الأزمة المالية والاقتصادية تغيّر العادات الغذائية للبنانيين

جاد كريم_وكالة أنباء آسيا

2020.07.06 - 06:23
Facebook Share
طباعة

 "توقعات قاسية" تلك التي تنتظر اللبنانيين في المدى المنظور، بحيث سيكون على نسبة كبيرة منهم أن تتخلى عن عاداتها الغذائية السابقة واستبدالها بعادات جديدة مقاربة لتلك التي اعتمدها اللاجئون السوريون في لبنان.

يقول الخبير بالشأن اللبناني، الدكتور(مارتن كيولرتس) الأستاذ المساعد في برنامج الأمن الغذائي بالجامعة الأميركية في بيروت، لصحيفة التلغراف البريطانية التي سألته عن مسار الأزمة الغذائية في لبنان "إن اللاجئين كان بإمكانهم شراء بعض الطعام في الماضي، من المساعدة التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي، وكانوا قادرين على استهلاك بعض العدس وبعض اللبنة وما شابه، ونادراً ما كان شراء الخضار والفاكهة صعباً، فيما كان شراء اللحم غير وارد. أما الآن، فالمثير للقلق هو أن معظم اللبنانيين يمضون إلى مسار مشابه" في توقع بأن الحصول على الغذاء الأساسي سيصبح صعباً.

وسألته الصحيفة: "هل يمكن للبنان أن يتجه إلى تكرار مجاعة 1915-1918 وأجاب الدكتور كيولرتس: "بالتأكيد، فبحلول نهاية العام، سنشهد 75% من السكان يحصلون على معونات غذائية، ولكن السؤال هو ما إذا كان الطعام سيكون متوافراً ليتم توزيعه.

و يستورد لبنان 80% من طعامه، ويحتاج إلى حوالي 500 مليون دولار سنوياً لاستيراد المواد الغذائية، باعتبار أن 13% فقط من أراضيه صالحة للزراعة، لذلك تراجعت الواردات 50% تقريباً عن العام الماضي، بحسب ما قال هاني بحصلي، رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية والمنتجات الاستهلاكية والمشروبات.

وتتجه نسب الفقر في لبنان لتسجيل مستويات قياسية ، وتزامناً تشهد أسعار السلع والخدمات الأساسية ارتفاعاً حاداً بفعل الهبوط الحاد في سعر صرف العملة المحلية (الليرة)، وانتعاش السوق السوداء.

وبات شغل شريحة واسعة من اللبنانيين، تأمين تكاليف المعيشة اليومية، في وقت تعاني فيه السوق من تراجع حاد في الطلب، وارتفاعا في نسب تسريح العمالة، بحسب متابعين.

وبحسب بيانات "الشركة الدولية للمعلومات" ومقرها لبنان، فإن نسبة الفقر في البلاد تقترب من 55 بالمئة أي قرابة 2.3 مليون فرد، مع توسع دائرة الأزمة إلى مالية ونقدية وتشغيلية. وهي مقسمة بحسب المركز بين 25 بالمئة من الإجمالي، أي مليون مواطن يعيشون دون خط الفقر، ما يعني أن دخلهم لا يكفي لتوفير الكميات الكافية والضرورية من الطعام، بينما هناك 30 بالمئة (1.3 مليون فرد)، يعيشون فوق خط الفقر أي دخلهم يكفي للغذاء، ولكن لا يمكنهم توفير المسكن واللبس المناسب".

وفقد الحد الأدنى للأجور 83 بالمئة من قيمته منذ اشتداد الأزمة المالية ، حيث تراجع الحد الأدنى من 450 دولارا إلى 75 دولارا، بسبب فروقات سعر الصرف بحسب مراقبين.

أمام هذه الظروف، تضيق خيارات اللبنانيين من السلع الغذائية الأساسية، وعلى رأسها اللحوم، حيث كشف جوزيف الهبر نقيب تجار اللحوم، أن "القطاع قادر على الصمود لمدة تتراوح بين 20 و25 يوما ليس أكثر".

وأضاف الهبر: "إذا بقي ارتفاع سعر صرف الدولار بهذا الشكل، فالقطاع سيتوقف بشكل نهائي، إن كان لناحية استيراد اللحوم المبردة والمجمدة، إضافة إلى اللحوم الحية.. نستورد سنويا 25 ألف طن.. هذا العام نستورد كمية لا تذكر".

وشدد على أن كيلو اللحم بات يبلغ 40 دولارا بعد أن كان يبلغ 11 دولارا، نتيجة تغيرات أسعار الصرف، مؤكدا أن "هذا الرقم مرشح للارتفاع مع ارتفاع سعر صرف الدولار".

وحول تضرّر الملاحم جراء الأزمة، أجاب: "35 بالمئة من محال الجزارين أقفلت بشكلٍ نهائي، وهناك 20 بالمئة من من السوبرماركت ستقفل فروع بيع اللحوم لديها".

وسرعت الاحتجاجات الشعبيّة التي انطلقت في 17 تشرين الأوّل وتيرة الانحدار للاقتصاد وسط قطع طرقات وشوارع رئيسيّة في البلاد، وما ضاعف من حدّة الأزمة الإغلاق التامّ الذي دام أسابيع متواصلة عدّة لاحتواء جائحة كورونا.
في سياق غير منفصل، تحدث أحد أصحاب محلات السمانة عن انعكاس الأوضاع الاقتصادية على قدرتهم في تأمين البضاعة.

وأشار أحدهم إلى أن "البضاعة ارتفعت قيمتها بنسبة 200 بالمئة.. هناك 10 بالمئة من البضاعة ليس باستطاعته تأمينها من أي تاجر في سوق الجملة لأنها لم تعد متوفرة".

فيما قال آخر أنه بات يقتصد في البضاعة، قائلًا: "قمت بالاستغناء عن السكاكر التي ارتفعت قيمتها وعن الأمور الثانوية، إذ أصبحت أؤمن لزبائني حاجاتهم الأساسية كالحليب والحبوب والمعلبات".
وبحسب تقرير حديث صدر عن الأمم المتحدة بنهاية أبريل الماضي، كان أكثر من نصف اللبنانيين يكافحون لشراء المنتجات الأساسية، بعد أن ارتفعت أسعار المواد الغذائية 56% عما كانت عليه قبل 6 أشهر، كما ارتفعت 50% تقريباً بين منتصف مارس- آذار إلى مايو- أيار الماضيين، ورافقها ارتفاع نسبة البطالة بسبب "كورونا" المستجد، مع انخفاض بالأجور، واستمرار ارتفاع الأسعار في البلد الذي يستضيف مليون و500 ألف لاجئ، في "أكبر استضافة للاجئين نسبة لعدد السكان بالعالم" طبقاً لتعبير صحيفة التلغراف البريطانية .

وفي سياق الأوضاع الاقتصادية المتردية، انطلقت مؤخراً مجموعة عبر فيسبوك تحت اسم "لبنان يقايض"، وهي بمثابة مبادرة اجتماعية تهدف إلى تعميم عملية المقايضة بين الناس، وتبادل المنافع من خلال تبادل السلع أو الخدمات.
ومن خلال المجموعة، يعرض لبنانيون مقتنياتهم الشخصية من ألبسة وأحذية وأثاث بيتي ومستلزمات وأجهزة كهربية، على أن يتم مبادلتها بحاجيات أساسية من أغذية وحليب أطفال ومياه وخضروات وفواكه.

كما عرض آخرون مستلزمات بسيطة وأغراضا من البيت للتبرع، لكل من يحتاج من اللبنانيين في محاولة لإسناد بعضهم بعضا .
وفي السياق نفسه تداول نشطاء لبنانيون عبر منصات التواصل، مشاهد من طوابير المواطنين اللبنانيين أمام المخابز، منذرين بأزمة خبز في لبنان.

وأظهرت مشاهد مصورة، اصطفاف طوابير من المواطنين أمام المحال والمخابز، لشراء كميات من الخبز، برغم ارتفاع أسعارها.
ووصف مغردون الطوابير المصطفة للخبز بـ"طوابير الذل"، وقالوا إن المشهد "مبكٍ ومخيف"، فيما اتهموا الطبقة السياسية بالمسؤولية عن الحال الذي وصل إليه المواطن اللبناني كل يوم.

وقال آخرون إن احتكار التجار ورفع الأسعار يجب أن يقابل بالمقاطعة لا بالتزاحم، وأن على الوزارات والنقابات وقف "تجويع اللبنانيين" في الوقت الذي يذهب خير البلاد لغير أهلها، وفق قولهم.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 5