تشهد مدن الساحل السوري، ولا سيما طرطوس واللاذقية وجبلة، تصاعدًا ملحوظًا في مشاهد الفوضى الليلية، نتيجة ما بات يوصف بأنه سلوك عسكري غير منضبط داخل المناطق السكنية. فقد أصبحت أصوات إطلاق النار والانفجارات خلال ساعات الليل مشهدًا متكرّرًا، يثير القلق ويقوّض الإحساس بالأمان لدى السكان المدنيين.
مصادر ميدانية تؤكد أن هذه التحركات تتم غالبًا ضمن إطار تدريبات عسكرية تُنفّذها مجموعات تابعة لمؤسسات أمنية وعسكرية رسمية، ويشارك فيها عناصر محليون وآخرون أجانب. وتُجرى هذه التدريبات في مناطق مأهولة بالسكان، دون مراعاة للطبيعة المدنية لهذه الأحياء، ما يعتبر انتهاكًا واضحًا لحق المواطنين في الأمان والسكينة، وخرقًا للمعايير المتعلقة بحماية المدنيين.
في مدينة طرطوس، سُجلت إحدى أبرز الحوادث خلال ليل الأربعاء، حيث دوّت أصوات نيران كثيفة من أسلحة خفيفة ومتوسطة، بما فيها رشاشات وقذائف، الأمر الذي تسبب بحالة من الذعر الواسع في أوساط السكان. وأشارت المعطيات إلى أن مصادر النيران انطلقت من محيط مواقع أمنية ومعسكرات تدريبية في أطراف المدينة.
هذا الحدث لم يكن استثناءً، إذ باتت مشاهد مشابهة تتكرر بشكل شبه يومي، تشمل إطلاق نار عشوائي وتحركات عسكرية مفاجئة، دون تقديم توضيحات رسمية من الجهات المعنية. وقد وُصفت هذه التحركات بأنها وسيلة لإبراز السيطرة، لكنها تؤدي عمليًا إلى نتائج عكسية، تتمثل في ترويع السكان وزعزعة الاستقرار المحلي.
مدينة اللاذقية، بدورها، شهدت تدريبات مماثلة بالقرب من الأحياء السكنية، ولا سيما في محيط منطقة سقوبين، حيث أفيد بسماع دوي قذائف وانفجارات ليلية. وتكرر المشهد ذاته في مدينة جبلة، داخل محيط الكلية البحرية، مما أثار فزع الأهالي الذين يعيشون في المناطق المجاورة.
وتشير الممارسات المستمرة إلى غياب واضح لأطر الضبط والمساءلة، وسط قلق متزايد من أن يؤدي هذا النهج إلى المزيد من التوتر المجتمعي، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعاني منها معظم المناطق السورية.
مراقبون محليون يرون في استمرار هذه الأنشطة العسكرية داخل المدن، إشارة إلى حالة من الانفلات التنظيمي وغياب الرؤية المؤسساتية لحماية المدنيين. كما يعربون عن تخوفهم من أن تؤدي هذه التصرفات إلى نتائج مقلقة، تتمثل في تآكل الثقة بين السكان والمؤسسات، مما يهدد الأمن المجتمعي على المدى الطويل.
في ظل ذلك، تتجدد الدعوات إلى ضرورة إعادة ضبط السلوك العسكري في المناطق السكنية، وإيجاد حلول فعالة تعيد الطمأنينة إلى السكان، وتحفظ حقوقهم الأساسية في الأمن والحياة الكريمة، بعيدًا عن أجواء الرعب والتوتر التي باتت تطغى على ليالي مدن الساحل السوري.