دير الزور تحت الأرض: ألغام الحرب تهدد الحياة

سامر الخطيب

2025.05.11 - 10:55
Facebook Share
طباعة

 تعيش محافظة دير الزور على وقع أزمة إنسانية صامتة، خلفتها سنوات الحرب والنزاعات العسكرية التي جعلت من الألغام والعبوات غير المنفجرة جزءاً قاتلاً من تفاصيل الحياة اليومية للسكان. وبين طرق ترابية ومراعٍ زراعية وقرى مهجورة أو مأهولة، تنتشر نحو 300 ألف لغم في أنحاء المحافظة، لتصبح دير الزور واحدة من أكثر المناطق تلوثاً بمخلفات الحرب في سوريا.


هذه الألغام ليست مجرد بقايا عسكرية، بل هي خطر دائم يهدد الأرواح ويمنع عودة الأهالي إلى أراضيهم، ويعرقل أي جهود لإعادة الإعمار أو تطوير البنى التحتية. كما أنها تضع حياة الأطفال والمزارعين والرعاة على المحك، إذ سُجّلت مئات الحوادث الناجمة عن انفجارات مفاجئة أودت بحياة مدنيين، وتسببت بإعاقات دائمة لعدد كبير من الضحايا.


خريطة الخطر في دير الزور
الألغام موزعة بشكل غير منتظم على معظم المناطق الريفية والبادية، ومنها:
- القرى السبعة في الريف الشمالي، والتي باتت شبه محاصرة بالخطر.
- بادية القورية التي تشهد انتشاراً عشوائياً في أراضٍ رعوية.
- الميادين والمريعية، حيث تفشت الألغام بشكل واسع بسبب المعارك الكثيفة قرب نهر الفرات.
- البوكمال ومحكان، وهما منطقتان حدوديتان عانتا من تحصينات سابقة وتلغيم ميداني كثيف.
- البشري والشولا، وهما منطقتان صحراويتان تشكلان ممراً للرعاة، وتعرضتا لتفجيرات متكررة.


جهود نزع محدودة ومخاطر باقية
رغم تدخل بعض الفرق الهندسية المتخصصة التي نجحت في إزالة ما يقارب 13 ألف لغم حتى الآن، إلا أن هذا الرقم يبدو ضئيلاً أمام الكم الهائل المزروع، خاصة في ظل فقدان الخرائط الأصلية للألغام، أو تعديل مواقعها عشوائياً من قبل جهات متنازعة خلال الحرب. كما أن الظروف اللوجستية، وغياب الدعم التقني والمالي، تُصعّب عمليات المسح والتنظيف، خصوصاً في المناطق التي شهدت سيطرة متعاقبة من تنظيمات مختلفة.


في ظل هذا التقاعس، يضطر الأهالي إلى التحرك بشكل فردي ومجازف لتأمين حياتهم ومصادر رزقهم، عبر طرق بدائية أو محاولات نزع يدوية تنتهي أحياناً بكارثة.


غياب واضح للدعم الدولي
الملف الإنساني للألغام في دير الزور لا يحظى بالتغطية الكافية من قبل المنظمات الدولية، رغم أن حجم الكارثة يتطلب تحركاً واسعاً واستراتيجياً، يشمل توفير خرائط دقيقة، وتأمين معدات حديثة، وتدريب فرق محلية. كما أن معالجة هذا الملف لا تقتصر على النزع، بل تحتاج إلى خطط شاملة للتوعية، وتثبيت إشارات التحذير، وتعويض الضحايا.


في الختام
لا تزال دير الزور، رغم توقف القتال، تخوض معركة يومية ضد العدو الخفي المدفون تحت الأرض. ألغام الحرب لا تقتل فقط الأفراد، بل تزرع الرعب وتشل التنمية وتعوق العودة الآمنة. وإن لم تُفتح هذه القضية على المستوى الوطني والدولي، فإن المحافظة ستبقى رهينة للموت المؤجل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 2