ماذا سيطلب صندوق النقد مقابل الدعم؟

2020.05.08 - 09:30
Facebook Share
طباعة

  يعتبر غربيس إيراديان، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي IIF، والذي عمل لدى صندوق النقد الدولي لمدة 18 عاماً، أنّ التحدّي أمام الحكومة اليوم، هو الانتقال من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ، مشدّداً على انّ الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي يجب ان يسبقه تحضير أرضية لازمة، تضمن توفّر الأسس الضرورية لنجاح برنامجه.

• ما هو تقييمك الشامل لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الحكومي؟


- أعتقد انّ برنامج الإصلاح الحكومي الممتد لفترة 5 سنوات، هو أول خطة شاملة وصريحة وجريئة للاقتصاد اللبناني يتمّ إعدادها منذ العام 1992. وفي حين كانت هناك برامج اقتصادية أخرى في العامين 2002 و 2007، إلّا انّ الحكومات آنذاك فشلت في تنفيذ معظم التدابير والإصلاحات المُدرجة فيها.


يتطرّق برنامج الإصلاح الحالي إلى قضايا، طالما اعتُبرت من المحرّمات في لبنان. وهو يشمل معظم الإصلاحات التي طالبت بها الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في 17 تشرين الاول. يضع برنامج الإصلاح الحكومي استراتيجية طموحة تهدف إلى تقليص العجز المزدوج (العجز المالي والعجز في ميزان المدفوعات) وتخفيض عبء الديون الكبيرة على لبنان. وتتضمّن الاستراتيجية المالية للحكومة إصلاحات بنيوية، كما وإعادة هيكلة الدين العام، التي ستساعد في إرساء الأسس وتمهيد الطريق نحو تحقيق نمو قوي ومستدام ومنصف، وخلق وظائف قوية في المدى المتوسط.

من التخطيط الى التنفيذ
• ما هي التحدّيات المتبقية وما المخاطر؟
- يبقى التحدّي الآن في الانتقال من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ، الأمر الذي سيتمّ تسهيله من خلال بناء الدعم العام والسياسي للإصلاح والتكيّف. ومن أجل إنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي، من المهم أن تتلقّى الحكومة الدعم اللازم لتكون قادرة على التفاوض في شأن برنامج اصلاح شامل مع صندوق النقد الدولي، وبالتالي، سيكون التنفيذ الكامل للإصلاحات الرئيسية وتدابير التكيّف المخطّط لها لهذا العام، أمراً حيوياً لترسيخ صدقية الاستراتيجية الحكومية وحماية الاستقرار الخارجي على المدى المتوسط. ولهذه الغاية، يجب تبدية المصلحة العامة للبلاد وعدم الانصياع الى الضغوط التي قد يمارسها اصحاب المصالح الخاصة والأحزاب المعارضة في المجلس النيابي. لقد حان الوقت لجميع الأحزاب السياسية في لبنان لتضع مصلحة البلد قبل مصالحها.
اما بالنسبة للمخاطر، فإنّ الفشل في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج اصلاح أو استقالة الحكومة، هي عوامل ستزيد من خطر الانهيار الكامل للاقتصاد اللبناني، وتؤدي الى مجاعة وإلى مزيد من العنف والاحتجاجات المستمرة في الشوارع. آمل وأدعو أن يتجنّب لبنان مثل هذا السيناريو الهالك، الذي سيصعّب على البلد السير في برنامج إصلاح.

تعديل التوقعات
• كيف يمكن ان يتعامل صندوق النقد الدولي مع برنامج الإصلاح الحكومي المقترح؟
- توفّر خطة الحكومة قاعدة جيدة للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي. سيتمّ تقييم التقديرات والافتراضات والتوقعات الواردة في البرنامج، عن كثب وتعديلها عند الحاجة. وسيطلب صندوق النقد الدولي توضيحات بشأن الإصلاحات اللازمة لتحسين الامتثال الضريبي، ومحاربة الفساد واسترداد الأصول المنهوبة وإصلاح مؤسسة كهرباء لبنان. وبالتعاون مع المسؤولين اللبنانيين، سيقوم صندوق النقد الدولي بتعديل التوقعات.

شروط وإجراءات
• ما المقصود بشروط صندوق النقد الدولي؟
- تغطي شروط صندوق النقد الدولي تصميم البرنامج المدعوم منه، أي سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية والأدوات المحدّدة المُستخدمة لرصد التقدّم نحو الأهداف التي حدّدتها السلطات اللبنانية. يمكن ان تكون الالتزامات السياسية المُتفق عليها مع لبنان، كما في البلدان الأخرى، على الشكل التالي:
1- الإجراءات المسبقة: هي الخطوات التي يوافق بلد ما على اتخاذها، قبل أن يوافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على التمويل أو على مواصلة المراجعة. يحاول الصندوق ان يضمن وجود الاسس الضرورية لنجاح برنامجه. في حالة لبنان، يمكن إدراج الإجراءات / الإصلاحات التالية كإجراءات مسبقة:

أ- توحيد أسعار الصرف الرسمية والموازية، والانتقال إلى ادارة تعويم سعر الصرف كما هو الحال في مصر. من الممكن أن يؤدي توحيد سعر الصرف عند حوالى 3500 ليرة لبنانية مقابل دولار أميركي، الى ارتفاع سعر الصرف إلى أقل من 3000 ليرة / دولار أميركي، على افتراض أنّ معظم التدابير والإصلاحات يتمّ تنفيذها في الوقت المناسب، ويتمّ توفير التمويل الكافي من صندوق النقد الدولي ومصادر أخرى متعدّدة الأطراف وثنائية (بما في ذلك القروض الميّسرة من CEDRE).
ب- الموافقة على بعض المراسيم أو القوانين التي عُرضت على مجلس النواب، بما في ذلك قانون استقلالية القضاء. تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء ومجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان؛ وقانون المشتريات العامة.
ج- إغلاق جميع المعابر غير الشرعية ومكافحة التهريب.
د- فرض غرامات على الاملاك البحرية غير القانونية.
2- معايير الأداء الكمي Quantitative performance criteria (QPC): هي شروط محدّدة مرتبطة بإقراض صندوق، ويمكن قياسها وفقاً للمتغيّرات في مؤشرات الاقتصاد الكلّي تحت سيطرة السلطات. تشمل هذه المتغيّرات إجمالي النقد والإئتمان والاحتياطيات الدولية والسلوك المالي.
3- الأهداف الإرشادية Indicative target (ITs): بالإضافة إلى معايير الأداء الكمي، يمكن تحديد أهداف ارشادية للمؤشرات الكمية، لتقييم التقدّم المحرز في تحقيق أهداف البرنامج. على سبيل المثال، الحدّ الأدنى من العجز الاولي، الحدّ الأدنى لاجمالي الإيرادات، وغيرها...
4- المعيار الهيكلي Structural benchmark (SB): هي تدابير إصلاحية غالبا ما تكون غير قابلة للقياس الكمي، لكنها حاسمة لتحقيق أهداف البرنامج، وهي تُستخدم كمعايير لتقييم تنفيذ البرنامج. على سبيل المثال: مكافحة الممارسات الفاسدة؛ تعزيز البنية التحتية القانونية لمكافحة الفساد؛ تنفيذ الضمانات الاجتماعية والبيئية الوطنية.


الجمهورية

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 1