القلق الإسرائيلي من التعاون العسكري السوري التركي

رزان الحاج

2025.03.26 - 04:25
Facebook Share
طباعة

 في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة السورية الجديدة إلى إعادة هيكلة قواتها المسلحة وتعزيز قدراتها الدفاعية بالتعاون مع تركيا، يظهر القلق الإسرائيلي بشكل واضح من هذا التعاون العسكري المتسارع بين الجانبين. تتزايد المخاوف في تل أبيب من أن يعزز هذا التنسيق الأمني التركي السوري من النفوذ العسكري التركي في سوريا، ما قد يخلق تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل، ويغير معادلات القوة في المنطقة بشكل غير مسبوق.


القلق الإسرائيلي: الخشية من توسع النفوذ التركي في سوريا
تشير التقارير الأمنية الإسرائيلية إلى أن هناك مخاوف متزايدة من إمكانية وقوع مواجهة مباشرة مع تركيا في سوريا، خاصة بعد تصاعد التعاون العسكري بين أنقرة ودمشق. أحد الأسباب الرئيسية لهذا القلق هو وجود خطط لإنشاء قواعد عسكرية تركية في مناطق سورية استراتيجية، مثل ريف حمص، وهو ما قد يعزز قدرة تركيا على مراقبة النشاطات العسكرية الإسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة.


إسرائيل تعتبر الجولان، الذي احتلته عام 1967، نقطة استراتيجية حيوية لأمنها، وترى في أي تواجد عسكري قربه تهديدًا للأمن القومي. فإذا قامت تركيا بإنشاء قواعد عسكرية جديدة بالقرب من الحدود مع الجولان، فإن الرادارات التركية المتطورة قد تتمكن من مراقبة كافة الأنشطة العسكرية في المنطقة، مما يضع ضغوطًا على إسرائيل التي تعتبر الجولان خطًا أحمر في سياستها الأمنية.


التحذيرات من حرب بالوكالة
مع التزايد المستمر للتعاون التركي السوري، يرى الخبراء الأمنيون الإسرائيليون أن هذا قد يفتح الباب أمام صراع بالوكالة في سوريا، لا سيما بين القوات التركية والقوات المدعومة من إسرائيل. وتزايدت المخاوف من أن تتحول سوريا إلى ساحة مواجهة غير مباشرة بين إسرائيل وتركيا، خاصة إذا كانت هناك تعزيزات عسكرية تركية موجهة ضد الفصائل المسلحة التي تدعمها إسرائيل في المناطق الجنوبية من سوريا.


علاوة على ذلك، فإن الضغوط الإسرائيلية قد تزيد مع احتمالية دعم تركيا للجيش السوري الجديد في مواجهة التهديدات الأمنية من تنظيم "داعش" والفصائل الكردية المدعومة من الولايات المتحدة. حيث من المحتمل أن تزداد المواجهات العسكرية على الأرض، وهو ما قد يترتب عليه تصعيد تدريجي في الأعمال القتالية قد يصل إلى درجة التورط المباشر.


التصعيد الإسرائيلي: الهجمات الجوية والتحذيرات المباشرة
و شن الطيران الإسرائيلي في مارس 2025 سلسلة من الهجمات الجوية على مواقع سورية، استهدفت بشكل خاص قواعد جوية في وسط البلاد، بما في ذلك مطار تدمر وتيفور في منطقة تدمر بريف حمص. هذه الهجمات تأتي في وقت حساس، حيث تزايدت التحليلات العسكرية الإسرائيلية حول إمكانية أن تكون هذه القواعد العسكرية التركية جزءًا من خطة لتحصين التواجد التركي في سوريا بشكل أكثر فعالية.


في أعقاب هذه الهجمات، أفادت مصادر أمنية إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من مستشاريه رفع مستوى التحذيرات الإعلامية حول احتمال اندلاع مواجهة مع تركيا في سوريا. مع التصعيد الواضح من جانب تركيا وسوريا، تزداد المخاوف من أن تتحول سوريا إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين أنقرة وتل أبيب، خصوصًا إذا استمرت تركيا في توسيع نفوذها العسكري في المنطقة.


التعاون السوري التركي: دلالات وتحولات
إن التعاون العسكري السوري التركي لا يقتصر فقط على المسائل الأمنية بين البلدين، بل يعكس تحولًا في التحالفات الإقليمية، وهو ما يثير مزيدًا من القلق في إسرائيل. فالعلاقات التي كانت في الماضي متوترة بين سوريا وتركيا بدأت تشهد تقاربًا غير متوقع، خاصة بعد التغيرات التي طرأت على النظام السوري بعد انهيار النظام السابق، وهو ما دفع دمشق للبحث عن شركاء جدد، وأبرزهم تركيا التي تبحث عن تعزيز نفوذها في المنطقة.

إسرائيل، التي لطالما اعتمدت على الأقليات السورية مثل الأكراد والدروز في سوريا كجزء من استراتيجيتها الأمنية، قد تجد نفسها في موقف صعب إذا استمر التوسع التركي في سوريا. فتركيا، التي تدير فصائل المعارضة السورية تحت مظلة الجيش الوطني السوري، قد تشكل قوة موازية للمجموعات المدعومة من إسرائيل، ما يضع تل أبيب أمام تحديات جديدة في سياستها الإقليمية.


ما بعد الأسد: التأثيرات المستقبلية على الجولان
من المتوقع أن يكون لهذا التعاون العسكري السوري التركي تأثيرات بعيدة المدى على مسار النزاع في سوريا، وقد يعيد تشكيل التحالفات الإقليمية والدولية بشكل يعاكس المصالح الإسرائيلية. ومع استمرار تطور هذا التعاون، من الممكن أن يُشعل صراعًا طويل الأمد بين تل أبيب وأنقرة في الأراضي السورية، مع تصاعد التوترات في الجولان، التي تعتبرها إسرائيل منطقة استراتيجية أساسية في سياستها الدفاعية.


ومع استمرار أنقرة في تعزيز تعاونها مع دمشق، يرى محللون أمنيون أن إسرائيل قد تضطر إلى اتخاذ خطوات إضافية لتأمين حدودها، بما في ذلك زيادة دعمها للفصائل المعارضة في سوريا التي تقاوم هذا التوسع العسكري التركي.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 6