تحليل الإعلان الدستوري السوري وردود الفعل المختلفة

سامر الخطيب

2025.03.15 - 12:15
Facebook Share
طباعة

 في ظل التحولات السياسية التي تمر بها سوريا، جاء الإعلان الدستوري الجديد الذي وقعه الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ليعيد رسم ملامح الدولة السورية قانونيًا وسياسيًا، وقد أثار هذا الإعلان جدلًا واسعًا بين مختلف الأطياف السياسية، خاصة فيما يتعلق بهوية الدولة، شكل الحكم، والحقوق الممنوحة للمكونات المختلفة.


ملامح الإعلان الدستوري
تضمن الإعلان الدستوري خمسة أبواب رئيسية:
- المبادئ العامة: حيث حُددت هوية الدولة السورية وأسسها الدستورية.
- الحقوق والحريات: تناولت حقوق المواطنين والحريات الأساسية.
- السلطات الثلاث: فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وحددت صلاحيات كل منها.
- المرحلة الانتقالية: تضمنت الإجراءات القانونية والسياسية الخاصة بمرحلة ما بعد الصراع.
- الأحكام الختامية: تضمنت تفاصيل تنفيذية تخص الدستور.


رفض كردي للإعلان الدستوري
1- موقف "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد):
أعلن "مسد"، وهو المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية، رفضه للإعلان، معتبرًا أنه يعيد إنتاج الاستبداد بصيغة جديدة من خلال تكريس الحكم المركزي ومنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة، مما يقوض التحول الديمقراطي.


2- موقف "المجلس الوطني الكردي":
أبدى المجلس رفضه للإعلان الدستوري، إذ رأى أنه كُتب بعقلية تكرس فكرة "أمة واحدة ودين واحد"، متجاهلًا حقوق القوميات والمكونات الأخرى، مطالبًا بتعديلات تضمن الاعتراف بالتعددية القومية والدينية.


3- موقف "الإدارة الذاتية":
وصفت الإدارة الذاتية الإعلان بأنه استمرار للنهج البعثي المركزي، معتبرةً أنه يتجاهل التنوع السوري ويمثل تزييفًا لهوية البلاد.


ردود فعل الشارع الكردي
في محافظة الحسكة، شهدت مدينة عامودا وقفة احتجاجية رفضًا للإعلان، حيث رفع المحتجون لافتات تؤكد التعددية القومية والدينية في سوريا، رافضين قرارات تُمرر دون مشاركة جميع المكونات.


التأييد الدولي للإعلان
1- موقف الأمم المتحدة:
رحب المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، بالإعلان، معتبرًا أنه قد يسد فراغًا قانونيًا مهمًا، معربًا عن أمله في أن يشكل أساسًا للانتقال السياسي السلمي.


2- موقف الرئيس السوري المؤقت:
أكد الشرع أن الإعلان يمثل بداية جديدة لسوريا تهدف إلى تحقيق التنمية والاستقرار.


ويتضح أن الإعلان لم ينجح في استيعاب جميع الأطراف السياسية، وخاصة المكونات الكردية التي ترى أنه لم يعترف بحقوقها بشكل كافٍ، ورغم محاولة تقديم الإعلان كوثيقة إصلاحية، إلا أن معارضيها يعتبرونها تكريسًا لنهج الحكم المركزي القديم، مما يهدد فرص التغيير الديمقراطي.
قد يوفر التأييد الدولي زخمًا سياسيًا للإعلان، إلا أن رفض مكونات أساسية مثل "مسد" والمجلس الوطني الكردي قد يضعف فرص نجاحه.


يبقى مستقبل الإعلان الدستوري رهينًا بمدى قدرته على تحقيق التوافق الوطني، وبينما يعد خطوة في مسار الانتقال السياسي، فإن تجاهل المكونات الرئيسية قد يؤدي إلى استمرار التوترات والانقسامات، يتطلب نجاح المرحلة الانتقالية إشراك جميع الأطراف في صياغة عقد اجتماعي جديد يحقق التعددية والعدالة والمساواة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 6