فيروس كورونا في الشرق الأوسط: عاصفة هوجاء تضرب المنطقة

ترجمة : عبير علي حطيط

2020.06.10 - 12:48
Facebook Share
طباعة

 
 
 
بحسب مقال رأي تم نشره في موقع "ميدل إيست آي" الإلكتروني، تم الحديث عن تبعات فيروس كورونا على الشرق الأوسط. حيث أنه في منطقة تمزقها واقعًا الصراعات المستمرة والانهيار الاقتصادي، يمكن أن يكون الوباء القشة الأخيرة.
 
فقد خلَّف فيروس كورونا آثارًا هائلة في كل مكان، ولكن في الشرق الأوسط، يبدو أن الوضع يفترض معالم العاصفة الهوجاء. وفي منطقة متأثرة فعليًا بالصراعات المزمنة، والبنية التحتية المتدهورة، وأعداد كبيرة من اللاجئين، وضعف شبكات الأمان الاجتماعي وانهيار أسعار النفط، يبدو أن الخسائر البشرية والاقتصادية للوباء هي القشة التي قد تقسم ظهر البعير.
 
حيث تشير التوقعات الاقتصادية الإقليمية لصندوق النقد الدولي إلى تراجع سلبي في نمو الناتج المحلي الإجمالي لجميع دول المنطقة تقريبًا. ومن المتوقع أن تشهد اقتصاداتها أكبر تراجع لها منذ أربعة عقود. غير أن عمق الأزمة ومدتها غير محدد، في حين أن ارتفاع معدل البطالة في المنطقة إلى جانب ارتفاع الدين العام يرسم صورة قاتمة.
 
كما أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، التي تضمن عادة تدفقات رأس المال وفرص العمل للدول الأكثر هشاشة في المنطقة، قد تتحمل عاصفة انهيار أسعار النفط. إلا أن هذا الوباء الذي يؤدي إلى تقليص وانخفاض أسعار النفط تقريبًا بنحو 323 مليار دولار من اقتصاد العالم العربي، يقلل من احتمالات مساعدة الاقتصادات المجاورة وفرص العمل للمهاجرين.
 
وبحسب البنك الدولي، ستنخفض التحويلات العالمية بنحو 20 % هذا العام. وقد يميل العديد من المهاجرين الاقتصاديين إلى العودة إلى بلدانهم الأصلية، مما يؤدي إلى تفاقم أوضاعهم المزرية. كما تم القضاء على السياحة، وهي تُعد مصدر دخل مهم في مصر والأردن وفلسطين.
 
وسترتفع ديون الحكومات العربية بنسبة 15 % لتصل إلى 1.46 تريليون دولار هذا العام، بحسب صندوق النقد الدولي، فيما ترتفع تكلفة الاقتراض بشكل كبير. وفي الوقت نفسه نرى أن جهود الهدنة العالمية التي يحركها الوباء من أجل النزاعات المسلحة قد باءت بالفشل.
 
فإذا تركنا مؤقتًا الدول التي انهارت تقريبًا مثل سوريا واليمن وليبيا، يجب أن يكون هناك اهتمام خاص بالمملكة العربية السعودية ومصر ولبنان والعراق. وتأتي المملكة العربية السعودية على رأس القائمة، حيث كشفت تسريبات مشككة بتسلم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان زمام السلطة، مما أدى إلى تأجيج الصراع على السلطة داخل عائلة آل سعود.
 
وحتى الآن، يبدو أن بن سلمان له اليد العليا - لكن اللعبة لم تنته بعد، حيث لا يزال منشأه الراعي الرئيسي، إدارة ترامب، مشغولًا بالكارثة الداخلية الناجمة عن سوء التعامل مع وباء كوفيد-19 وانتفاضة جماعية حول العنصرية والعنف تجاه الأمريكيين ذوي البشرة السوداء.
 
إلا أن الاقتصاد السعودي هو أيضًا مصدر كبير للقلق. فقد أضر انهيار أسعار النفط والنفقات الهائلة والحرب في اليمن بخزائن المملكة بشدة. ففي غضون خمس سنوات، انخفضت احتياطياتها من 732 مليار دولار إلى 499 مليار دولار، بينما ارتفعت ديونها بشكل كبير من 12 مليار دولار إلى 183 مليار دولار. وبعد تعليق موسم العمرة، قد يتأثر موسم الحج أيضًا بالوباء، مما يزيد من تقلص الإيرادات السعودية. كما واجهت المشاريع الكبيرة، مثل رؤية 2030، تخفيضات هائلة.
 
وفي غضون ذلك، تضررت مصر بشدة من إغلاق صناعة السياحة فيها، وانهار نشاط القطاع الخاص غير النفطي في نيسان/أبريل. كما يُعد الطلب الداخلي ضعيف، والحكومة تقاتل الوباء من خلال فرض حظر التجول.
 
وأثر انخفاض حجم التجارة العالمية، إلى جانب انهيار أسعار النفط، على عائدات قناة السويس، في حين أدى الركود العالمي إلى خفض تحويلات المهاجرين من دول مجلس التعاون الخليجي.
 
وكانت مصر، التي تبحث الآن عن حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، في حالة توازن هش. وإذا حدث انفجار اجتماعي، فإنه سيرسل موجات صدمة في جميع أنحاء المنطقة.
 
وعلى المقلب الآخر نجد أن لبنان يقترب من حساب كبير، والنخبة الكليبتوقراطية التي نهبت البلد لعقود وأوصلته إلى حافة الهاوية. وأعضاء هذه النخبة الذين لم يتم المساس بهم منذ فترة طويلة، مثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يتم استجوابهم الآن.
 
فإن الناس الذين يشعرون بالضيق بسبب أشهر من القيود الصارمة في الوصول إلى مدخراتهم يهاجمون البنوك، وقد انخفضت قيمة الليرة اللبنانية إلى أكثر من النصف، وأزمة الغذاء تلوح في الأفق.
 
وتبدو الاكتشافات النفطية البحرية التي كان من المفترض أن توفر بعض الراحة لم تَعُد مبشرة بنفس القدر مما كان يُعتقد في البداية. فيما تحاول حكومة حسن دياب الجديدة الحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي، على الرغم من أنه لم يتضح بعد كيف يمكن للعقوبات الأمريكية ضد النظام المصرفي في البلاد أن تعقد مثل هذا المسعى.
 
ولا يزال العراق، الذي أسس أخيرًا حكومة جديدة، رقعة شطرنج للتنافس بين الولايات المتحدة وإيران. والتوترات عالية، حيث استأنفت الدولة الإسلامية عملياتها، وانهيار أسعار النفط يضر أكثر باقتصاد يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط الخام.
 
وفي حين تم تخفيف الاحتجاجات الشعبية مؤقتًا بسبب الحجر الذي فرضه انتشار فيروس كورونا، من دون تغييرات كبيرة، فمن المحتمل أن يواجهوا عودة الآن.
 
وكما حدث في العقدين الماضيين، بشكل رئيسي - ولكن ليس فقط - من باب المجاملة للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، فقد تصبح أوروبا مرة أخرى الضرر الإضافي الأساسي الناتج عن الاضطرابات الإقليمية.
 
حيث أن الملايين من اللاجئين الذين فروا من الحرب الأهلية السورية موجودون بالفعل في تركيا والأردن ولبنان. وقد يزداد تدفق اللاجئين إذا لم يتحقق تمويل إعادة إعمار سوريا، أو تصاعدت التشنجات الداخلية في العراق، أو انهار الاقتصاد اللبناني بالكامل.
 
فيجب أن تحذر الاتحاد الأوروبي أنه بالنسبة لملايين الأشخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، أن الانتقال إلى أوروبا التي تضررت بشدة من وباء كوفيد-19 يمكن أن يبدو أفضل من البقاء في بلدانهم الأصلية، أو في البلدان المجاورة حيث وجدوا مأوى مؤقتًا. وكما تظهر التجربة الحديثة، لن تكون هناك جدران أو دوريات بحرية كافية لاحتواء هذه الموجة البشرية.
 
وتلوح في الأفق معركة شاقة بين الفقراء من خلفيات عرقية وثقافية مختلفة في شوارع أوروبا، حيث ستندلع حالة ركود ما بعد وباء كوفيد-19 وكراهية الأجانب وتقليص القومية. فسيناريو مثل هذا الكابوس يجب أن يدخل في تخطيط سياسة جميع عواصم الاتحاد الأوروبي. وكلما كان ذلك أسرع كلما كان ذلك أفضل.
 
المصدر : https://www.middleeasteye.net/…/coronavirus-middle-east-per…
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 1