بحث عن مستقبل داعش 2025

اعداد الدكتور أشرف النوري

2025.04.29 - 11:32
Facebook Share
طباعة

 مقدمة
رغم هزيمته الميدانية وخسارته لمعظم الأراضي التي كان يسيطر عليها، لا يزال تنظيم "داعش" يحتفظ بقدرة على البقاء والتمدد في سوريا من خلال استراتيجيات متعددة. (


1. التمركز في البادية السورية
يستغل التنظيم الطبيعة الوعرة والصحراوية للبادية السورية، الممتدة بين حمص، حماة، الرقة، ودير الزور، كملاذ آمن لإعادة تنظيم صفوفه وشن هجمات خاطفة على القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). هذه المنطقة تُعدّ بيئة مثالية لحرب العصابات التي يعتمدها التنظيم في الوقت الراهن.


2. الاستفادة من الفراغ الأمني
في ظل تراجع التنسيق بين القوى المحلية والدولية المناهضة للتنظيم، يستغل "داعش" الثغرات الأمنية الناتجة عن التوترات بين هذه القوى، مما يمنحه حرية أكبر في التحرك وتنفيذ عملياته.


3. الاعتماد على الخلايا النائمة
يعتمد التنظيم على خلايا صغيرة غير مركزية تنشط في مناطق مختلفة، خاصة في شمال وشرق سوريا، لتنفيذ هجمات متفرقة تستهدف القوات الأمنية والمدنيين، مما يساهم في زعزعة الاستقرار المحلي.


4. استغلال التهديد بالانسحاب الأمريكي
تُثير الأحاديث عن انسحاب محتمل للقوات الأمريكية من سوريا مخاوف من عودة التنظيم بقوة، حيث قد يستغل الفراغ الأمني الناتج عن هذا الانسحاب لإعادة بناء قدراته وتوسيع نفوذه.


5. الاستفادة من المخيمات والسجون
يُشكّل وجود آلاف من عناصر "داعش" المعتقلين في سجون ومخيمات شمال شرق سوريا، مثل سجن غويران ومخيم الهول، تحديًا أمنيًا كبيرًا. ففي حال حدوث فوضى أمنية، قد يتمكن هؤلاء من الفرار والانضمام مجددًا إلى صفوف التنظيم. (


6. التمويل عبر الابتزاز والتهريب
يعتمد التنظيم على مصادر تمويل غير مشروعة، مثل الابتزاز وفرض "الزكاة" على السكان المحليين، بالإضافة إلى تهريب النفط والآثار، لتمويل عملياته والحفاظ على نشاطه.


7. الاستفادة من التوترات الإقليمية
يستغل "داعش" التوترات بين القوى الإقليمية والمحلية، مثل الخلافات بين النظام السوري والمعارضة، أو بين تركيا والأكراد، لتعزيز موقعه وتنفيذ هجمات تستهدف جميع الأطراف.


في المجمل، يُظهر تنظيم "داعش" قدرة على التكيف مع المتغيرات الميدانية والسياسية في سوريا، مستفيدًا من الفراغات الأمنية والتوترات الإقليمية، مما يجعله تهديدًا مستمرًا يتطلب تنسيقًا دوليًا ومحليًا فعالًا لمواجهته


تفاصيل مهمة
بعد سقوط النظام السوري في ديسمبر 2024، أعاد تنظيم "داعش" ترتيب استراتيجياته لمواجهة الواقع الأمني الجديد في سوريا. ورغم خسارته آخر معاقله في الباغوز عام 2019، لا يزال يشكل تهديداً جدياً عبر "مجموعات متنقلة" تنشط في البادية السورية.


التهديدات والبيانات الأخيرة
في 20 أبريل 2025، أصدر "داعش" بياناً مصوراً هدد فيه الرئيس السوري أحمد الشرع، محذراً إياه من الانضمام إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب، وذلك بعد طلب رسمي أميركي لمشاركة سوريا الجديدة في جهود مكافحة التنظيم وتفرعاته . (


تصاعد الخطاب الإعلامي
منذ سقوط النظام، رصد تصاعد في خطاب "داعش" الإعلامي عبر مجلة "النبأ"، حيث شنت حملات تحريضية ضد الإدارة السورية الجديدة ورئيسها أحمد الشرع، معتبرةً سعي الحكومة لبناء علاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي "خيانة" لتضحيات السوريين وتنازلاً عن مبدأ "تحكيم الشريعة.


الضربات الأمنية
منذ ديسمبر 2024، تلقى التنظيم سلسلة من الضربات الأمنية المؤثرة:
• في 11 ديسمبر، أعلنت الحكومة السورية الجديدة إحباط مخطط لاستهداف مقام السيدة زينب جنوب دمشق واعتقال خلية تابعة للتنظيم.
• في 16 ديسمبر، نفذت القيادة المركزية الأميركية غارات جوية قتلت 12 عنصراً من "داعش".
• في 23 ديسمبر، استهدفت غارة أميركية شاحنة أسلحة تابعة للتنظيم.
• في يناير 2025، دعمت الولايات المتحدة عملية لـ"قسد" أدت إلى اعتقال زعيم خلية هجومية.
• في 16 فبراير 2025، اعتقلت السلطات السورية الجديدة أبو الحارث العراقي، المتهم بالتخطيط لهجمات إرهابية داخل دمشق . (


يعتمد "داعش" حالياً على خلايا صغيرة غير مركزية تنشط في مناطق مختلفة، خاصة في شمال وشرق سوريا، لتنفيذ هجمات متفرقة تستهدف القوات الأمنية والمدنيين، مما يساهم في زعزعة الاستقرار المحلي. كما يستغل التنظيم التوترات العشائرية والخلافات المحلية، حيث نُفذت بعض الهجمات من قِبل أفراد عشائر محليين لا يرتبطون تنظيمياً بـ"داعش" بشكل رسمي، ولكنهم تحركوا وفق تكتيك التنظيم للمناورة الأمنية والتخفي .


التحديات الأمنية للحكومة السورية
تواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات كبيرة في تحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي في البلاد، مع واقع معقد يشير إلى انقسامات داخلية وتوترات مع قوات "قسد" في شمال شرقي سوريا ومع بقايا النظام السابق في مناطق الساحل، بالإضافة إلى علاقة شائكة بأبناء الطائفة الدرزية. كما تحاول الإدارة اكتساب شرعية دولية وعربية وإرساء أسس حكم فعلي، إلا أن غالبية العقوبات الدولية لا تزال مفروضة على سوريا .


استغلال "داعش" للفراغ الأمني
في ظل هذه التعقيدات، لا شك في أن تنظيم "داعش" سوف يستغل حالة عدم الاستقرار والفراغ الأمني مع افتقار الحكومة الجديدة إلى قوات كافية لتأمين البادية السورية والمناطق النائية. يوفّر العنف الطائفي المستمر والعداوات في أجزاء مختلفة من البلاد بيئة مواتية لعمل التنظيم، خاصة مع تلكؤ الإجراءات الحكومية في تحقيق العدالة الانتقالية لإنصاف ذوي ضحايا النظام السابق .


التهديدات المستقبلية
ما يزيد المخاوف أكثر من التجنيد المحتمل بين صفوفه، هو التركيز على إطلاق سراح السجناء من قياداته ومقاتليه، حيث يجاورون بضعة آلاف محتجزين لا يزالون تحت إشراف قوات "قسد" ومصيرهم يخضع لشد وجذب. لذلك، قد تكون مواجهة التنظيم واحدة من أكبر التحديات المطروحة على الحكومة الجديدة، لما يتطلبه الأمر من موازنة بين ما تفرضه شروط إدارة دولة من سيطرة على كامل التراب السوري، وتخفيف الانقسامات المجتمعية والصعوبات الاقتصادية من جهة، والعمل على تبديد انتشار آيديولوجيا التنظيم وإلحاق المقاتلين والبيئة الحاضنة له بالتغيير الجذري الذي طرأ على "هيئة تحرير الشام" نفسها.


في المجمل، يُظهر تنظيم "داعش" قدرة على التكيف مع المتغيرات الميدانية والسياسية في سوريا، مستفيدًا من الفراغات الأمنية والتوترات الإقليمية، مما يجعله تهديدًا مستمرًا يتطلب تنسيقًا دوليًا ومحليًا فعالًا لمواجهته.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 3