيستتبع مواقف أخرى لا تقل جرأة، وربما يتجاوز الموقف إلى أفكار ومبادرات أخرى لا تزال قيد الدرس.

وتقول مصادر مقربة من البطريركية المارونية "ان البطريرك لم يتحرك بناء لنصيحة من طرف سياسي معيّن أو مجموعة سفراء، ولم يتصرف من منطلق موالاة ومعارضة، انما انطلاقاً من هاجس مصير لبنان بشقيه المسلم والمسيحي، علماً أن هذه الأفكار كانت موجودة دائماً لدى البطريرك الا انه كان ينتظر الظروف ليعلن عنها".

ظروف الرئيس

ويذهب المصدر أكثر من ذلك عندما يؤكد "ان البطريرك كان يتحدث بهذه اللهجة مع المسؤولين في الدولة وأسمعهم في مناسبات عدة هذا الكلام بضرورة فك الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحر، وقد أيّد رئيس الجمهورية علناً وزاره مرات عدة في الأشهر الأخيرة لأن مسألة الرئاسة لدى المسيحيين تعتبر خطاً أحمر، والبعض انتقده لأنه دعم الحكومة وهادنها". ويضيف:"في اللقاءات مع الرئيس حرص الراعي بنيّة طيّبة حثه على انقاذ البلد انطلاقاً من ترؤسه للشرعية وهي أهم سلاح بنظر البطريرك، الا ان هذه اللقاءات والاتصالات لم تؤد إلى نتيجة ليس لأن الرئيس لا يرغب بذلك انما فهم البطريرك بأن ظروفه لا تسمح له بالخروج من تموضعه أي التحالف المستمر مع حزب الله والمحور الايراني السوري".
ويعتبر المصدر "ان الراعي عوّل كثيراً على الثورة وأيّدها في مناسبات عدة لا سيما في بيان القمة الروحية لبطاركة الشرق ورسالة الفصح والبيانات الشهرية لمجلس المطارنة والعظات وخلال وقفات السجود الليلية في بكركي على نيّة الثورة".

مرحلة جديدة

وبدأ البطريرك الراعي، وفق المصدر المقرّب، مرحلة جديدة و"بات مقتنعاً باتخاذ مواقف علنية تكشف المطالب والمواضيع التي كان يناقشها في الاجتماعات مع المسؤولين لأن في ذلك مسؤولية تاريخية والأوضاع لم تعد تحتمل مهادنة ومراوحة".

وعن اعتقاد البعض بتصميم البطريرك الراعي على تأليف جبهة سياسية وطنية برعايته، يرى المصدر "ان هذا الأمر غير وارد بتاتاً لأن البطريركية حريصة على أن تبقى راعية للعمل الوطني وللقوى الوطنية وبشكل خاص القوى المسيحية، ولا يطمح البطريرك إلى أن يكون البديل عن الأحزاب السياسية، وبقدر ما تقوم هذه الأحزاب بدورها بقدر ما تحظى ببركة البطريرك، وبقدر ما تنكفئ بقدر ما يضطر إلى تغطية النقص حتى يبقى هناك توازن بالميثاقية والموقف الوطني".

مناسبة هذا الكلام، يقول المصدر، ان الراعي استنتج مؤخراً ان هناك تردد لدى القيادات الاساسية المسيحية باتخاذ مواقف تفرضها المرحلة الحالية، ويتساءل كيف تقوم هذه الأحزاب بدورها في المعارضة وهي لا تلتقي؟".

لكن هشاشة المعارضة لن تحمل البطريرك إلى تشكيل جبهة سياسية "لأن المرحلة التي نعيشها لا تشبه مرحلة الوصاية السورية حين اضطر البطريرك نصرالله بطرس صفير إلى رعاية لقاء قرنة شهوان بفعل غياب القيادات المسيحية إن بالسجن أو بالمنفى. أما اليوم فيبدو الوضع مختلف: القيادات المسيحية موجودة ولا يريد البطريرك أن يتحول فريقاً".

مستعد للمواجهة

ويشير المصدر إلى ان التحركات ستستمر في البطريركية المارونية عبر تأليف لجان عمل اقتصادية وسياسية واجتماعية وتربوية، وهذا يأتي في اطار تزخيم عمل الكرسي البطريركي، علماً ان الراعي أراد بكركي منذ البداية خلية نحل لا تهدأ. ولا بد من التأكيد بأن موفدي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في زيارات مستمرة إلى البطريرك، لكن لا أحد يؤثّر على موقفه الوطني وخصوصاً عندما يستشعر الخطر".

وتحدث البعض عن جولة عالمية قد يقوم بها البطريرط حاملاً الهواجس الوطنية اللبنانية لدفع عواصم القرار إلى التحرك لنجدة لبنان، الا ان المصدر نفى هذا الأمر باعتبار ان مثل هذه الخطوة تتطلب اجماعاً مسيحياً وهو غير متوفر الآن، بمعنى آخر اذا كان لا بد من القيام بهذه الخطوة، يجب أن يكون البطريرك مكلفاً من ابناء طائفته والقوى السياسية فيها. وإذا حصل ذلك الاتفاق حينئذ تصدر مذكرة عن المجتمعين فيقوم البطريرك بجولة على عواصم القرار والأمم المتحدة. حتماً هذه الأفكار وغيرها مطروحة ويتم متاقشتها في أروقة البطريركية".

ويوضح المصدر "ان كل هذه العذابات تزول لو يقوم رئيس الجمهورية بقلب الطاولة ويعود إلى الخط الوطني، فلا نعود بحاجة إلى شيء".

ونسأل المصدر: كيف سيتبلور موقف البطريرك الراعي على الأرض؟ يجيب:"موقفه أدى إلى صدمة ايجابية لدى البعض وصدمة سلبية لدى البعض الآخر، لكن أهمية موقفه انه سيدفع القوى السياسية المسيحية إلى أن تأخذ مواقف بنبرة عالية من جهة ويحمل السلطة إلى أن تعرف بأنها لا تستطيع الذهاب أبعد من ذلك من جهة أخرى، وبأن البطريرك مستعد للمواجهة ولم يعد يستطيع أن يغطي انحراف المسؤولين وسياسات لا تلتقي مع الثوابت والتحالفات التاريخية".

ويختم المصدر "لقد استعادت البطريركية المارونية المارونية المبادرة في غياب قيادات فقدت حسّ المبادرة، وها هي تقول:"أنا هنا كما في كل المنعطفات التاريخية. ومن المتوقع أن يهز كلام الراعي دوائر القرار في الفاتيكان ويحثها على الاهتمام أكثر بمصير الشعب اللبناني".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 6