لا قضية علوية في سورية وهذه هي الوقائع

كتب هانيبعل الحمصي

2020.06.27 - 04:26
Facebook Share
طباعة


طوال سنوات الحرب السورية لم يتوقف اللاعبون الدوليون المؤثرون في المشهد السوري عن محاولة فرض مصطلح العلوية السياسية، في محاولة خلق قيادات للطائفة العلوية يتم التواصل معها. معتبرين أن تفاهما ً ما مع هذه القيادات قد يرفع الغطاء عن النظام السياسي في سوريا. و ويعتقد من يقفون خلف هذه المحاولات ان هكذا نشاط سيؤدي الى تأمين نصر سريع للجهات المستثمرة في المعارضة السورية بعد استمرار خسائرها الميدانية.
لكن ما تجهله هذه الجهات، هو انه ليس هناك علوية سياسية في سورية. و ان هذه الرغبات بخلق كيان سياسي علوي سقطت منذ رفض العلويين الانفصال عن سوريا ايام الاحتلال الفرنسي ضمن دولة في الساحل السوري. و ان ما منع سقوط النظام السياسي الحالي هو تحالف القوى المدنية من كل المذاهب و الطوائف و الاعراق ضد مشروع اسلامي متطرف. وهو مشروع لم يستطع الظهور لمرة واحدة بحالة يقبلها السوريين.
ان هذا الهوس بالتعاطي مع العلويين و كأنهم فئة طائفية حاكمة قادرة على تقرير مصير النظام السياسي للبلاد يحمل في طياته الكثير من السذاجة و قلة الحيلة السياسية. فلو كان الصراع الذي اندلع عام ٢٠١١ بين طوائف، وهو لم يكن كذلك، فهذا يعني ان نتيجة النزاع العسكري هي انتصار للطائفة العلوية. و ان هذه الفئة التي تشكل اقلية حسب الاحصاءات الطائفية، استطاعات فرض سيطرتها العسكرية الشاملة على البلاد، وأستطاعت ان تهزم داعش شرقا، و باقي التنظيمات غربا، وتمكنت من استعادة معظم الجغرافية السورية. ثم دفعت تلك الطائفة دول عظمى مثل الولايات المتحدة الى التفاوض معها لايجاد حل سياسي يأخذ فيه الأخر المهزوم حصة في العملية السياسية رغم هزيمته.
لكن هذا ليس الواقع، فكما قلنا سابق في متن مقدمة هذا المقال، ان المشروعية السياسية الرسمية السورية تأتي من خلال دعم مزيج من القوى الوطنية التي تنتمي الى كل الطوائف والعرقيات، و التي يوحدها رفض المشروع المتطرف القائم على الغاء كل من يخالف الاسلاميين نظرتهم الى الحياة.
هذا الاصرار على خلق " حالة علوية سياسية" يعني أن هذا المكون الاقلوي المنتصر يقول لا و يرفض جميع رغبات اللاعبين الدوليين، لأن الاخر المفروض ان يكون شريكا في الوطن لم يستطع ان يقدم مشروعا سياسيا وطنيا لا يتضمن الغاء الآخر. لكن من يقول هذه "اللا" ليس علويا حصرا بل مكون سوري شامل متكامل توافق على قول لا لكل المشاريع المتطرفة الالغائية.
و في الوقت الذي حاولت فيه قوى المعارضة فرض تصورها الَأحادي لنظام حكم اسلامي متطرف، لا يريد السوريون جميعا ان يروا كوابيسها تتحول الى حقيقة على ارض الواقع.
ان من يدعي تمثيل العلويين في مؤتمرات " مشبوهة" نسي انهم كطائفة لم يهزموا حتى يستجدوا رضى طرف دولي ما، ونسي ايضا، ان مشروع الدولة المدنية التي حلموا بها منذ الازل قد اصبحت الارض معبده له بدماء ابناءهم. و ان سوريا التي قاتلوا لاجلها، كانوا شركاء في الدفاع عنها مع الطامحين مثلهم لدولة مدنية حديثة لا طائفية.
ليس هناك علوية سياسية في بلادنا، بل هناك " متطرفين الغائيين، ومشروع سوري يرفض العودة الى عصور الاستعباد، وهو مشروع يضم ابناء جميع الملل و المذاهب و الاديان. و الذين كانوا شركاء معا في هذا الانتصار الكبير على الفاشية الدينية. هؤلاء معا كسوريين هم ابناء وطن واحد،يريدونه لهم جمييعا تحت راية واحدة لا مكان فيها لهوية طائفية.
ان كل من يدعي تمثيل العلويين لفرض مشاريع دولية على السوريين على نسق اتفاق الطائف اللبناني المشؤوم، هو خائن لدماء شهداء سورية من علويين ومن غيرهم. فمن يريد ان يفرض طائفا سوريا عليه ان يتذكر ان كل تلك الدماء قد سفكت لمنع قيام حل على اساس تقاسم طائفي او محاصصة مذهبية.
وأما فيما يخص الازمة الاقتصادية المتعددة الاسباب، فهي لن تتحول الى دافع للانقلاب على بلادهم وعلى قناعاتهم بالدولة المدنية عند اولائك السوريين الذين دافعوا عن دمشق و حلب ضد الاحتلال التكفيري. ولن تكون المصاعب الاقتصادية سببا للتقوقع في كانتون مذهبي يتناسى العاملون من اجله بمكر وخداع ومزاعم منمقة، ان شعبنا لن يقدم الدماء مقابل كسرة خبز مغموسة بطعم المذلة.
ان من يريد ان يدخل اللعبة الطائفية في ميزان الربح و الخسارة، فعليه ان يجلس على طاولة المفاوضات في جانب المهزومين. وحينها ليستجدي حصة تتناسب مع حجم خسائره.
و من يريد ان يبني وطنا فعليه ان يغير من نهجه و مشروعه و الا فستكون بلدان الشتات و الغربة مستقرا نهائيا له و لابناءه
27�62020
هنيبعل

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8