في مئوية إعلانه: "الكورونا" تُسقط فلسفة "كيان" ولد من رحم مجاعة 1915

2020.04.16 - 11:20
Facebook Share
طباعة

 لم يكن ينقص هذا الكيان الهش سوى جائحة كورونا أصابته على حين أزمة، هي بلاد الأرز "الولاّدة للأزمات" وقد وصلت الى لحظة الحقيقة العارية: كل فلسفة بقاء هذه البلاد متماسكة قد بدأت بالتلاشي، في حين أن الجمهور مشغولٌ بالبحث عن مصدر الفيروس، جائنا من ايران او فرنسا او ايطاليا؟ وبالتالي أين سيصنف طائفياً؟؟.
عودٌ على بدء،
قيل الكثير الكثير عن تأسيس الكيان اللبناني، وقيل أكثر في فلسفة وأهمية وجود الوطن "الملجأ" وسط صراعات الأكثرية والأقلية في المنطقة، ونشرت الكتب والمجلدات في وصف "إشعاع النور" من ساحل بلاد الشام الغربي وسط الظلام المحيط... .
ورغم أنه في هذه العجالات من الأسطر يصعب الغوص بأعماق الفكرة "اللبنانوية" وكيف نمت النظرية في فترات الامارات الجبلية التي حاولت شكل من اشكال الاستقلال الذاتي او النفوذ السلطوي، ومن ثم كيف تقاطعت المصالح المحلية والغربية على قيام هذا الكيان في لحظة استقرار ترددات الزلزال العالمي وبناء الخرائط الجديدة.
الاعلان جاء في العام 1920، اي بعد نهاية الحرب الاولى وبعد مجاعة ضربت قلب المساحة الاستقلالية في جبل لبنان، وقد أدت الى ابادة نحو ربع سكان هذه البقعة الجغرافية، وهزت اسس التركيبة الاجتماعية والسياسية والثقافية وجعلت منها مساحة مفككة وهامشية لفترة من الزمن، ومن هنا تفتقت فلسفة الضم لحاجة القلب للأطراف. (وبالمناسبة تحتاج مجاعة العام 1915، بأسبابها ونتائجها وآثارها، لأبحاث علمية وموضوعية حتى نفهم ما جرى بشكل حقيقي ومنطقي ولماذا؟ وأي تفسير منطقي لغياب الكارثة عن مناهج التربية المدرسية (بضعة أسطر في كتاب التاريخ بشكلٍ عابر) وغيابها عن أساطير الاعلام والثقافة "اللبنانوية" العامة؟).
اذن قيام لبنان الكبير بضم مناطق الأطراف الى القلب- الجبل- جاء تحت شعارات مصلحية، من قبيل الحاجة لمساحات زراعية أو لتوازن سكاني أو للموانئ،،، في حين يتحدث المبشرين بالكيانية أنفسهم عن جبل لبنان بكثير من المركزية المؤسسة الممزوجة بالكثير من الوجدانيات والشعر وأوهام الخيال.
فيما بعد الاعلان في ايلول 1920 قامت فلسفة روّاد الكيان على شعارات وقيّم وعناوين الحريات والاقتصاد الحر وثنائيات البحر–الجبل، صلة-وصل الشرق-والغرب، ملجأ لتعدديات مذهبية ودينية وصورة المصارف البراقة والسياحة الجنسية والخدمية...، ويقفز هؤلاء عن مسلسل الحروب والأزمات التي وقعت على أنها معارك الآخرين على ارضنا وأطماع خارجية فقط دون اي عوامل داخلية.
ومن هنا وفجأةً،
أطلّ علينا العام 2020، وفي ذكرى الإعلان، وبجعبته كل الأسئلة الصعبة دفعةً واحدة، من البديهيات وكأننا ما زلنا في قرون الصراع بين القبائل، لنعود ونسأل "هل يصلح هذا الكيان للاستمرار؟".
في هذا العام تساقطت كل أوراق التين عن جسد مسخ الوطن، فتهاوت مفخرته المصرفية بنهبً منظّم ومنسّق بين إقطاعه السياسي والمالي، وتشلعت أيديولوجية الجمال والطبيعة حين غزت جرافات ومتفجرات الحكام كل بيئته، وتحولت ميزة اللبناني "الحربوق" الى مجرد وسيط وسمسار ترك أرضه وتخصصه وصناعته ولحق بركب المرابين، وحين وقعت الواقعة واقفلت الطرق والمطارات وقف باكياً سائلاً ماذا نأكل ومن اين نأتي بالعملات الصعبة؟ فهل يصلح ان تبقى "هذه الشعوب اللبنانية" متعايشة في هيكل بناء دولة مهترئ ومتهاوي؟.
كيف يمكن لهذه الكتلة من التناقضات ان تحيا وهي تتناحر في الوباء؟ وعلى الوباء؟ ومصدر الوباء؟ وناقل الوباء؟ وحامل الوباء؟ وتوزع المصابين بالوباء على المناطق والطوائف؟.
كيف يمكن ان تكمل الحياة طبيعية مع أفكار ورؤى وهلوسات غير طبيعية؟ كيف يمكن ان ننقذ الاجيال الحالية والقادمة من سطوة الاقطاع والسفلة الذين سخروا كل ما في هذا اللبنان لمصالح قلة قليلة؟.
ولماذا كورونا السبب؟ في كل التبشير المحلي والعالمي يقال ان ما بعد هذا الفيروس ليس كما قبله والعالم حتماً سيتغيّر، فهل يتمكن دايناصورات النظام من الصمود؟ ام سيتأقلمون مع رواد المحور الجديد المتقدم في المنطقة ورأس حربته في لبنان حزب الله؟.
في هذا العام (2020) وقعت الواقعة وسقط الهيكل اللبناني، فهل تتمكن الطبقة الحاكمة من جر الناس الى حرب أهلية جديدة؟ أم أن من يريد الحرب لا يستطيعها ومن يستطيعها لا يريدها؟ ام تمسك الناس بزمام المبادرة وتخرج الى رحابٍ جديدة بعقد اجتماعي جديد؟.
تجارب القرن الماضي لا تبشر بالخير ولكننا "سنبقى محكومون بالأمل".

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 4