أثار تصريح منسوب لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، موجة استياء عارمة في أوساط أبناء الطائفة العلوية، خاصة في المناطق الساحلية السورية. التصريحات، التي نُسبت إلى مخلوف دون تأكيد رسمي، جاءت في وقت حساس تشهده البلاد من توترات طائفية واحتقان اجتماعي، ما جعلها تترك أثراً عميقاً وتستدعي ردود فعل غاضبة.
في مدن وبلدات مثل طرطوس وبانياس وجبلة واللاذقية، بالإضافة إلى مناطق في حماة وحمص، عبّر العديد من أبناء الطائفة العلوية عن رفضهم القاطع لما جاء في التصريحات، معتبرين أنها لا تمثلهم ولا تعبّر عن موقفهم من الأحداث الجارية، بل تُناقض تطلعاتهم نحو تحقيق السلم الأهلي ومحاسبة المتورطين في المجازر الأخيرة التي هزّت الساحل السوري.
شهدت تلك المناطق موجة من العنف غير المسبوق في أوائل شهر آذار، وُصفت بأنها مجازر على خلفيات طائفية، راح ضحيتها المئات من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال. وثّقت جهات محلية وقوع 62 مجزرة في الساحل والمناطق الجبلية المجاورة، أسفرت عن مقتل 1676 مدنياً، بينهم 866 في اللاذقية، و525 في طرطوس، و272 في حماة، و13 في حمص.
ما زاد من تأجيج الغضب الشعبي هو أن التصريحات المنسوبة لمخلوف لم تتطرق بوضوح إلى المطالبة بمحاسبة الجناة أو إلى تضامن فعلي مع ضحايا تلك الأحداث، بل اعتبرها البعض بمثابة تبرير غير مباشر للعنف أو تغطية سياسية على الجرائم المرتكبة. وهو ما رأى فيه الناشطون والمواطنون تجاهلاً صارخاً لمشاعر أهالي الضحايا، ومحاولة لصرف الأنظار عن الانفلات الأمني الحاصل.
وتزايدت الدعوات من أبناء الطائفة العلوية ومكونات أخرى إلى ضرورة فتح قنوات للحوار الوطني، والعمل على محاسبة كل من شارك في القتل أو حرض عليه، بغض النظر عن انتمائه أو موقعه. كما شددوا على أهمية تعزيز العدالة والشفافية وتقديم المجرمين إلى محاكمات عادلة، عوضاً عن التغطية على الجرائم أو تسييسها.
يشير مراقبون إلى أن استمرار الانتهاكات، دون وجود أي مساءلة قانونية، ينذر بمزيد من الفوضى والانقسام في المجتمع السوري. كما أن الصمت الرسمي أو المواقف الرمادية حيال هذه المجازر يعمق من الشرخ الطائفي، ويغذي شعوراً عاماً بالخذلان والغضب بين شريحة واسعة من السوريين.
في ظل هذه الأجواء، تبقى المطالبة بالعدالة ومحاسبة القتلة، وتجنب التصريحات المستفزة أو التصعيدية، الخيار الوحيد لحماية ما تبقى من النسيج المجتمعي السوري، ومنع انزلاق البلاد إلى مزيد من العنف والانهيار.