سوريا تنتفض بعد استهداف كنيسة دويلعة

رزان الحاج

2025.06.24 - 11:36
Facebook Share
طباعة

 شهدت العاصمة السورية دمشق ومدن أخرى، خلال الساعات الماضية، موجة غضب شعبي واسعة تمثلت في مظاهرات ومسيرات حاشدة، وذلك عقب التفجير الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي دويلعة الدمشقي، والذي أسفر عن سقوط عدد من الضحايا من أبناء الطائفة المسيحية.


الانفجار وقع أثناء قدّاس يوم الأحد، حيث كانت الكنيسة مكتظة بالمصلّين، في مشهد أعاد إلى الأذهان مشاهد العنف التي غابت عن العاصمة لسنوات. التفجير الانتحاري الذي دوّى داخل الكنيسة أسفر عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح، وأثار صدمة عميقة لدى مختلف مكونات المجتمع السوري.


ردود الفعل لم تتأخر، إذ خرج المئات إلى الشوارع في أحياء القصاع، باب توما، والدويلعة، للتعبير عن استنكارهم للهجوم، ورفضهم القاطع لاستهداف دور العبادة والمقدسات الدينية. المتظاهرون رفعوا الأعلام السورية ولافتات تدعو إلى الوحدة الوطنية، وحماية التماسك الاجتماعي من محاولات التخريب والفتنة.


الهتافات في شوارع دمشق كانت واضحة ومباشرة: دعوات إلى معاقبة الفاعلين، المطالبة بتحقيقات عاجلة، والتأكيد على أهمية الدفاع عن كل المكونات الدينية والروحية في البلاد. ورغم مشاعر الحزن والغضب، فقد اتسمت التظاهرات بالطابع السلمي والرسائل الوطنية الجامعة، التي عبّرت عن رفض صريح لأي شكل من أشكال التطرف أو الإرهاب.


التضامن لم يقتصر على العاصمة فقط، بل امتد إلى مدينة اللاذقية الساحلية، حيث نُظمت مسيرة رمزية في أحد أحيائها، شارك فيها العشرات من أبناء الطائفة المسيحية، إلى جانب آخرين من أبناء المدينة. ورفع المشاركون لافتات تعبّر عن الحزن والتضامن، وتؤكد على التمسك بالسلام، ورفض استهداف المدنيين والمقدسات.


المسيرات التي انطلقت من مختلف المناطق السورية عكست موقفًا موحدًا من مختلف شرائح المجتمع تجاه الجريمة، وعبّرت عن إدراك واسع لخطورة محاولات ضرب التعايش السوري المتجذر. وشدد المشاركون على أن مثل هذه الاعتداءات لن تنجح في تفكيك النسيج الوطني، بل ستزيد من تمسّك المواطنين ببعضهم البعض، مهما كانت الانتماءات الدينية أو الطائفية.


في خضم هذه الأحداث، برزت دعوات إلى تعزيز الإجراءات الأمنية حول دور العبادة، خصوصًا خلال أوقات التجمعات والصلوات، بالتوازي مع ضرورة العمل على معالجة أسباب التطرف من جذورها، وتحصين المجتمع من الفكر العنيف.


الاعتداء الأخير على كنيسة دويلعة يُعدّ الأول من نوعه منذ سنوات في العاصمة السورية، ويأتي في وقت تشهد فيه البلاد مرحلة دقيقة من محاولات الاستقرار، ما يجعل الرد الشعبي الواسع بمثابة رسالة واضحة بأن المجتمع السوري، رغم كل ما مر به، لا يزال قادرًا على التماسك ورفض الفتنة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 6