الفرات ينازع الجفاف: تركيا تخرق الاتفاقيات و"قسد" تستثمر الموقف

وسام دالاتي - وكالة أنباء آسيا

2020.07.02 - 02:55
Facebook Share
طباعة

 

انخفض منسوب نهر الفرات خلال الأيام الماضية بسبب قيام الحكومة التركية بإغلاق بوابات السدود الموجودة في أراضيها، ومن بينها "سد أتاتورك"، الذي يعد ثاني أكبر السدود في منطقة الشرق الأوسط، وانعكس الأمر على انخفاض مخزون البحيرات المتشكلة خلف السدود الأساسية في سورية الأمر الذي بررت من خلاله "قوات سورية الديمقراطية"، تخفيض إنتاج الكهرباء في هذه السدود، ما انعكس على الحياة الاجتماعية عموماً.
تفاصيل وتاريخ
يؤكد مصدر هندسي يعمل في أحد السدود التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية"، في محافظة الرقة، أن مستوى تدفق النهر في الوقت الحالي يقف عند عتبة ١٥٠ متراً مكعباً في الثانية، الأمر الذي أدى لانخفاض قدرة السدود التخزينية لبحيرات السدود بما قد يفضي إلى وصولها إلى ما دون الحد الادنى إذا ما استمر الاعتداء التركي على حصتي سورية والعراق من نهر الفرات.
بحسب الاتفاقية الموقعة بين الحكومة السورية ونظيرتها التركية في حزيران من العام ١٩٨٧، فإن الحكومة التركية ملزمة بالحفاظ على حد أدنى من التدفق لا يقل عن ٥٠٠ متراً مكعبا من مياه نهر الفرات، وقد وثقت الحكومة السورية في العام ١٩٩٤ هذه الاتفاقية لدى الأمم المتحدة، ما يضمن الحد الأدنى من التدفق المائي لنهر الفرات، وبموجب اتفاقية أخرى موقعة مع الحكومة العراقية في نيسان من العام ١٩٨٩، فإن الحكومة السورية ملزمة بأن تترك ٥٨% من مياه نهر الفرات التي تدخل الأراضي السورية تمر نحو الأراضي العراقية، ويمكن اعتبار أن القرار التركي من شأنه أن ينعكس على الحياة الاقتصادية والمجتمعية في كل من سورية والعراق في آنا معاً.
مصدر في "سد الفرات"، قال إن الأمر يبدو اعتياديا من قبل الحكومة التركية للحفاظ على منسوب التخزين الذي تحاول الحفاظ عليه في بحيرات سدودها خلال فترة الصيف، وهو مرحلي يمكن أن ينتهي خلال أيام بعد وصول مخزون السدود البحيرات التركية إلى "الحد الأعظمي"، إلا أن "قوات سورية الديمقراطية"، ومن خلال خلق أزمة في توليد الكهرباء مع توزيع غير عادل لما يتم انتاجه من الطاقة حالياً، تحاول الاستثمار في الأزمة المائية لتحقيق أهداف سياسية تعكسها تصريحات قادة "قسد"، ومن بينهم "إلهام أحمد"، التي اتهمت "تركيا"، بمحاولة خلق الجفاف في سورية، مشيراً إلى أن وسائل الإعلام العراقية إلى الآن لم تركز على الحدث وقد يعود الأمر نتيجة لوجود تدفق عالي في نهر "دجلة"، الذي لم تستفد الحكومة السورية من حصتها الشرعية منه بسبب تعطل تنفيذ مشروع "دجلة الكبير"، الذي كان الرئيس السوري "بشار الأسد"، قد وضع حجر الأساس له في النصف الأول من العام ٢٠١١.
ويروي نهر الفرات نحو ٤ مليون دونم من الأراضي الزراعية المنتشرة على ضفتيه ضمن محافظتي الرقة والحسكة، كما يروي مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الواقعة ضمن الحدود الإدارية في محافظة حلب، وقد أنشأت الحكومة السورية ثلاثة سدود كهرومائية على النهر هي "تشرين - الفرات - البعث".
الكهرباء نحو الأسوء
من جهته، يؤكد مدير فرع مؤسسة الكهرباء في محافظة الحسكة المهندس "أنور العكلة"، في حديثه لـ "وكالة انباء آسيا"، أن كمية الكهرباء التي باتت تصل إلى مدينة الحسكة خلال الأيام الماضية تقف عن ٨٠ ميغا واط وضمن مدة زمنية لا تتجاوز ١٠ ساعات، ما دفع المؤسسة إلى تقسيمها بالتساوي على مناطق المحافظة، ليصبح واقع التغذية "أربعة ساعات وصل خلال ٢٤ ساعة"، علما أن الخط الأساس المغذي لمحافظة الحسكة من "سد تشرين"، وتأتي هذه الأنباء مع استمرار "قوات سورية الديمقراطية"، لمنع موظفي مؤسسة الكهرباء من الدخول إلى مقر المؤسسة الكائن بالقرب من "دوار النشوة"، في مدينة الحسكة، وذلك بعد سيطرتها على مجموعة من المباني المحيطة بـ "القاعدة الأمريكية"، التي أنشأت قبل أشهر بالقرب من المدينة الرياضية، بالطرف الجنوبي من حي "غويران"، ما ينعكس على واقع عمل المؤسسة على المستويين الإداري والتقني.
بالمقابل تؤكد مصادر أهلية فضلت عدم الكشف عن هويتها خلال حديثها لـ "وكالة أنباء آسيا"، أن معدل التغذية في مناطق محافظة الرقة لا يزيد عن أربعة ساعات أيضاً، والأمر نفسه ينسحب على مناطق من ريف حلب الشمالي والشرقي التي تسيطر عليها "قسد"، فالتغذية الكهربائية في مدينة "منبج"، تقف عند معدل ثلاث ساعات، فيما تعتبر منطقة "عين عرب"، خارج حسابات التقنين دون إمكانية الحصول على مبرر من قبل مسؤولي "قوات سورية الديمقراطية"، في المدينة التي تعد واحدة من المعاقل الأساسية لها.
موسم لـ "الأمبيرات"
اعتماد سكان المنطقة الشرقية على المولدات الضخمة في تأمين احتياجاتهم اليومية من الطاقة الكهربائية في أوقات التقنين، دفع أصحاب هذه المولدات التي تعرف باسم "الأمبيرات" إلى رفع أسعار الخدمة التي يقدمونها مستغلين الأزمة التي تشهدها المناطق الشرقية في قطاع الطاقة، مبررين الأمر بـ "ارتفاع أسعار الصرف"، ورفع "قوات سورية الديمقراطية"، لأسعار المحروقات في الأسواق المحلية.
تقول "غادة الطحطوح"، من سكان بلدة "محميدة"، التي تسيطر عليها "قسد"، بريف دير الزور الغربي الواقع ضمن مناطق "شرق الفرات"، أن أصحاب المولدات رفعوا قيمة الأمبير الواحد إلى ١٢ ألف مع عدد ساعات تشغيل لا يتجاوز ٧ ساعات في اليوم فقط، وغالبا ما يتعمد أصحاب المولدات وقف الخدمة بحجة الأعطال التي تصيب المولدة على الرغم من أن المواطن يكون قد دفع تكلفة الخدمة كاملة، ولا يتم تعويضه بساعات تشغيل إضافية، وذلك على الرغم من أن "قسد"، كانت قد رفعت سعر "الأمبير"، إلى ٧٠٠٠ ليرة سورية فقط مع إلزام أصحاب المولدات بتعويض ساعات التوقف الناجمة عن الأعطال.
تؤكد المعلومات أن "أصحاب المولدات"، يرتبطون بشكل مباشر بقيادة ما يسمى بـ "الآسايش" المتواجدة في مناطقهم والتي تعد بمثابة "الأمن العام"، في هيكلية "قسد"، وكنتيجة لدفع أصحاب المولدات الأتاوات بشكل مستمر لقيادات هذه الميليشيات مقابل الحماية، فإن صحاب المولدات يقومون بتعويض ما يدفعهونه من خلال رفع الأسعار بعيداً عن وجود أي جهة رقابية يمكن أن تحاسبهم.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 2